قال الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية، إنه لم يجد مشروعًا مس حياة المواطنين مثلما وجد فى مشروع حياة كريمة، فهو مشروع مسلكه حميد ويجوز التبرع له، ومشروع موجه للفقراء والنفع المشترك ودعم القرى الفقيرة؛ ومن ثم ينطبق عليه ما ينطبق على مصارف الزكاة.
وأضاف المفتى خلال لقائه الأسبوعى مع الإعلامى حمدى رزق فى برنامج "نظرة" على فضائية "صدى البلد": "إذا قلنا إن الزكاة واجبة على فئات معينة فمن باب أولى فى الحكم أن يتم صرفها فى مثل هذه المبادرات. ولا شك أننا فى مصارف الزكاة نلحظ أن الجانب الفردى المباشر فيها أولى، وفى مستوى النفع العام نلحظ أن مصرف الزكاة لا بد أن يكون مستوعبًا لكل مصالح الناس والنفع العام".
وأكد مفتى الجمهورية على أن فتاوى دار الإفتاء لا يوجد بها أى توجيه سياسى، قائلًا: "نحن نعمل من وحى الضمير الإفتائى والاستقلال الإفتائى ومناهج العلماء التى تحقق مصالح الإنسان التى نلجأ فيها إلى النصوص الشرعية والتصرفات النبوية، والاجتهادات الإفتائية المستنيرة".
وأضاف: "كما أطلقنا مشروعًا كبيرًا تحت عنوان (فتوى برو) وهو عبارة عن تطبيق إفتائى انطلق باللغتين الإنجليزية والفرنسية، ويمكن طلب الفتاوى من خلاله من أى سائل فى أى دولة فى الخارج، كما يتضمن التطبيق محتوى تثقيفيًّا، ونراعى فى القدر الذى نعطيه للمتلقى من الفتاوى، الخصوصية الغربية أو العقلية الغربية".
وأكد المفتى أن هناك ثوابت خاصة بالمسلم نعدها خطًّا أحمر لا يجوز تجاوزها أو إباحتها، أو إيجاد مشروعية فيها، فنحن نريد أن نوجد ثقافة هادئة عند هذا الشباب الغربى تكون متسقة مع الشرع الشريف.
وتطرق مفتى الجمهورية إلى الحديث عن أهمية وجود كيان "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم"، لافتًا إلى وجود ما يناهز 65 دولة أعضاء فى الأمانة حتى الآن، يجمعهم التواصل والتنسيق والتعاون، وقد انبثق عن مؤتمر الأمانة الأخير وثيقة التعاون الإفتائى، وهى وثيقة مصرية من أجل إحداث تواصل حقيقى بإجراءات معمقة تراعى الخصوصية لكل دولة من الدول؛ لأن الفتوى بنت زمانها ومكانها.
وقال المفتي: "إن قراءة النص القرآنى يحدث التكامل للرد على أى قضية إفتائية والبت فيها إلى جانب جمع المسلك النبوى الشريف وما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بالإضافة إلى الإحاطة بالنصوص، موضحًا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يجبر أحدًا على دخول الإسلام، وترك حرية الاعتقاد للآخرين.
وبشأن قضية الجهاد قال المفتى، إن قضية الجهاد انحرف بها المتطرفون إلى تأويلات فاسدة وقلبوا الباطل حقًّا، ومن ثم خدعوا الكثير معهم فى هذا الأمر، وقد وضعنا خطة لمواجهة هذه المفاهيم المغلوطة، بدأت من مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، مرورًا بإطلاق مركز "سلام لدراسات التطرف"، وإطلاق موسوعة الانحرافات الفقهية لدى الجماعات الإرهابية، حيث وجدنا انحرافات كثيرة لدى الجماعات المتطرفة وضلالات كثيرة ألبسوا بها الباطل حقًّا، ولدينا نتاج فكرى ومواد لمواجهة كافة هذه الانحرافات من بينها "الدليل المرجعى لمواجهة الفكر المتطرف".
وأضاف قائلًا: "وفى إجراءاتنا التى نتغياها فى المرحلة القادمة أننا سننظم لقاءات مع شباب الجامعات، واستخدام التكنولوجيا على أوسع نطاق، وإطلاق تطبيقات للهاتف المحمول، وتحليل كافة الحوادث فى ضوء سياقاتها ومآلاتها".
قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إننا فى حاجة ماسة إلى تسييد فقه الدولة فى الوسط الثقافى وفى عموم الناس؛ لأن هذا هو صمام الأمان بالنسبة للاستقرار الجاد وللعطاء الإنسانى الذى به نبنى المجتمعات.
وأضاف المفتي: "الدستور المصرى لا يختلف فى مراحله المتعاقبة ومجمله عن مقررات الفقه الإسلامى والشريعة الإسلامية فى اعتماد أساس نرتكن إليه جميعًا فى الدولة المدنية الحديثة التى قصدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى أول لحظة نزل فيها إلى المدينة المنورة ووضع وثيقة المدينة التى تعد دستورًا حقيقيًّا لمبدأ المواطنة الذى ننادى به هذه الأيام، لأنه الأمان الحقيقى لمجتمع يعيش فى ظل التعددية الفكرية والثقافية والعقائدية، فالناس متفاوتون ومختلفون، ولو شاء الله تعالى لجعلنا جميعًا أمة واحدة".
وتابع المفتي: "لا يوجد تعارض بين فقه الدولة الوطنية ودستور الدولة الوطنية، وأننا عندما نقرأ القرآن الكريم نجد أنه يحض على التنوع ويقص علينا التنوع الخلقى فى الكون كله، وظاهرة التنوع ظاهرة ملحوظة فى كل شيء، وبناء على هذا الأساس فالدولة الوطنية تحتوى التعددية وتضع ميثاقًا لذلك، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك بوضعه وثيقة المدينة المنورة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة