شهدت مدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، اليوم الأحد، افتتاح الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار وكالة الجداوي الأثرية بمدينة إسنا، وذلك بعد الانتهاء من مشروع ترميمها و تطويرها بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، حيث رافقه خلال الافتتاح المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر، والسفير الأمريكي بالقاهرة جوناثان كوهين، والدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والعميد مهندس هشام سمير مساعد الوزير للمشروعات والمشرف العام علي القاهرة التاريخية، والدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، وعدد من أعضاء مجلس النواب والشيوخ بمحافظة الأقصر.
وأعرب الدكتور خالد العناني عن سعادته بوجوده اليوم بمدينة إسنا في صعيد مصر لافتتاح وكالة الجداوي الأثرية بعد الانتهاء من مشروع ترميمها و تطويرها والذي استغرق ما يقرب من عامين من العمل الجاد والشاق، واصفا إياها بالرائعة، وأن عملية الترميم أعادتها إلى سابق سحرها، مشرقة مرة أخرى لتجسد الدور الذي تقوم به الوزارة للحفاظ على تراث مصر الأثري والحضاري بالإضافة إلى تنمية المقومات السياحية للمدينة عن طريق إحياء و فتح أماكن جذب سياحي جديدة ووضع إسنا علي خريطة السياحة، مما يعمل على تنشيط حركة السياحية الوافدة، و رفع الوعي السياحي و الأثري وخلق فرص عمل جديدة لأهالي إسنا، مؤكدا علي أن الاهتمام ليس فقط بالأثر بل بأهالي إسنا.
وأشاد الدكتور خالد العناني بالتعاون المثمر مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال السياحة والآثار، حيث تعتبر أحد الشركاء الأساسيين للوزارة حيث يعمل في مصر العديد من البعثات الأثرية الأمريكية في مجال التنقيب والترميم الأثري، بالإضافة إلى معهد بيت شيكاغو في الأقصر ومعهد البحوث الأمريكية بالقاهرة مضيفا أنها ليست المرة الأولي أن تشارك وكالة المعونة الأمريكية الدولية الوزارة في مشاريع ترميم و تطوير بالمناطق الأثرية، حيث قامت بمثل هذه المشروعات بالأقصر و أسوان و الكرنك والجيزة والقاهرة التاريخية و الأسكندرية.
وخلال الافتتاح أعلن الدكتور خالد العناني أنه سيتم استقبال الزائرين للوكالة مجانا بنفس قيمة تذكرة دخول معبد اسنا، وذلك تنشيطا للحركة السياحية بالمدينة، والتشجيع على زيارتها، وفي نهاية الجولة قدم وزير السياحة و الآثار الشكر لجميع الشركاء المعنيين بهذا المشروع، كما خص بالشكر أيضاً، فريق العمل من المهندسين والأثريين والمرممين المصريين لما بذلوه من جهد كبير في هذا المشروع.
وأوضح الدكتور مصطفي وزيري أن مشروع تطوير وكالة الجداوي يهدف الى الحفاظ على الأثر وزيادة الوعي الأثري لدي المواطنين وإعادة اكتشاف الأصول التراثية الثقافية لمدينة إسنا بالإضافة الى زيادة تنافسية قطاع السياحة من خلال تطوير مواقع التراث الثقافي والأثري في مصر.
وأشار العميد مهندس هشام سمير الى أن المشروع استمر تنفيذه ما يقرب من العامين بالتعاون مع شركة تكوين لتنمية المجتمعات المتكاملة حيث تضمنت الأعمال ترميم وتدعيم الأساسات والأعمدة والحوائط والأسطح والأسقف الخشبية وتنفيذ أعمال الأرضيات الداخلية وإحلال التربة، وترميم العناصر الخشبية من أبواب وشبابيك بالإضافة الى ترميم و تدعيم الواجهة وتركيب نظام إضاءة متطور و تطوير الموقع العام والمرافق الخارجية والداخلية وجاري الإعداد لمشروع إعادة توظيف الأثر.
وقال الدكتور أسامة طلعت أن وكالة الجداوي تشكل بانوراما أثرية مع معبد إسنا الروماني ومأذنة الجامع العتيق وأيضا النموذج الفريد لبقية آثار إسنا. وهي منشأة تجارية شيدها حسن بك الجداوي سنة 1207 هــ، 1792 م، والذي سمي بالجداوي لأنه تولى إمارة جدة في عهد على بك الكبير سنة 1184هـ
بنيت الوكالة من طابقين من الطوب الاحمر المعروف بالآجر. يوجد بالطابق الأرضي مجموعة من الحوانيت لعرض السلع، أما الطابق العلوي فكان يستخدم لمبيت التجار ويمكن الوصول إليه عن طرق سلمين احدهما بالجهة الشمالية والأخر بالجهة الغربية والشمالية الشرقية، تطل واجهة الوكالة الرئيسية على معبد الإلة خنوم الشهير بمعبد إسنا ويتوسط كتلة المدخل الذى يعلوه عقد مدبب بداخلة ثلاثة عقود مدببة ويزخرف كوشتيه مداميك من الطوب الآجر،حيث يوجد بإسنا العديد من المباني والمساجد الأثرية ذات الطابع الخاص، منها المسجد العمري وهو أول مسجد بني في المدينة وتنتمي إليه المئذنة والذي سمي بالمسجد العمري نسبة إلى عمر بن الخطاب وفقا للعهدة العمرية.
وقد تم هدم المسجد وأعيد بناءه مرة أخرى على الطراز الحديث إلا أنه تم الإبقاء على المئذنة على وضعها القديم دون المساس بها. وقد سمي أيضا بالمسجد العتيق والجامع الكبير، ويوجد بمدينة إسنا اثنان من أقدم الأديرة وهما دير القديس "متاؤس الفاخوري" نسبة إلى عمله في صناعة الفخار وهو يقع بمنطقة توماس، ويسكنه الرهبان الأرثوذكس. أمّا الدير الثاني فهو دير الشهداء، كما تزخر المدينة بالعديد من واجهات المدينة التاريخية التى تعكس مدي التنوع الثقافي ومنها منطقة القيسارية.
ومن جانبه صرّح السفير الأمريكي جوناثان كوهين خلال الافتتاح بأن: "الولايات المتحدة ساهمت، على مدى السنوات الـ 25 الماضية، بأكثر من 102 مليون دولار للحفاظ على العشرات من مواقع التراث الثقافي في جميع أنحاء مصر". وأضاف كوهين: "نحن نتطلع إلى انتعاش صناعة السياحة في إسنا وفي جميع أنحاء البلاد حيث تقف الولايات المتحدة إلى جانب شعب مصر لتقديم الدعم وتحقيق ذلك الهدف المنشود".
وأوضح السفير الأمريكية، أنه تعمل الولايات المتحدة مع الحكومة المصرية والكيانات المحلية في إسنا بهدف تعزيز الإمكانات السياحية للمدينة، وتحقيق التوازن فيما يتعلق بالحفاظ على التراث والترويج السياحي والتطوير المجتمعي. ويؤدي هذا الدعم إلى خلق فرص عمل، وانتعاش السياحة، وزيادة استثمارات القطاعين العام والخاص، وتجديد تراث المواقع ذات الأهمية التاريخية في إسنا بما في ذلك معصرة الزيوت القديمة وسوق القيسارية، حيث استثمر الشعب الأمريكي منذ عام 1978أكثر من 30 مليار دولار لدعم التنمية الاقتصادية في مصر.
وتستثمر الحكومة الأمريكية من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 8.6 مليون دولار لتنشيط السياحة الثقافية في إسنا، بالشراكة مع وزارة السياحة والآثار، ووزارة التعاون الدولي، ومحافظة الأقصر، والشركاء المحليين بما في ذلك "تكوين لتنمية المجتمعات المتكاملة".