حكاية مخربشات الوادى الجديد.. لوحات على صخور رملية تروى صفحات من حياة إنسان ما قبل التاريخ.. لم تتأثر بعوامل التعرية وأغلبها بطريق الداخلة وصخور الجمل الرابض.. وأبرزها منطقة السليكا الزجاجية.. صور

رغم أنها فى قلب الصحراء ولكن لم تمسها يد إنسان بسوء أو تؤثر عليها عوامل التعرية وقسوة الرياح العاتية التى تغير كل شىء تمر عليه وكأنها تتحدى المناخ والظروف الجوية وعوامل التعرية، فتؤكد لكل من يراها أن هناك من مروا هنا منذ أكثر من 20 ألف سنة وكانت لهم قصص وحكايات تركها إنسان ما قبل التاريخ فى صحراء الوادى الجديد على هيئة مخربشات تروى صفحات من تاريخ هذا الإنسان الذى عاش عقودا من الزمن وسجل لمحات من حياته على تلك الصخور فظلت باقية حتى يومنا هذا.

مخربشات-ورسوم-لاسرة-فى-منطقة-الشيخ-مفتاح

وتظهر تلك المخربشات فى عدة مناطق فى محافظة الوادى الجديد أبرزها صور كهوف محمية الجلف الكبير ومخربشات درب الغبارى والذى يشتهر بطريق الخارجة الداخلة بعد رصفه وادخاله الخدمة كطريق رئيسى يربط المركزين ببعضهما البعض، حيث تظهر فى عدة مواقع نماذج لتلك المخربشات بصورة شديدة الوضوح وأهمها فى نقطة التكوينات الصخرية بما يعرف صخور الجمل الرابض وفى محيط منطقة قرية الشيخ مفتاح والتى تتآكل تدريجيا بسبب الزحف الزراعى على المنطقة، حيث زراها العديد من البعثات المتخصصة فى الجيولوجيا والتاريخ والآثار وطالبوا بإدراج المنطقة كمحمية طبيعية شأن باقى محميات المحافظة الشهيرة .

كهف-المستكاوى-بالجلف-الكبير

وتعتبر تلك الرسوم والمخربشات متحفا مفتوحا لآثار الإنسان البدائى حيث كشفت الدراسات التى أجريت بالمنطقة عن وجود مجتمع رعوى قديم خلال فترة العصر الحجرى الحديث قرابة الحد الأقصى للغمر الجليدى الأخير قبل حوالى 21 ألف سنة، حيث كانت الصحراء الكبرى تمتد على مساحة تعادل ضعف المساحة الحالية، إلا أنه قبل حوالى 11700 سنة حدثت تغيرات مناخية ومع بداية عصر الهولوسين حيث تحول المناخ إلى رطب وممطر وتكونت غابات السافانا فى المنطقة انتشرت فيها البحيرات والوديان المائية وذلك بسبب تحرك الحزام الموسمى جهة الشمال حيث استوطنت مجموعة من البشر منطقة الجلف الكبير ونطاق مركز الداخلة وبلاط حيث جرى اكتشاف الديناصورات والزواحف البحرية فى تلك المنطقة مؤخرا .

مخربشات-بالطريقة-المسمارية-بطريق-الداخلة

وقال أيمن حسن متخصص فى سياحة السفارى فى تصريح خاص لــ"اليوم السابع" أن منطقة الجبل الرابض على طريق الداخلة الخارجة منطقة هامة يقصدها سياح السفارى لمشاهدة التكوينات الصخرية الطبيعية على هيئة حيوانات أبرزها تكوين الجمل الرابض و المئات من الرسوم والمخربشات لإنسان ما قبل التاريخ التى تروى صفحات من تاريخه ونمط حياته واعتماده على الرعى وجمع الثمار والصيد حيث كانت البيئة التى يعيش فيها بيئة بحرية وفيها المروج والمياه والأشجار وهو ما يتضح من الرسومات التى ظلت باقية حتى الآن على هيئة مخربشات على الصخور الرملية لم تتأثر مطلقا بعوامل البيئة .

الابقار-واعمال-الرعى

وأضاف حسن، أن الأبحاث المتخصصة فى تاريخ البشرية وتطور الإنسان تؤكد أن ما دلت عليه نقوش ورسوم إنسان ما قبل التاريح، حيث يوجد بها عدد من المناطق ذات الأهمية الاقتصادية والسياحة مثل منطقة السليكا الزجاجية التى تكونت من 28 مليون سنة، وكهف المستكاوى الذى يحوى أكثر من 2000 صورة من النقوش ورسوم الإنسان الأول وكهوف أخرى كثيرة.

وأكد حسن أنه حدث تحول تاريخى منذ 7000 سنة وحتى 5300 سنة قبل الميلاد، إلى مجتمعات رعوية تعتمد على تربية الماشية وخلفت وراءها لوحات فنية غاية فى الروعة تزيد عن 2000 صورة مرسومة على جدران الكهوف التى كانوا يسكنوها آنذاك، وفى عام 1930 اكتشف العالم رالف باجنولد دائرة عجيبة تؤكد على أن هؤلاء البشر كانت لديهم معرفة علمية بالوقت وحسابات الزمن، والتى اكتشف شبيها لها فى منطقة النبطة على بعد حوالى 100 كيلو غرب مدينة أبو سمبل.