تولى الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، اهتماما كبيرا باستعادة الرونق التاريخى والحضارى للمواقع الأثرية فى مصر، لإظهار ما تتمتع به مصر من نسيج عمراني متميز وتعدد المباني التاريخية وما تتسم به من رقى وتفرد، وذلك بجانب أعمال إنشاء مدن جديدة وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، اتساقا مع الجمهورية الجديدة وما ترفعه من شعار "حياة آدمية لكل المصريين .. وتعظيم الوعى والتنوير بتاريخ وحضارة مصر ".
ووضعت الدولة استراتيجية واضحة، بالعمل على الانتشار الأفقى من خلال إعمار الأرض واستحداث مناطق جديدة، وإنشاء مدن من الجيل الرابع، بالتوازي على محور وهو الأصعب كلفة، وهو تطوير العمران القائم وإحياء القاهرة التاريخية، وبالفعل بدأت الدولة في كلا المحورين، حيث عملت على تطوير الريف المصري من خلال مبادرة حياة كريمة، ونجحت في مضاعفة معدلات إنشاء الوحدات السكنية في مصر مقارنة بما انجز خلال 40 سنة الماضية ، حيث كان يتم إنشاء 42 ألف وحدة سكنية في السنة، ووصلت خلال الـ 7 سنوات الماضية لإنشاء ما يوازي ما تم إنشاؤه في الـ 40 سنة الماضية، بواقع 225 ألف وحدة سكنية في السنة".
وفى إطار ذلك كلف الرئيس عبد الفتاح السيسى، الحكومة بإعادة الإحياء العمرانى للقاهرة التاريخية، وإخلاء المحافظة من الوزارات والمقرات الإدارية الحكومية، وهو ما يسمح بعودة القاهرة لدورها التاريخى والثقافى والسياحى والأثرى، وتم رصد ميزانية 2 مليار جنيه للتطوير فى المرحلة الأولى، وسترتفع تلك الميزانية إلى 6 مليارات جنيه خلال السنوات المقبلة.
وتستهدف الدولة، بالتزامن مع تلك التحركات خلال الفترة المقبلة، إنهاء تنفيذ 500 ألف وحدة سكنية في عواصم المحافظات واستكمال تطوير المناطق العشوائية غير المخططة وتطوير القاهرة التاريخية، وتصل تكلفة هذه المشاريع لـ 600 مليار جنيه.
ويتمثل تطوير مشروع القاهرة التاريخية في الحفاظ على المباني الأثرية وإعادة تأهيل الأحياء التابعة للاستخدام المناسب، ويهدف المشروع لحصر الأنشطة غير الملائمة لطبيعة المنطقة التاريخية وتخصيص أماكن بديلة لها او تشجيعيها على تغيير النشاط، مثل منطقة باب زويلة وحارة الروم، ومنطقة الأزهر والحسين والفسطاط وغيرها، حيث يتم إزالة الركام وإعادة إنشاء المباني الموجودة وفق الطابع الاسلامى، مع تطوير كامل لشبكة المرافق، وذلك لتكون منطقة تراث عالمى بالتوازى مع أعمال مبادرة حياة كريمة.
وتأتى مدينة القاهرة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمى منذ عام 1979 كمدينة تمثل تخطيطها وعمائره تحفة معمارية نادرة، تجسد التقاء حضارات وتفاعلات بشرية متنوعة، ومازالت تحافظ على تخطيطها للشوارع والحارات القديمة، وتعد هذه المدينة نموذجاً متميزاً للمعمار الإسلامي، حيث جمعت العديد من الأمثلة المعمارية الفريدة من عصور الأمويين والطولونيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين.
وشهدت الكثير من مناطق القاهرة التاريخية تحولها لبؤر عشوائية ومقلب للنفايات، وهو ما يجعل هناك ضرورة للتحرك في تطويرها، منها على سبيل المثال، منطقة عين الصيرة والتى كانت مقلبا للنفايات ومصرفا للصرف الصحى ومنطقة عشوائية، وخلال سنة واحدة تحولت لمشهد جميل خلال احتفالية نقل المومياوات ومتنفس لأهالى القاهرة، وأيضا منطقة الفسطاط ظلت لسنوات مهملة وأكبر مقلب للقمامة بمصر رغم إمكانيات المنطقة أنها في طريق الفسطاط وبجانبها محور الحضارات ومتحف الحضارة.
وهو ما يأتي اتساقا مع أكد عليه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، بأن الهدف من هذا المشروع هو إحياء القاهرة التاريخية، وإعادتها لسابق عهدها من عشرات السنين، والقضاء على الإهمال الذي لحق بها، لافتا إلى أن استراتيجية تطوير القاهرة التاريخية تعتمد على عدد من المحاور، منها الحفاظ على المباني الأثرية وذات القيمة؛ من خلال الترميم وإعادة الاستخدام، وكذا العمل على إحياء النسيج العمراني التاريخي للمناطق، مع إجراء حصر للأنشطة غير الملائمة لطبيعة المنطقة التاريخية، وتخصيص أماكن بديلة لها، أو تشجيعها علي تغيير النشاط، إلى جانب تأهيل الأحياء العمرانية ذات القيمة التاريخية، وإعادة استخدامها بالاستخدام المناسب لها.
وتتضمن المشروعات الجاري تنفيذها لتطوير منطقة الفسطاط ومحاور العمل بها، وما تتضمنه من مخططات للتطوير، تشتمل على تطوير منطقة سور مجرى العيون، ومشروع عين الحياة، بالإضافة إلى المخطط العام لمشروع حدائق الفسطاط، الذي يستهدف إنشاء حديقة مركزية فى قلب القاهرة، كالتى يتم إنشاؤها فى قلب العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك على مساحة تقترب من الـ 500 فدان، تحتوى على جميع العناصر الترفيهية والخدمية لقاطني القاهرة الكبرى، وسوف تتضمن حديقة تلال الفسطاط عددًا من الأنشطة التى تعتمد على إحياء التراث المصرى عبر مختلف العصور الفرعونية والقطبية والإسلامية والحديثة، كما تتوسطها هضبة كبيرة تتيح التواصل البصرى الفريد مع أهرامات الجيزة وقلعة صلاح الدين ومآذن القاهرة.
وسيحقق مشروع حدائق الفسطاط نقلة حضارية بالمنطقة، ليمثل إحياء أول عاصمة إسلامية في أفريقيا، والحفاظ على العمارة الإسلامية الخالدة بالفسطاط ومن من المستهدف أن تصبح مدينة الفسطاط مُتحفا مفتوحا أمام الزائرين من جميع أنحاء العالم، كما يستهدف المشروع إحياء التراث المصري عبر مختلف العصور الفرعونية والقبطية والإسلامية والحديثة، وتصميم حديقة عامة تكون لها إطلالة على عدد من المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية، وإقامة عدد من المناطق، منها منطقة الحدائق التراثية، ومنطقة للمغامرات، والمنطقة الثقافية، والمنطقة التاريخية، وصولاً لتغيير وجه هذه المنطقة بالكامل، كذلك الأعمال الخاصة بتطوير ساحة مسجد عمرو بن العاص.
هذا بجانب إقامة مشروع سكني بمنطقة بطن البقرة؛ لإتاحة رصيد سكني لخلخلة باقي المناطق غير المخططة، سعيا للنهوض بمستوى الحياة بها، كما أنه جار تطوير منطقة عزبة أبو قرن، التي يقطنها نحو 4750 أسرة، ومنطقة سور مجرى العيون، ومنطقة عين الحياة، والإزالات التي تمت للعشوائيات التي كانت موجودة بها.
وحسب تصريحات إيهاب حنفى منسق عام صندوق التنمية الحضارية، فإنه يتم العمل حاليا فى تطوير عواصم المحافظات والمدن الكبرى، وحاليا نعمل فى 13 محافظة فى 32 منطقة وهى المرحلة العاجلة وهو مشروع ضخم وكبير وإنشاء 500 ألف وحدة سكنية بتلك المرحلة بتكلفة تتعدى 250 مليار جنيه.
ولفت منسق عام صندوق التنمية الحضارية، في تصريحات مسبقة له، أن مشروع تطوير القاهرة التاريخية سيعمل على إعادة مصر إلى رونقها لتنافس مصر لعواصم العالم السياحية الكبرى، مضيفا أنه سيتم نقل عدد من الحرف التى لا تتناسب مع اشتراطات القاهرة التاريخية إلى منطقة شمال الحرفيين حيث سيقام مجمع صناعى كبير على مساحة 60 ألف فدان سيستفيد منه الكثير من المواطنين.
كما يتضمن تأهيل الأحياء العمرانية ذات القيمة التاريخية، وتضم مناطق التطوير بالمرحلة العاجلة: "باب زويلة وحارة الروم ومسجد الحاكم ودرب اللبانة والفسطاط".