مازالت مساعى دول الاتحاد الأوروبى مستمرة بإصدار تشريعات وقوانين جديدة وفرض رقابة مشددة على أنشطة جماعات الإسلام السياسى، كما تقوم بفرض عقوبات وحظر جماعات وحل منظمات وكيانات لها علاقات أو روابط بتنظيمات الإسلام السياسى على الأراضى الأوروبية، وخلال عام 2021 اتخذت دول أوروبية خطوات تعتبر الأولى من نوعها فى حظر جماعات تنتمى لتيار الإسلام السياسى فعلى سبيل المثال تعد فيينا أول عاصمة أوروبية تحظر تنظيم الإخوان رسميا.
حظر شعارات ورموز تنظيم الإخوان فى أوروبا
وكشفت دراسة للمركز الأوروبى لمكافحة الإرهاب تعد النمسا أول دولة أوروبية تحظر تنظيم الإخوان رسميا ووسعت النمسا قانون حظر رموز التنظيمات المتطرفة وقبل هذا التوسيع، كان القانون يحظر عدة تنظيمات منها داعش تنظيم القاعدة، والذئاب الرمادية، ومليشيات حزب الله اللبنانى، وحزب التحرير. ففى 13 يوليو 2021 حظر البرلمان النمساوى تنظيم الإخوان المسلمين ومنعهم من ممارسة أى عمل سياسى، وحظر كافة الشعارات السياسية وأعلام للتنظيم من الأماكن العامة فى النمسا. وتورط التنظيم فى النمسا بتوفير بيئة خصبة للجماعات المتطرفة واستغلال الشبكة العنكبوتية فى فى خطاب الكراهية ونشر التشدد الدينى.
حظر الذئاب الرمادية فى أوروبا
أوصى البرلمان الأوروبى فى 7 يونيو 2021ً بوضع تنظيم “الذئاب الرمادية” على قائمة المنظمات الإرهابية للاتحاد الأوروبى. وكان قد صوت البرلمان الهولندى فى 19 نوفمبر 2020 بأغلبية (147) صوتا، على مقترح لمناقشة طلب حظر تنظيم “الذئاب الرمادية”. كما صادق البرلمان الألمانى فى 18 نوفمبر 2020 بدراسة حظر منظمة “الذئاب الرمادية”ا. وبالفعل أدرجت السلطات الفرنسية فى 4 نوفمبر 2020 رسميا تنظيم “الذئاب الرمادية”، على قائمة الجماعات المحظورة فى أراضيها. أعلنت الحكومة النمساوية فى 4 مارس 2019 سريان قانون حظر تنظيم “الذئاب الرمادية”.
تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية
تحظر بريطانيا وهولندا ولاتفيا وسلوفينيا فيما فرضت ليتوانيا وأستونيا قيودا قوية على دخول عناصر الحزب أراضيها، وحظرت الحكومة النمساوية فى 14 مايو 2021، أنشطة حزب الله وصنفته كمنظمه إرهابية بجناحيه السياسى والعسكرى.
الإخوان الإرهابية فى أوروبا – الواجهات وسبل المحاربة
تعد الشبكات والواجهات الاقتصادية والمالية المعقدة لجماعة الإخوان المسلمين وتغلغل هذه الأخيرة داخل المجالس والمراكز الاسلامية فى أوروبا، جزء لا يتجزأ من عملياتها الدولية الرامية إلى نشر أيديولوجيتها المتطرفة. وتتطلب معالجة التهديد الذى تشكله هذه الشبكات السرية تعاونا أوروبيا ودوليا من أجل كشفها وتحييدها.
واجهات “الإخوان الإرهابية” فى أوروبا
عملت حركات الاسلام السياسى على التغلغل فى الدول الأوروبية من خلال السعى إلى تكوين ثروات بشرية ومادية، تسمح لها بتنفيذ مشروعها العالمى. وقد باتت حركات الاسلام السياسى تتخذ بعض الواجهات التجارية والثقافية مستغلة بذلك القوانين الأوروبية فيما يتعلق بالحريات الفردية والأنشطة الاقتصادية والثقافية.
بات هناك حضور آخر لجماعات الاسلام السياسى من جوانب تجارية يعزز تمدده فى المجتمعات الاوروبية، من ذلك ما بات يعرف بـ “تجارة الحلال”. وقد ذكر تقرير لمجلة “إنسايدرز” الأمريكية، فى هذا الصدد، أن قيمة تجارة اللحوم الحلال وحدها قدرت بنحو 2.3 تريليون دولار أمريكى سنوياً. كما يتوقع أن ينمو حجم سوق الأغذية والمشروبات الحلال العالمى ليصل إلى 739.59 مليار دولار أمريكى بحلول عام 2025.
و تشمل أهم الاستثمارات الإخوانية فى أوروبا : بنك التقوى الذى أسسه الإخوانى يوسف ندا، وبنك أكيدا الدولى، الذى أسسه التنظيم الدولى، وهو متورط فى دعم العديد من الجماعات المتطرفة والأصولية، وكذلك مؤسسة أوروبا التى تأسست عام 1997، وشغل منصب مديرها التنفيذى أحمد الراوى عضو المكتب الدولى للجماعة.
وتنتشر المؤسسات الإخوانية فى أوروبا، منها مؤسسة قرطبة للحوار العربى الأوروبى فى بريطانيا، وهى منظمة دعم حقوقى وسياسى، يديرها أنس أسامة التكريتى، مؤسس أغلب المنظمات الإخوانية فى بريطانيا، فى الفترة من 1997 إلى الآن. كذلك توجد منظمة المجلس الإسلامى فى بريطانيا، فهى أكبر منظمة دعم سياسى تعمل باسم المسلمين فى بريطانيا، تأسست عام 1997 على يد قيادات جماعة الإخوان المسلمين وبمساعدة شبكة المودودى الباكستانية. ومن الأدوات الإعلامية للإخوان فى أوروبا قناة الحوار، وهى إحدى الأدوات الإعلامية المؤثرة لتنظيم الإخوان المسلمين فى أوروبا، تأسست عام 2006 على يد عدد من قيادات الإخوان، أشهرهم أنس التكريتى رئيس مؤسسة قرطبة.
وتدرك حركات الاسلام السياسى أن السيطرة على أوروبا تكمن فى السيطرة على أكبر عدد من المراكز والمجالس الإسلامية الأساسية، واستغلال التحكم فى هذه الكيانات يمكنهم من الضغط السياسى على الحكومات والدول الأوروبية على عدة مستويات، لذلك تعتبر سيطرة حركات الإسلام السياسى وخاصة تنظيم الاخوان المسلمين على المراكز والمجالس الاسلامية خطرا وتهديدا داهما على اعتبار أن مثل هذه المراكز والمجالس الإسلامية فى أوروبا تملك نفوذا وسلطة على قطاع واسع من الجاليات المسلمة والمجتمعات المحلية المسلمة.
وتتبنى الدول الأوروبية تدابير وعدة معايير لتصنيف منظمات أو إدراج كيانات على قوائم الإرهاب. كما تعتمد الجهات المعنية داخل الدول الأوروبية على عدة إجراءات لتجفيف منابع تلك المنظمات وتجميد أصولها التى تساهم فى دعم وتمويل الإرهاب.
تتأرجح التدابير والإجراءات التى اتخذتها الدول الأوربية ضد الكيانات والجماعات الإرهابية بين حظر كلى لأنشطة التنظيمات على أراضيها وحظر الرموز والشعارات ووضع قيود وتشديد المراقبة. كما تقوم الدول الأوروبية بحظر التنظيمات والكيانات والأفراد المنخرطين فى أعمال وأنشطة إرهابية أو متورطين بدعم وتمويل الإرهاب.
لايزال هناك بعض القصور بشأن كيفية تنفيذ قرارات إدراج الأفراد والكيانات والتنظيمات الإرهابية على قوائم الإرهاب. فمن حيث التطبيق لا تطبق القرارات بشكل صارم ومازالت بعض الرموز والشعارات تستخدم فى الأماكن العامة فى بعض الدول. كما أن هناك بعض التنظيمات كـ”تنظيم الذئاب الرمادية” لا تملك وضعية قانونية أو رسمية أو مكاتب ما يعقد من عمليات المراقبة لها.
ما يدفع دول أوروبا للتأنى والحذر بشأن حظر أو تصنيف أو إدراج تنظيم على قوائم الإرهاب، خوفا من استهداف مصالحها حول العالم لاسيما الشرق الأوسط. وكذلك خوفا من تنفيذ هجمات إرهابية على أراضيها.
وتعكس تقارير استخبارات الدول الأوروبية الصادرة مدى خطورة التنظيمات السياسى فى أوروبا وأنها باتت أكثر خطورة من التنظيمات الجهادية السلفية حيث إنها عملها مازال يعتمد على التخفى والسرية وتتخذ من المساجد والمراكز الإسلامية واجهة لعملها. وبسطت الجماعة سيطرتها على الحدود الشرقية لأوروبا ما جعلها مصدر إمداد وتموين لتيارات الإسلام السياسى لغرب أوروبا.
وتعد بعض عواصم الدول الأوروبية ملاذا أمنا لأنشطة واستثمارات تنظيم الإخوان المسلمين شدت تيارات الإسلام السياسى قبضتها على مراكز الفكر والمؤسسات الخيرية والمراكز الإسلامية الأوروبية. ويرجع ذلك إلى تأخر الحكومات الأوروبية فى التعامل مع تغلغل تيارات الإسلام السياسى والتساهل مع حجم أنشطتها.
ويشكل قرار حظر رموز وشعارات وحل منظمات تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين فى بعض الدول الأوروبية ضربة قوية للإخوان، بالتزامن مع تضييق على أنشطة التنظيم. تشير التقديرات إلى أن الخطوات الأوروبية المتلاحقة ضد الإخوان والتنظيمات الإرهابية ستضاعف أزمات التنظيم الحالية وهى بمثابة خسارة معنوية وخسارة إلى جماعات الإسلام السياسى فى الحصول على التجنيد وعلى التمويل.
وتتصاعد المخاوف لدى قيادات جماعة الإخوان المقيمون فى أوروبا، من تغيير سياسات الحكومات الأوروبية تجاهم، وهذا ظهر بوضوح فى امتناعهم عن استخدام شعارات التنظيم. ويسارع قادة الإخوان فى أوروبا إلى العمل لاجتذاب حلفاء جدد، والاتجاه إلى تلميع سمعة الإخوان فى عواصم أوروبا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة