تمثل قضية صناعة الوعى، مهمة قومية مجتمعية تستلزم مشاركة جميع المؤسسات فيها، لتركز بشكل رئيسى على الأطفال والشباب وخلق أساليب مختلفة ومبتكرة فى الحوار والخطاب الموجه، لتتناسب مع طبيعة متغيرات العصر وبالأخص فى ظل مخاطر السوشيال ميديا والتى يستغلها قوى الشر فى تحريف الواقع ونشر الأفكار الهدامة واستقطاب الفئات العمرية الصغيرة فى نشر أفكار ظلامية أو شائعات مغلوطة .
وتجد الجماعات الظلامية، ضالتها فى قطاعات واسعة من صغار السن والأطفال الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وطلاب المدارس والعمال الصغار من محدودى الوعى والثقافة على توسيع نشاطتهم، استغلالا لتلك الحالة من محدودية الوعى وضعف القدرة على الفرز وتقييم الأفكار والمواقف، وطالب عدد من السياسيين بخطة متكاملة تتصدى فيها لهذه المحاولات من خلال مراجعة دقيقة ومتكاملة للعملية التعليمية فى الأساس وتنقية المناهج والقائمين على العملية التعليمية سواء فى المدارس أو الأزهر هذا بجانب مراجعات للمؤلفات بالسوق والانترنت .
وتؤكد الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، أن استهداف التنظيمات الظلامية على مواقع التواصل أو الجماعات التى تسعى لنشر الأفكار والشائعات المغلوطة، للأطفال والشباب يأتى فى المقدمة، لأنهم العقول البيضاء التى من الممكن التأثير فيها وهى سنوات العمر المبكرة التى يمكن زراعة الفكر المغلوط والإرهابى فيها بسهولة أو أى مساعى لنشر معلومات زائفة عن الحقائق التى تحدث فى البلاد، خاصة وأنه ليس لديها بعد انتماء فكرى أو سياسى ما وهو ما يجعلها أرضا خصبة لهم .
وأشارت "فؤاد" إلى أنه طبقا للتجارب السابقة من جماعات تريد الشر، فهى تدرك أنهم العقل الأسهل والأسرع فى التأثير ولازال يستقبل ما ينمو عقله على أساسه، وهو ما يتطلب التصدى له بخطة متكاملة من كافة المؤسسات الدينية والإعلامية والثقافية والشباب والتعليم وغيرهم .
وشددت أنه لابد من النظر والتدقيق فى القائمين على العملية التعليمية بالمدارس والجامعات والتوسع فى تدريس العلوم الإنسانية ولكن بالتأكد أيضا ممن سيدرسها، مؤكدة أنه لا يمكن أن تنجح تلك التنظيمات فى تنفيذ مخططها إلا إذا لم تضع أجهزة صناعة العقول المصرية خطتها الصحيحة فى المواجهة .
وأوضحت " أنه من الضرورى خلق أوجه حوار مع الشباب والأطفال بمواد مبتكرة ومستحدثة سواء فنية أو غيرها تكون على قدر مواجهة اللغة والأسلوب التى يتعامل بها تلك الجماعات، كما أنه من الضرورى، عمل دراسة بنقاط الضعف للتعرف على كيفية اختراق العقول والثغرات التى يمكن التسلل منها.
وطالبت الكاتبة الصحفية، بضرورة تحديث كافة المؤلفات والمناهج وأن يكون هناك خطاب دينى قادر على الوصول للشباب ومخاطبة عقلهم والتصدى لما يمكن اختراقه وأن يكون هذا الخطاب محاكى للقضايا المجتمعية والإنسانية التى يمكن أن يعانى منه الشاب، مطالبة بتطوير بيوت الثقافة ومراكز الشباب والتى تعد أخطر الأماكن التى يمكن التسلل منها وبالأخص فى القرى والنجوع .
كما أنه من الضرورى أن يكون هناك خطة متكاملة تتعاون من خلالها كافة الأجهزة المسئولة عن صناعة وعى العقول المصرية واستثمار ما لدينا من قنوات والاستعانة بمتخصصين لتطوير المحتوى الإعلامى، وتنقية كافة المناهج من الفكر المتطرف.
ويؤكد النائب عمرو درويش، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، أن صناعة الوعى لابد وأن تصل لكافة الفئات العمرية وبالأخص النشء والشباب، خاصة وأنهم العناصر الرئيسية فى أى خطط ما تعمل عليها قوى الشر فى الاستقطاب والتربية، وصولا لتكوين عنصر فاعل لديهم.
وشدد أن التعليم هو الأساس لمواجهة تلك المحاولات الخبيثة والقائمين على التدريس، وهو ما يتطلب ضرورة تنقية المناهج وعدم إتاحة أرضية فكرية تسمح بتسلل فكر متشدد ويعزز الهوية والانتماء، بجانب تأهيل المعلمين على الفكر الصحيح وكيفية تربية نشء مستنير.
ولفت "درويش" إلى ضرورة أن يكون هناك مناهج تربوية جديدة قائمة على التسامح وتعزيز الهوية المصرية، هذا بجانب تفعيل نشاط مراكز الشباب وقصور الثقافة، كما ينبغى البدء بنشاط موازى مدروس ومخطط له من خلال طرح إنتاج فكرى وفقهى مناهض للأفكار الظلامية والمناهج المتطرفة ومن ثم طرح التحرك المناهض فى نفس المساحة وصولا لطرح بدائل لمختلف تلك التصورات، وتكوين جيل متميز من الدعاة المستنيرين لصياغة رأى عام دينى منضبط دون الإخلال بثوابت الأديان السماوية.
وطالب بإتاحة تلك المؤلفات الكترونيا وعبر المشاريع الثقافية التى تستهدف القراءة للجميع بأسعار رمزية، كما أنه لابد من التخديم الدرامى والفنى عبر معالجة هذه الأفكار وغيرها من التى تحتاج إلى الوعى بشأنها، وذلك فى إطار معالجة فنية ودرامية فى المسرح والسينما والتلفزيون حتى تصل لأكبر عدد ممكن من الجمهور وحتى تصل إلى الجمهور غير المهتم بالقراءة وهو ما يتطلب استمرار الأعمال الدرامية على نهج مسلسل الاختيار والقاهرة كابول وغيرها من متطلبات وجود إنتاج درامى جديد.
ويقول النائب محمد سلطان، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن كافة جهات الدولة لابد وأن تتشارك فى هذا الدور الهام، معتبرا أن الدور الأكبر على الإعلام بإنتاج مواد فنية وإعلامية تتصدى لهذا الفكر بالعقل والمنطق والأسانيد وبالأخص فى محاولات البعض نشر شائعات مغلوطة وزائفة عن الحقائق التى تحدث فى الواقع .
وطالب عضو مجلس النواب، بضرورة تبنى وزارة التربية والتعليم خطة واضحة فى التصدى للفكر المتطرف وأن يكون هناك تنقية جادة للمعلمين وتأهيلهم، مشيرا إلى أنه من الضرورى استحداث لغة حوار مبتكرة تتناسب مع ما يدرج عبر منصات التواصل الاجتماعى، حتى تصل المعلومة بشكل ميسر وبسيط للمتلقى ومن ثم تكون هناك نتيجة على الأرض، مطالبا بضرورة وضع خطة متكاملة من كافة المؤسسات الدينية والإعلامية والثقافية والشباب والتعليم لصناعة الوعى المصرى، والاستعانة بنماذج حية تسهم فى الرغبة للاحتذاء بها.