تكتسب زيارة رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتى للعاصمة الفرنسية باريس، أهمية كبيرة خاصة أنه التقى مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهى الزيارة الخارجية الأولى لرئيس الحكومة الجديدة بل الأولى لمسئول لبنانى منذ انتفاضة السابع عشر من أكتوبر 2019ما يحمل مؤشرات على أثر هذه الزيارة في الخطوات المقبلة للحكومة اللبنانية الوليدة.
ويؤشر هذا بأن تلك الزيارة تسهم فى رسم ملامح "خريطة الطريق" للحكومة ومن خلالها تبدأ بتحديد الأولويات لإنقاذ لبنان من الانهيار، خاصة أن الرئيس ماكرون حرص على استقبال ميقاتى رغم ذروة انشغاله بأزمة الغواصات مع الولايات المتحدة، وتأتى الدعوة الفرنسية انسجاما مع دور باريس لمواكبة ميقاتي وحكومته في تطبيق برنامج الإصلاحات وقد اختيار ميقاتى باريس كمحطة أولى لزياراته الخارجية يدلل على أن فرنسا تمثل الراعي الأبرز لإنقاذ لبنان خاصة مبادرة ماكرون، سرعة تحديد موعد اللقاء يؤكد حرص فرنسا على دعم لبنان و تنفيذ مبادرتها المقترحة سلفا.
ووفق مراقبون فقد تناول الاجتماع الثنائى خطوات إعادة إحياء رسم خريطة الطريق لخطة تعافى لبنان مثل إصلاحات الطاقة والكهرباء والاتصالات، فضلا عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولى.
ماكرون: لن نتخلى عن لبنان
عقب انتهاء اللقاء الذى جمع الرئيس ماكرون ورئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتى، عقد مؤتمر صحفى مشترك لهما، قال خلاله ماكرون أن فرنسا لن تترك لبنان وحيدا وستستمر بوضع يدها مع لبنان ودعم المواطنين وباريس قدمت دعماً للجيش وستواصل ذلك ، قائلا :" نؤكد دعم لبنان وأؤكد أننا مستمرون في ذلك".
وأكد الرئيس الفرنسى، أن المجتمع الدولي لن يقدم مساعدات إلى لبنان دون القيام بالإصلاحات، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة اللبنانية تعهد بالالتزام بالقيام بالإصلاحات الضرورية، وفقا لـلبنان 24
وأكد ماكرون أن لبنان يستحق وضعاً أفضل مما هو عليه الآن وأوضح: سنواصل العمل مع الحكومة الجديدة على أجندة محددة ، وأنه خلال مرحلة تشكيل الحكومة كان وضع لبنان يتدهور ووعدت بمعاقبة المسؤولين عن تأخير عملية التشكيل .
ميقاتى: عازمون عل الإصلاح
ومن جانبه قال نجيب ميقاتى، كان لي الشرف والسرور بلقاء الرئيس ماكرون إلى غداء عمل عرضنا خلاله العديد من القضايا ذات الأهمية الكبرى لبلدينا، وقد كانت فرنسا ولا تزال الحليف الدائم والثابت للبنان.
وثمن ميقاتى وقوف فرنسا إلى جاني لبنان عقب كارثة انفجار المرفأ قائلا :"أنه في الفترة الأخيرة، تعرض لبنان لسلسلة من الكوارث التي أغرقته في واحدة من أخطر الأزمات في تاريخه. في هذه المحنة ، وكنت حضرة الرئيس دائما إلى جانبنا"، استكمل ميقاتى قائلا:" لقد كنت الى جانبنا في فترة انفجار مرفأ بيروت عندما قمت بزيارتنا وعبرت عن تضامنك مع معاناة الشعب اللبناني، كما كنت الى جانبنا عندما تم تنظيم ثلاثة مؤتمرات دولية لمساعدة لبنان برعاية فرنسا.
