تصدر الخبر جميع الإذاعات العالمية يوم 28 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1969، وكان وفقا للبيان العسكرى المصرى: «قامت فجر اليوم الأحد «28 سبتمبر 1969» الوحدات الخاصة المحمولة جوا بعملية إغارة على مناطق تجمع وقيادات العدو فى شمال سيناء، وعادت قواتنا سالمة».
أوردت «الأهرام» يوم 29 سبتمبر 1969 تفاصيل هذه العملية البطولية وكانت ضمن بطولات الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، واتخذتها الأهرام مانشيتها الرئيسى.. وذكرت فى العناوين: «ضربة جريئة لقوات الكوماندوز المصرية فى قلب تجمعات العدو»، و«القوات تنقلها طائرات هليكوبتر قامت فى الفجر بهجوم الصواريخ على مراكز احتشاد العدو وقيادته فى شمال سيناء».. وأضافت: «أكثر من 600 جندى وضابط إسرائيلى فى «مصفق» فوجئوا بالصواريخ تشعل النار فى ثكناتهم ومدرعاتهم»، و«إسرائيل تصدر بيانين تنفى فيهما وقوع أى هجوم، ثم تعود فى بيان ثالث وتعترف به».
«كان الهجوم مباغتة مذهلة للعدو، أصابته بذعر شل قدرته على الحركة، ولم تجد الوحدات المهاجمة أى محاولة للمقاومة، وعادت القوات المصرية كلها إلى قواعدها سالمة، بعد أن وجهت للعدو ضربة قوية أفقدته فيها أعدادا كبيرة من أفراده بين قتلى وجرحى، وأنزلت خسائر كبيرة فى سياراته ومدرعاته».. هكذا تصف الأهرام الحدث الذى شمل فى إثارته إنكار العدو له فى بدايته، ثم اعترافه مضطرا.
أذيع البيان العسكرى المصرى بعد السابعة صباحا بقليل، وفقا للأهرام التى أضافت: «فى دقائق كانت وكالات الأنباء نقلت نص البلاغ المصرى جميع أنحاء الدنيا، وكان أول نبأ فى جميع الإذاعات العالمية، وقبل التاسعة بقليل، رد المتحدث الإسرائيلى على البيان المصرى قائلا: «إن هذا الهجوم خيال فى خيال».
لم يصمت الجانب المصرى أمام الإنكار الإسرائيلى.. وقالت الأهرام: «قبل الظهر بدقائق، أعلن المتحدث العسكرى المصرى عن التفاصيل فى عملية وحدات الكوماندوز، وقال إن منطقة المصفق تقع فى الطرف الشمالى لسيناء، وتبعد مسافة 85 كيلومترا شرقى القنطرة، وتتمركز فيها وحدات من القوات العسكرية الإسرائيلية، يزيد عددها على 600 جندى وضابط، بالإضافة إلى مركز قيادتها، وقامت وحدات الكوماندوز بالهجوم على هذه القاعدة العسكرية من اتجاهين، مستخدمة الصواريخ متوسطة المدى بأعداد كبيرة، ووجهت ضربات مؤثرة، واشتعلت النيران فى ثكنات العدو ومعداته وسياراته، وأصيبت أعداد كبيرة من أفراد العدو، وأضاف المتحدث أن العدو فوجئ تماما بهذا الهجوم، وأعجزه عن إبداء أى محاولة على الإطلاق لمقاومة أفراد قوة المهاجمة، مما ترتب عليه قتل وإصابة أعداد كبيرة من القوات الإسرائيلية فى ثكناتهم».
كانت هذه هى المرة الأولى التى تستخدم فيها وحدات الكوماندوز فى هجومها طائرات هليكوبتر، وتذكر «الأهرام» أن المراقبين العسكريين يفسرون ذلك بأن وحدات الكوماندوز المصرية طورت أساليب هجومها، وأن العملية بداية مرحلة جديدة ومهمة فى المواجهة مع العدو، باعتبار أنها استوعبت كل عناصر التكامل لعمل عسكرى ناجح.. وأكدت «الأهرام» أن المصادر العسكرية تجمع على أن عملية مصفق نقلة مهمة وخطوة متطورة لها وزنها فى الاستراتيجية العسكرية المصرية، خاصة أن الهجوم تم فى ليلة كان القمر فيها بدرا كاملا، ولعل عنصر المفاجأة أن العدو لم يكن يتوقع أى هجوم مصرى فى القمر، لأن كل هجمات الوحدات الخاصة السابقة تمت فى الليالى المظلمة.
فى الواحدة بعد الظهر، علق المتحدث العسكرى المصرى على إصرار العدو على إنكاره للهجوم المصرى، قائلا: «رغم مضى نحو عشر ساعات على الهجوم الناجح الذى قام به أبطال الكوماندوز المصريون، فإن المحاولة الفاشلة للإنكار أوالتكذيب التى قام بها المتحدث العسكرى الإسرائيلى تؤكد كبر حجم الخسائر التى منيت بها قواته، علاوة على أنه يثير تساؤلا مهما، هل القيادة الإسرائيلية لم تخطر بعد بهذه الغارة، وبالتالى لم تبلغ المتحدث العسكرى الإسرائيلى، لأن هناك إصرارا على الكذب والإنكار كعادة إسرائيل فى بلاغاتها العسكرية، خاصة بالنسبة للعمليات الناجحة المؤثرة التى تتم ضد قواتها؟».
فى الثانية و22 دقيقة، جدد المتحدث العسكرى الإسرائيلى نفيه لوقوع الغارة، وبعد دقائق أصدر بيانا نقلته وكالات الأنباء يعترف فيه بالهجوم المصرى، لكنه حاول التقليل من حجمه للتخفيف على الرأى العام الإسرائيلى، واعترف بأن طائرات مصرية توغلت فى القطاع الشمالى من صحراء سيناء أثناء الليل أو فى وقت مبكر، وقصفت بالصواريخ منطقة على بعد 104 كيلومترات شرقى قناة السويس، وأضاف أن التفتيش فى المنطقة كشف عن وجود عدد قليل من الانفجارات العنيفة التى أحدثتها الصواريخ التى تطلق من الجو إلى الأرض على بعد نحو 21 كيلومترا شرقى مصفق، وعلقت صحيفة يديعوت أحرونوت المسائية الإسرائيلية على البلاغات المصرية حول هذه الغارة فقالت: «هى نوع من عمل جديد ينبئ بأن يقوم به المصريون فى المستقبل».