أمانى فرج.. باحثة تبتكر مشروعا يستهدف استصلاح الأراضى بالبكتيريا

أصبحت قضية استصلاح الأراضى الزراعية قضية ملحة تشغل اهتمام الدولة المصرية فى ظل مشكلة التضخم السكانى والزحف المتزايد نحو مناطق الوادى والدلتا، والتصحر وتقليص الرقعة الخضراء وانخفاض الإنتاج الزراعى والفتك بكل ما يحفظ استمرارية الحياة للكائن الحي.

ومن هنا جاء الاهتمام بتبنى الأفكار والمشاريع التى تهدف لاستصلاح الأراضى الزراعية لزيادة الفرص الإنتاجية وتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة للمواطنين وإفاقة الاقتصاد وخلق فرص استثمارية جديدة لصالح الأجيال الحالية والقادمة. وفى ظل ازدياد أهمية استصلاح الأراضى الزراعية، تأتى سيدة بالدقهلية، بأمل يعيد الحياة من جديد.

وابتكرت الشابة أمانى فرج، ابنة مدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية، الطالبة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، والتى لم تتجاوز العشرين عاما، طريقة لاستصلاح الأراضى الزراعية بالبكتيريا الزرقاء بهدف استبدال الأسمدة الكيميائية بالسماد الطبيعى مما يحافظ على جودة المياه وبالتالى الحد من التلوث وتفشى مرض السرطان والفشل الكلوي.

وبدأ اهتمام "أماني" بمجال البحث العلمى فى المرحلة الإعدادية حيث كانت شديدة الولع بقراءة الموسوعات العلمية حول البكتيريا وأنواعها حتى اكتشفت إمكانية توليد طاقة من البكتيريا والاستفادة منها فى استصلاح الأراضى الزراعية لحماية الكوكب من المجاعات المتوقعة نتيجة انقراض الرقعة الخضراء، واستمر اهتمامها بهذا المجال حتى جاءتها فكرة المشروع فى المرحلة الثانوية واستطاعت أن تخرج فكرتها إلى النور بعد التحاقها بكلية الزراعة جامعة الزقازيق التى سلحتها بأساسيات علم البكتيريا ووضعتها على بداية الطريق للبحث العلمي، وكلية العلوم جامعة المنصورة التى أتاحت لها البيئة المناسبة لاختبار تجاربها وأبحاثها العلمية.

وكانت عائلة "أماني" هى الداعم الأول لموهبتها، خاصة جدتها التى شجعتها باستمرار ووفرت لها كافة الاحتياجات المعنوية والمادية وجعلت منها انسانة لها بصمة تعرف طريقها جيدا. كما ساهمت مدرستها فى بناء شخصيتها المطلعة نحو الابتكار والتجديد.

لم يكن ابتكار أماني لمشروع استصلاح الأراضى الزراعية بالبكتيريا الزرقاء هو التميز الأول لها، فأمانى هى صاحبة مشروع علاج الوكيما واضطربات الجهاز المناعى بالخلايا الجذعية، وقد حصلت أماني، على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى مسابقة دورى المكاتب التنفيذية، وحصلت على درع التميز لفوزها فى مسابقة فرسان القراءة على مستوى الجمهورية، وقد فازت فى مسابقة نجوم المكتبة على مستوى الجمهورية، كما حصلت على المركز الأول فى مسابقة القرآن الكريم، فضلا عن حصولها على شهادة معتمدة من منصة Ted الأمريكية، وحصلت "أماني"، على المركز الأول فى مسابقة المخترع الصغير، وصعدت للتصفيات النهائية على مستوى الجمهورية فى مسابقة تحدى القراءة العربى بالتعاون مع دولة الإمارات، كما صعدت للتصفيات النهائية على مستوى الجمهورية فى مسابقة  isef الدولية، وهى حاصلة على شهادة معتمدة من مؤسسة القادة بالقاهرة، وحاصلة على شهادة معتمدة من  Microsoft ووزارة الشباب والرياضة فى ريادة الأعمال.

تحكى "أماني" لليوم السابع عن أن مشروعها يستهدف استصلاح الأراضى الزراعية بواسطة السماد الطبيعى المكون من طحالب "النوستوك" التى تستخرج من البكتيريا الزرقاء، كمحاولة لزيادة الرقعة الخضراء التى بدأت فى التلاشي.

وأوضحت "أماني" بأن البحث تضمن التعديل الجينى الذى أقيم على البكتيريا، لمنع الأكسجين من تثبيط عمل النيتروجين، فلم يعد هناك ما يشكل عائقًا لعمل النيتروجين وسيزداد النمو الخضري. وأضافت "أماني"، "إننا نمتلك مساحات صحراوية شاسعة يمكننا استغلالها واستصلاحها عن طريق البكتيريا، خاصة وأن عمل البكتيريا يصبع أكثر فاعلية عند تعاملها مع التربة الرملية، فمشروعى يستهدف تخصيب التربة عن طريق البكتيريا عوضا عن المخصبات الصناعية التى أثبتت الدراسات تسببها فى العديد من الأمراض التى فتكت بالبيئة والبشر.

وقالت "أماني" "إن المشروع يهدف لزيادة الرقعة الزراعية وخصوبة التربة فى مصر وتقليل الفجوة الغذائية، فلابد من التكاتف لجعل مساحة الرقعة الخضراء تفوق المساحات الصحراوية القاحلة التى تفتقد لمعالم الحياة، فضلا عن دوره فى استبدال السماد الكيميائى بالسماد الطبيعى مما سيحافظ على جودة المحاصيل والمياه ويحد من تفشى مرض السرطان والفشل الكلوي، كما يستهدف المشروع تنمية الاقتصاد القومى لمصر من خلال توفير فرص عمل إضافية للشباب وزيادة المنتجات الزراعية التى تغطى احتياجات السوق المحلى وتصدير الفائض منها للسوق الخارجى مما يسهم فى زيادة الدخل القومي. حيث أن المشروع يتماشى مع رؤية مصر 2030 والذى يضع من ضمن أولوياته خلق نظام بيئى متكامل ومستدام، فالمشروع سيحد من الاعتماد على الأسمدة الكيميائية وبالتالى الحد من شرائها وتكليف الدولة أعبائها".

وقالت "أماني"، إن المشروع سيساعد مصر على الارتقاء زراعيا واقتصاديا، حيث سيؤدى الاعتماد على عناصر طبيعية من البيئة بعيدة كل البعد عن التدخل الصناعى الكيميائى سيحسن من المنتج الزراعى وسيزيد من حجم الإنتاج مما سيؤدى لتحقيق عوائد استثمارية دائمة، مما يجعله المشروع الأول من نوعه فى مصر.