وهذا الدعم له أهمية خاصة لأن فرنسا تمثل قلب المجتمع الدولي المكون من اشقائنا العرب وأصدقائنا في العالم. وفي هذا المجال أود أن أعبر عن امتناني وامتنان الشعب اللبناني لكم.
وأضاف ميقاتى :"أكدت للرئيس ماكرون عزمي على تنفيذ الإصلاحات الضرورية والاساسية في اسرع وقت ، بالتعاون مع حكومتي وبدعم من الرئيس ميشال عون والبرلمان ، لاستعادة الثقة وبث نفحة امل جديدة وتخفيف معاناة الشعب اللبناني.
واستطرد قائلا :"ستكون هذه الإجراءات حاسمة في إنعاش الاقتصاد، في متابعة المفاوضات الواعدة مع صندوق النقد الدولي والبدء بانهاء الأزمة.وانني واثق أنه يمكننا الاعتماد على دعم فرنسا في هذه المفاوضات"، كذلك اكدت للرئيس ماكرون تصميم الحكومة على إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل ، والتي ستسمح بتجديد الحياة السياسية التي يتوق إليها الشعب اللبناني الذي يعاني على الصعد كافة.
وأشار ميقاتى إلى مقولة الجنرال ديجول: "طالما أنني في موقع المسؤولية، فلن أسمح بإلحاق أي أذى بلبنان".
ووجه حديثه لماكرون قائلا " كل ما تقومون به هو جزء من استمرارية العمل بهذا الوعد وأنا على يقين أنك لن تسمح ، من صميم قلبك، بان يتعرض لبنان للاذى ، بل ستكون الى جانبه لاستعادة نموه وازدهاره ، ومن هدا المنطلق كانت زيارتي اليوم الى باريس"، وختم قائلا عاشت الصداقة الفرنسية اللبنانية .
تعويل على الزيارة
ومن جهة أخرى يعول اللبنانيون على هذه الزيارة، باعتبارها الطريق لحصول لبنان على الدعم، كما تمثل الزيارة نقطة انطلاق لتطبيق المبادرة الفرنسية.
و اللقاء مهم أيضا في تحديد "وجهة"المساعدات ومصيرها، خصوصًا أنه فرصة ليستمع الرئيس ماكرون إلى "أجندة" الحكومة اللبنانية، التي بلورتها في بيانها الوزاري، الذي انبثق أصلاً من المبادرة الفرنسية، وليناقش الرجلان طرق التطبيق والتنفيذ، خصوصًا مع بدء الاستحقاقات الكبرى المرتقبة الأسبوع المقبل، وأهمها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وفق ما تعهدت الحكومة.
ومن المتوقع أن تقدم باريس مساعدات قصيرة الأمد للبنان حتى عبور مرحلة الاانتخابات النيابية التى يعول علبها لتكوين مجلس جديدا ينتخب رئيسا للبنان وصولا إلى استضافة مؤتمر تأسيسي للبنان يأتي بتركيبة جديدة للسلطة.
محاور مهمة
ووفق صحيفة النهار اللبنانية فإن اللقاء الأول بين الرئيس الفرنسي وميقاتي كان يهدف لمزيد من التعارف واستكشاف ما يمكن أن تقدمه باريس في المرحلة المقبلة لمساعدة لبنان، وبحث خطة التعافي الاقتصادي التي تنوي الحكومة الاعلان عنها بمعزل عن البيان الوزاري الذي رسم سياسة الحكومة اقتصاديا وماليا وسياسيا للأشهر المقبلة.
ويسعى ماكرون أيضا إلى إعادة إعمار واستثمار مرفأ بيروت مع شركائها الاوروبيين وخاصة ألمانيا، ربطا بـ"كونسرتيوم فرنسي – ألماني لإصلاح قطاع الكهرباء على أن تقوم روسيا بتطوير مرفأ طرابلس بالتوازي مع عودة العمل بـ كونسرتيوم روسي- فرنسي حول النفط و الغاز والكثير من المشاريع الاقتصادية