فى السادسة من مساء الأحد 28 فبراير الماضى، فوجئت باتصال هاتفى من الفنانة الكبيرة الراحلة دلال عبد العزيز، تقول لى فى هذه المكالمة نصا: "لو سمحت يا عمرو أكتب خبر إن أنا فى لبنان بصور مع أسرة مسلسل "ملوك الجدعنة" وكلنا فى المسلسل وقفنا حداد أول ما عرفنا بوفاة أستاذ يوسف شعبان، واللى مزعلنى إنى بصور فى لبنان ومش هقدر أحضر الجنازة"..حقيقةً لم يكن هذا الأمر غريبا أو جديدا على دلال، التى قضت حياتها الفنية فى مجاملة كل من حولها، وبالأخص الذين يمرون بظروف سيئة إن كان مرضا أو وفاة فكانت أولى الحاضرات والمتواجدات بجانب كل زميل لها فى محنته.
حقيقةً لم تكن دلال عبد العزيز متميزة فى اختيار أدوارها تليفزيونيا وسينمائيا فحسب، بل تميزت أيضا إنسانيا وسط فنانات جيلها بالسيرة الطيبة والكرم والسخاء فمشوارها الفنى الحافل بالأعمال الفنية على مدار 44 عاما، يخلو تماما من المشادات والمشاكل داخل الوسط الفنى وخارجه.
مشوار دلال عبد العزيز الفنى يستحق التوقف كثيرا أمامه، فكيف لفتاة فى الـ 17 من عمرها آتية للقاهرة من أحد مراكز الشرقية تقف أمام نجم بحجم محمود مرسى فى مسلسل "بنت الأيام"، بعدما قدمها المخرج نور الدمرداش، وتثبت نفسها وتقاتل دون ضجيج حتى تصل لحلمها، ليكون هذا المسلسل بداية إنتعاشها تليفزيونيا ومسرحيا، حيث شاركت بعدها فى مسرحيتى "خدمة إنسانية"و"فخ السعادة الزوجية"، ومسلسلات "الرجل الذى أحبه" و"مبروك جالك ولد"و"أصيلة" حتى جاءت لها الفرصة كى تتصدر أفيش العرض المسرحى "أهلا يا دكتور" عام 81 مع نجمى الكوميديا سمير غانم وجورج سيدهم صاحبا الصوت الأعلى فى الكوميديا المسرحية آنذاك، حتى واجهت أحقادا كثيرة ويتم مناداتها بالفلاحة من زميلاتها فى العرض، بحسب قولها هى، خاصة بعد تصدرها البطولة النسائية فى هذا العمل، ربما كانت هذه المسرحية هى بداية معرفتها بفتى الكوميديا سمير غانم، هذا النجم الناجح المنشغل دائما وأبدا بفنه دون رغبة فى الزواج، ودون التفكير فى تأسيس أسرة، حتى إنها بشهادتها فى أكثر من لقاء تليفزيونى وحوار صحفى أنها هى التى عرضت عليه الزواج، دون خجل، ولم تضع فى حساباتها فرق السن بينهما الذى وصل لـ 23 عاما بالضبط، فرأت دلال فى سمير فتى الأحلام هادئ الطباع المحب لفنه، لكن ينقصه الإستقرار الأسرى فأرادت أن تستكمل حياته وحياتها بتواجدهما معا، لتكتمل هذه الزيجة عام 84 وتثمر عن ابنتيهما دنيا وإيمى سمير غانم، واللتان أصبحا من أهم نجمات جيلهما.
لم تخلُ مسيرة دلال عبد العزيز من المحطات الفنية المتميزة، فقدمت أكثر من 300 عملا فنيا بين السينما والمسرح والتليفزيون، ووقفت أمام كبار نجوم السينما والدراما، بعد وقوفها فى بدايتها أمام العملاق محمود مرسى، فبجانب تعاونها مع سمير غانم فى العديد من الأعمال الفنية قبل وبعد زواجهما، وقفت أمام كبار نجوم الساحة الفنية الذين تصدروها على مدار عقود من الزمان، حيث عملت مع الزعيم عادل إمام فى فيلم "النوم فى العسل" وتعاونت مع النجم يحيى الفخرانى فى مسلسلى "للعدالة وجوه كثيرة"،و"ابن الأرندلى" ونور الشريف فى أكتر من عمل فنى وغيرهم، فخلال مشوار فنى بلغ 44 عاما، نجحت دلال عبد العزيز فى الجمع بين القيمة والمضمون، لتترك لابنتيها دنيا وإيمى إرثا فنيا وإنسانيا تفخران به، رحم الله دلال عبد العزيز.