أربعة رؤساء، وما يزيد عن تريليونى دولار، وأكثر من 2400 جندى أمريكى قتيل، وعشرات الآلاف الآخرين من الأفغان، هو حصاد الحرب الأمريكية فى أفغانستان التى استغرقت 20 عاما، لكنها بدأت كما انتهت، بحكم طالبان للبلاد.
وأسدلت الولايات المتحدة اليوم، الثلاثاء، الستار على المشاركة العسكرية فى أفغانستان، التى أصبحت تعرف بأطول الحروب الأمريكية على الإطلاق، بمغادرة آخر طائراتها من مطار كابول قبيل منتصف الليل بعد المشاركة فى عملية إجلاء استمرت أكثر من أسبوعين وشهدت إخراج عشرات الآلاف من الأمريكيين والأفغان.
ومع رحيل آخر جندى امريكى، احتفلت طالبان بالانتصار، وكتب المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد على تويتر يقول إن آخر محتل أمريكى انسحب من مطار كابول فى تماما الثانية عشر بعد منتصف الليل، وحازت بلادنا على الاستقلال الكامل.
وقال المسئولون الأمريكيون إن إجمالى 122 ألف رجل وطفل وامرأة، تم إجلائهم من البلاد، منهم 79 ألف على متن طائرات عسكرية أمريكية، والباقى على متن طائرات دول التحالف.
وبدأت الحرب الأمريكية على أفغانستان التى عرفت باسم عملية "الحرية الدائمة" فى لحظة غير مسبوقة من الوحدة الوطنية فى الولايات المتحدة بعد هجمات سبتمبر الإرهابية، واتهام الاستخبارات لتنظيم القاعدة بقادة أسامة بن لادن الموجود فى أفغانستان، بالوقوف ورائها.
وتقول صحيفة واشنطن بوست إنه برغم تكاليف الحرب الهائلة واستمرارها على مدار أربع إدارات متعاقبة، إلا أن الرحيل النهائى أعاد أفغانستان إلى حكم طالبان بلا منازع بعد عقدين من الإطاحة بهم فى بداية الغزو الأمريكى.
وكان الرئيس الأمريكى جو بايدن أعلن خطط سحب آخر القوات الأمريكية المتبقية فى أفغانستان فى مايو الماضى، وطلب بايدن الرئيسين السابقين جورج دبليو بوش وبارك أوباما لإخبارهما بالأمر، ولم يكن يرغب فى تسليم تلك الحرب لرئيس خامس على حد قوله، أو إرسال جندى امريكى ىخر ليلقى حتفه هناك.
لكن الموعد النهائى للانسحاب الذى حدده بايدن فى 31 أغسطس، تسبب فى الانهيار السريع للقوات الأفغانية، بحسب ما تقول صحيفة "يو إس إيه توداى"، وتقدم طالبان والإجلاء الفوضوى لأكثر من 116 ألف أمريكى وأفغانى، وتفجير انتحارى من قبل تنظبم داعش خراسان، والذى كان من أسوأ الهجمات خلال فترة الحرب وأشدها دموية، مما عرض بايدن لانتقادات واتهامات بعدم كفاءة إدارته.
وبعد سنوات من الصعود والهبوط فى أرض المعركة وفى حجم القوات القتالية الأمريكية والأجنبية، والتى تقلصت إلى عدة آلاف خلال إدارة ترامب، جاءت النهاية سريعا. وفى شهر تقريبا، نشرت طالبان سيطرتها على كافة المدن الكبرى، وانهارت الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة وفر الرئيس أشرف غنى من البلاد.
وفيما يتعلق بالثمن المادى للحرب، قالت هيئة الإذاعة البريطانيىة بى بى سى إن الأغلبية العظمى من الإنفاق فى أفغانستان جاء من الولايات المتحدة. ففى الفترة بين عامى 2010 و2012، حيث كان لدى أمريكا أكثر من 100 ألف جندى فى البلاد، وصلت تكلفة الحرب إلى نحو 100 مليار دولار سنويا، وفقا لأرقام الحكومة الأمريكية. ومع تحويل الجيش الأمريكى التركيز من العمليات الهجومية إلى تدريب القوات الأفغانية تراجعت التكاليف بشكل كبير.
ووفقا لوزارة الدفاع الأمريكية، فإن إجمالى الإنفاق العسكرى الأمريكى فى أفغانستان من أكتوبر 2001 حتى سبتمبر 2019، بلغ 778 مليار دولار.
وبالإضافة إلى ذلك، أنفقت الخارجية الأمريكية مع وكالة المساعدات الدولية والوكالات الحكومية الأخرى نحو 44 مليار دولار على مشروعات إعادة الإعمار، لكن هذا لا يشمل الأموال التى تم إنفاقها فى باكستان.
وتشير تقديرات مجلة فوربس الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة أنفقت 300 مليون دولار يوميا طوال العشرين عاما الماضية، أى نحو 50 ألف دولار عن كل مواطن أفغانى، حيث يبلغ تعداد الأفغان 40 مليون نسمة، اى أن الولايات المتحدة أنفقت لمحاصرة طالبان ما يتجاوز صافى ثروة جيف بيزوس وإيلون ماسك وبيل جيتش وأغنى 30 ملياردير فى أمريكا مجتمعين.
وشملت هذه الأموال 800 مليار دولار فى تكاليف القتال المباشرة، و85 مليار دولار لتجريب الجيش الأفغانى،. ةووتشير تقديرات مشروع تكاليف الحرب التابعة لجامعة براون إلى أن إجمالى الأنفاق كان 2.26 تريليون دولار.
إلى جانب سقوط نحو 2500 عسكرى أمريكى فى أفغانستان، قتل 4 آلاف متعاقد مدنى أمريكى، ونحو 69 ألف عسكرى وشرطى أفغانى، و47 ألف مدنى، إلى جانب 51 ألف فى صفوف مقاتلى المعارضة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة