كان الكاتب الروائى نجيب محفوظ فى السابعة والخمسين من عمره عام 1969، وله من الأولاد 22، حسب تعبيره فى حوار أجراه معه الكاتب الصحفى «كمال الملاخ» ونشره فى بابه الشهير «من غير عنوان» بالصفحة الأخيرة لجريدة الأهرام يوم 31 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1969.
تحدث «محفوظ» فى إجابات قصيرة عن أولاده الـ22، وشخصياته الروائية، وقراءاته الأدبية الأولى، والذين تأثر بهم، وذلك بمناسبة أول رسالة دكتوراه باللغة العربية عنه فى جامعة «كوبنهاجن» كبرى الجامعات الدنماركية الثلاث، تقدمت بها «سوزان أنور عبداللطيف، حرم «على طه حبيب» سكرتير أول السفارة المصرية فى كوبنهاجن، وموضوعها «الواقعية فى الأدب المصرى الحديث ووضوحها فى روائية نجيب محفوظ».
يذكر «الملاخ»، أن الدكتوراه تضمنت مناقشة تفصيلية خاصة فى ثلاثية محفوظ، واستعراض تحليلى للفترات الزمنية لأحداث «الثلاثية»، وشخصياتها التى ترسم فى واقعية مغلفة بشفافية الرمز صورا واقعية للمجتمع المصرى فكريا واجتماعيا وسياسيا، يثور على الاحتلال، يرفض الخضوع للقيد، ثم تستخلص الباحثة فى نهاية رسالتها، أن نجيب محفوظ ليس كاتبا فقط، ولكنه من رواد الإصلاح الاجتماعى.
سأله «الملاخ» عن عدد رواياته؟.. أجاب: 22 «وقت إجراء الحوار 1966» .. أضاف: «الجديدة فى الطريق، قصة متوسطة تحت عنوان «أصل الحكاية» وتدور فى إطار حارة فى القاهرة».. سأله عن الأقرب إلى قلبه من بين الـ22.. أجاب: «فيه جاذبية فى بعض الحاجات، زى ما يكون أب له أولاد.. منهم واحد عزيز شوية، لكنه ما بيقولش عنه، يصح يفضل ولد عن ولد بينه وبين نفسه، ولكن دايما يخفيها، ومع ذلك وحتى لا نطول وأعرف أنك ستطلع بنتيجة مهما درت ولفيت عليك، أعتقد أن «الثلاثية» و«ثرثرة فوق النيل» أقرب إلى قلبى وعقلى وأفتخر بهما بين أولادى كلهم».. سأله: «وأولادك من لحم ودم بعيدا عن أولاد الورق، أولادك الذين يحملون اسمك وعنوانك؟».. أجاب «أم كلثوم 12 سنة» و«فاطمة 9 سنوات».. سأله عن إخواته .. أجاب: كلنا إخوان و3 سيدات ونجتمع كل خميس مع والدتنا»..أما عن الشخصيات التى رسمها قلمه ومعجب بها، فقال: «زهرة فى رواية «ميرامار»، وأمينة فى رواية «بين القصرين»، ونور فى راوية «اللص والكلاب».. داعبه «الملاخ» متسائلا: «ليه كلهم ستات؟.. ضحك نجيب محفوظ مجيبا: «مش أحسن من الرجالة».
انتقل معه «الملاخ» فى الأسئلة عن «الذين تأثر بهم روائيا».. أجاب: «كتير.. إذا سألتنى حبيت مين روائيا، يمكن يكون ده المفتاح.. والواحد إذا ما أحب قوى الغالب ينضحوا عليه.. تأثرت من غير شك بـ«تولتسوى» و«بروست» و«كافكا»، ولغاية دلوقتى أقرأ لـ«شكسبير».. إعجابى به لا حد له.. إنما عن القصة القصيرة فهناك «موبسان» وتشيكوف «وسومرست موم».. سأله الملاخ، عن الذين قرأ لهم فى طفولته وتأثر بهم.. أجاب: «روايات حافظ نجيب، ورواية بوليسية من 22 جزءا.. جونسون.. ويمكن المنفلوطى، وبرضه مترجم ولكنه ممصر قوى «مجدولين، الشاعر، فى سبيل التاج»، وعندما كبرت هناك العقاد، أقرأ له فى جريدة «السياسة»، عندما كنت من تلامذة الوفد، ثم فى البلاغ الأسبوعى هو وطه حسين وهيكل «باشا»، أقرأ لهم فى الصحيفة اليومية، أما أول رواية فكانت «أهل الكهف» لتوفيق الحكيم.. كنت طالبا فى الجامعة».
سأله «الملاخ»: «وعندما قابلتهم؟».. أجاب: أنا أحب على البعد مفيش أديب كبير قعدت معه غير طه حسين وتوفيق الحكيم.. طه حسين فى نادى القصة.. وتوفيق الحكيم سعيت أنا بنفسى للتعرف به، وبقيت من رواد جلسته.. سأله: «انطباعك بين الأدب والإنسان فى كل واحد منهم».. أجاب: العقاد ترك فى نفسى كرامة الأديب كأديب، إزاى الأديب يبقى محترم من غير ما أجعله تابعا لسلطة أو لشخص، خروجا عن المألوف فى الأدب العربى اللى كان يستند إلى دولة أو أمير.. طه حسين، بث فينا روح حرية الفكر.. توفيق الحكيم هو معلمنا الحقيقى للأشكال الأدبية الحديثة.. أنا تعلمت فى الجامعة فلسفة، ولكن تعلمت الأدب الحقيقى من أدب توفيق الحكيم، وهو كان من ناحية تانية توأم للعقاد، من ناحية إزاى واحد ابن ذوات يشتغل وظيفة فى ذلك الوقت من أسمى الوظائف، وكيل نيابة ثم يترك وظيفته وكل شىء علشان يتخصص للأدب والرواية.. العقاد وتوفيق الحكيم وفرا علينا جهاد 100 سنة، لم يعد الأدب مهنة المرتزقة».
سأله «الملاخ»: «والفلسفة؟».. أجاب: مع الزمن فقدت إيمانى بالفلسفة.. لم أعد أؤمن إلا بالعلم، العلم فى مجموعه، ولكن أكثر من الفلسفة تأثرت بالفن، بالسينما.. السينما الحديثة بدأت تستهوينى، على الأقل فى الجمعة أذهب للسينما مرة أو مرتين.. وأضاف: الممثلة التى تركت فىّ أثرا هى «جريتا جربو» و«انجريد برجمان».. أعشق فنهما».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة