ألف الكاتب الكبير الراحل مصطفى محمود المقالات فى بداياته بعالم الفكر ونشرتها له مجموعة من المجلات، غير أنه قبل أن يتفرغ للكتابة تماما، وفى الفترة التى اشتغل خلالها بالطب نشرت له دار المعارف مجموعة قصصية بعنوان "أكل عيش" عام 1954 أى بعد تخرجه بعام واحد والمجموعة مكونة من 7 قصص قصيرة: "سفريات، اللى يكسب، صانعو الأفراح، حلاوة السكر، انفعال، روبابيكيا، أم سيد".
والقصص جميعها تحمل نبرة الشخصيات الرافضة لواقعها الثائرة على ما يجرى من حولها الراغبة فى التغيير، ومن البداية مع قصة سفريات يتلقى البطل رسالة بأن زيزى انتحرت ومن هنا يضطر العودة إلى طنطا قبل أن يصاب بكسر فى الساقة أثناء استقلاله العربة إلى حبيبته مثل التى لم تقو على الحياة فحاولت الانتحار ومن هنا يقول "لقد انتحرت زيزى لأنها تحبنى، ، ولأن أهلها يرفضون زواجنا، ، فكيف يكون هذا حبا، كيف تحبنى وقد فشلت في حب نفسها، لا..لا هذا مستحيل"، ومن القصة الأول نتنقل إلى الراقصة التي تعيش دائما مع الذين رقصوا ولا تجد لحياتها أي معنى فحياتها ملك للأفراح والعرائس والعرسان وأهاليهم.
وفى قصة "اللى يكسب" نجد الطبيب الذى يرفض الواقع فيريد أن يجعل لحياته هدفا ومن هذا الطريق يقرر أن يخلص للعلم ويدع الماديات جانبا فيقرر أن يجعل عيادته مختبرا علميا حيا، يخوض من خلاله التجارب بحيث لا يجعل أي حالة تمر دون دراستها دراسة دقيقة لإفادة المرضى فيما بعد غير أن يصطدم بالواقع فى النهاية حين يحسب حسبته السنوية فيجد نفسه خاسراـ فالعيادة تخسر، وهو غارق في أوهامه التي تبتعد به عن الواقع الذى يرفضه فيجد نفسه فى النهاية من الخاسرين، فالجرس يدق فى رأس الطبيب ألفونس حين يجد عيادته تخسر شهريا ثلاثين جنيها، وهو مبلغ كبير فى الخمسينيات التي كتبت فيها هذه القصص وعبرت عنها تعبيرا صادقا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة