قالت الدكتورة ناهد عبد الحميد إن موضوع الملتقى الهناجر الثقافة سيناقش موضوع "الشخصية المصرية"، وهو أحد الموضوعات التي يتسع لها العديد من الحلقات النقاشية، وذلك للأبعاد الكثيرة التي تمتاز بها الشخصية المصرية من تنوع ثقافي وحضاري وتاريخي متفرد.
الدكتورة ناهد عبد الحميد
وتابعت الدكتورة ناهد عبد الحميد، خلال إدارتها لـ"ملتقى الهناجر الثقافي"، استطاع الإنسان المصري القديم في تحدي الطبيعة واستطاع تغير مجري فيضان النيل، وتطويعه للإرادة المصرية وخلد بشخصيته المتفردة الحضارة المصرية القديمة، والتي مازالت آثارها موجودة حتى الآن تبهر العالم أجمع، لافتًا إلى أن المؤرخ الكبير جمال حمدان عندما قال: "أن مصر هبة المصريين" وليس كما قال المؤرخ هيردوت أن مصر هبة النيل.
وأكدت الدكتورة ناهد عبد الحميد، على أن الشخصية المصرية تستطيع أن تتغلب على كل الصعاب والمحن الأزمات،والمشكله. وتخرج منها أكثر قوة.بل أكثر جسارة.
خلال الملتقى
وقد وجهت الدكتورة ناهد عبد الحميد التساؤل الأول للدكتور والمفكر وسيم السيسي الخبير في علم، وهو من نحن؟، وهو التساؤل الصعب الذي سنحاول من خلاله معرفة الشخصية المصرية.، وردًا على ذلك قال الدكتور وسيم السيسي: وأنه من أصعب الأشياء أن نجيب على تساؤل من نحن؟، وكما قال سقراط، من أصعب أن نعرف من نحن؟، لأن ما نعتقد أننا عليه، إنما هو في حقيقة الأمر ما نريد أن نكون عليه، فكل إنسان يرى نفسه من أربعة جهات، أولا الإنسان كما يرى نفسه؟ وكيف يراه الآخرون؟ وكيف يراه أقرب الناس إليه؟، والإنسان كما يراه الله؟ وفي محاولتنا للإجابة يجب أن نعود إلى التساؤل من هم المصريين؟"
وتابع المفكر وسيم السيسي متسائلاً:"من نحن كمصريين؟، وهنا نعود إلى الإنسان المصري إلى ما قبل التاريخ، فهناك مجموعة من العلماء قاموا بعمل بحث علمي كبير لمدة عشرة أعوام وكان البحث يدور حول تساؤل من أين بدأت البشرية، والتي أكدت نتائج البحث على أن المصريين هم أصل كل الأجناس، وهو البحث المنشور في احدى المجلات العلمية تحت عنوان "المصريون فينا جميعًا" أي أن الجينات المصرية موجودة في كل الأجناس سواء الأسيوية أو الأوروبية والتي تعود لأكثر من 55 ألف سنة مضت، بل تعود إلى العصر الحجري.
وفي محاولته للإجابة عن تساؤل من نحن كمصريين من الناحية الجينية أكد المفكر وسيم السيسي أن الأبحاث العلمية أثبتت أيضًا أننا كمصريين اليوم شعب واحد، وأن الجينات الوراثية للمصريين تؤكد على أننا كمصريين نحمل نفس الجين الوراثي حيث قال :"نحن أحفاد الفراعنة وأن جينات المصريين الآن تمثل 87.6 %من البصمة الوراثية من الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" وأننا شعب واحد وأن 97%من المصريين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين يحملون نفس الجينات الوراثية، وهي النتائج التي حققتها دراسات الباحثة "مارجريت كامبل" والتي قامت بها في مطلع القرن الـ 20 ".
الدكتور أسامة الأزهرى
وقال الشيخ الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية: إن كتاب الشخصية المصرية، له قصة وحكاية والتي بدأت تجميع على مدى عدة سنوات كل ما أمكنني الوصول إليه من كتب وإصدارات تحدد الشخصية المصرية، والإنسان المصري، والتي من أبرزها كتاب عبقرية دراسة مصر "الشخصية المصرية دراسة في عبقرية المكان لجمال حمدان، ووصولاً إلى سر التحولات في الشخصية المصرية للدكتورة عزة عزت، وكتاب تشريح الشخصية المصرية للدكتور أحمد عكاشة، وكتاب والأعمدة السبعة للشخصية المصرية للدكتور هلال حنا، وكتاب ماذا حدث للمصريين في الخمسين عامًا للدكتور جلال أمين، وعدد كثير من الكتابات التي عكفت على قراءتها".
خلال الملتقى
ولفت الدكتور أسامة الأزهرى، إلى أن هذه القراءات قد أثمرت لديه بعض مظاهر التراجع أو التصحر في الشخصية المصرية، فنحن كمصريين درسنا ما يمكن أن يكون نواحٍ سلبية في الشخصية المصرية خلال السنوات والعقود الماضية، واستطعنا أن نضع أيدينا على بعض منها، وقد قررت أن أبحر في الاتجاه المعاكس، وهي أين المقومات والمفاتيح والشفرة الوراثية والخبرة المصرية العريقة المتراكمة عبر عقود وأيام التي استطاع بها هذا الإنسان المصري أن يصنع هذا العطاء الوطني النادر الفريد غير المتكرر، أين الأعمدة؟ أين المرتكزات؟ أين النظرية؟ أين القيم الكبرى المؤثرة التي صنعت شخصية الإنسان المصري؟ ، وكنت في الحقيقة شغوفًا جدًا في أن أضع يدي على هذه الشفرة الوراثية، وأستطيع أن الخص هذه المفاتيح في موقفين، واستوقفني جملة في كتاب شديد الأهمية وهو كتاب "أنوار علوى الأجرام: في الكشف عن أسرار الأهرام" للشريف أبي جعفر محمد بن عبد العزيز الحسيني الإدريسي، وقد استوقفتني كلمة عجيبة : أن خوفو باني الهر الأكبر حينما تم تشييد الهرم قال :" هذا الهرم شيدته وبنيته على مدى سنوات فمن استطاع هدمه فيفعل" والعجيب في الأمر أن نفس هذه الكلمة تحدث بها السلطان حسن بن قلاوون حينما بدأ تشييد مسجده العظيم المجاور للقلعة وهو مسجد "السلطان حسن" والذي قال عبارة مشابهة تمامًا لمقولة الملك خوفو حيث قال :"هذا المسجد شيدته في ثلاثة سنوات فمن استطاع هدمه في ثلاثين سنة فيفعل"، وهو ما نستطيع أن نخرج منه بعمق الشخصية المصرية وماهيتها، نجد أننا أمام خمسة قيم تمتاز بها الشخصية المصرية وهي قيمة الثقة بالنفس، قيمة الإتقان، وقيمة التحدي، وقيمة العلم، والإنجاز في وقت زمني قصير، وأن هذه القيم الخمسة هي المكون الأصيل والخالد والباق للإنسان المصري، فالإنسان المصري هو إنسان واثق ومتحدي ومتسلح بالعلم، إنسان يمتلك من الإتقان وقادر على أن يتحدى الزمن".
خلال الملتقى
وتابع الأزهري قائلاً: "أن ثورة مصر في الحقيقة ليس في الموارد الطبيعة من ثروات ومعادن فقط، بل إن الثورة الحقيقية في مصر في العلم والمعرفة ومكانة مصر عبر تاريخها، في أن تجلس على كرسي الأستاذية في العالم بأكمله، فنجحت مصر في تقديم العلم والمعرفة بأن يقر لها الوسط المحيط بها يشهد لها بالأستاذية، وسأقدم نموذج واحد فقط، في محاولتنا عن إجابة هذا التساؤل حول الشخصية المصرية ودور مصر الريادي، فكلنا نعرف قيمة الرئيس الجزائري الراحل الهواري أبو مدين، فكان رجلاً عظيمًا في زمنه، وهو الذي قاد حملة تعريب الجزائر واستعادة اللغة العربية بعد الاحتلال الفرنسي، وقام باستقدام البعثات المصرية لتُعيد تعليم اللغة العربية للشعب الجزائري بعد أن كاد يفقد أصوله وهويته العربية" .
خلال الملتقى
واستكمل: أن الرئيس هواري أبو مدين واسمه الحقيقي محمد بوخروبة، عندما بلغ سن 19 عامًا أراد أن يتعلم العلوم الشرعية وكان حافظًا للقرآن الكريم ومجيدًا للغة الفرنسية، وكان يريد أن يذهب للأزهر الشريف ليتعلم العلوم الشرعية، وكان من الممكن أن يذهب في هذا الوقت إلى مسجد الزيتونة في تونس وهو الأقرب إليه، ولكنه اختار بذكائه أن يدرس علوم الشرعية في أرقى وأعظم معهد علمي يقدمها وهو الأزهر الشريف في مصر، ولكن والده رفض توفير له النفقات للسفر والدراسة في مصر، فقرر أن يخوض التجربة منفردًا، وقام ببيع منزله حتى يذهب إلى المصر، وأن هذا الشغف العميق يكشف لنا عن مدى التعلق تلك القلوب بمصر، ولكنه عندما باع منزله فوجئ بأن ما لديه من مال لن يكفي تكاليف السفر، فقرر أن يذهب إلى مصر مشيًا على الأقدام وألا يتخلى عن حلمه، فالرئيس الجزائري هواري أبو مدين جاء إلى بلدكم ليتعلم فيه مشيًا على الأقدام، وكان معه ثلاثة من رفاقه منهم محمد الصالح، والذي سرد تفاصل ووقائع تلك الرحلة وأسماها "رحلة أمل" فخرج من بلده بمدينة القسطنطينة في الفجر، قاصدًا الصحراء التونسية، وقد رجع اثنين من أصدقائه لم يستقطعوا إكمال الطريق، ولم يبقى معه سوى محمد الصالح، واستمرت الرحلة إلى مصر قرابة الثلاثة شهور، وكانت رحلة شاقة مليئة بالمغامرات حتى وصل إلى مصر، ويمر الزمن ويعمل الهواري أبو مدين بالسياسية حتى يصل إلى أرفع المناصب وأصبح رئيسًا للجمهورية الجزائرية، مضيفًاوهنا نجد أن عبقرية مصر في عقلها وعلمها وجاذبيتها، فيجب أن نعتز ببلدنا.
خلال الملتقى
وتخلل الملتقى مجموعة من الفقرات الموسيقية لفرقة الفنون الشعبية بمجموعة من الأغاني التراثية المصرية والابتهالات الدينية، وعروض التنورة التراثية وذلك بقيادة الدكتور محمد باهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة