أصدرت الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض حكماَ قضائيًا، رسخت فيه لـ 4 مبادئ قضائية بشأن عقود تمليك المساكن الشعبية والاقتصادية، تصدت من خلاله لعملية التلاعب بالمساكن التي توفرها الدولة لمحدودي الدخل بأسعار مخفضة مدعومة من الدولة، قالت فيه: "صحة الشرط المانع من التصرف الوارد فى عقود تمليك المساكن الشعبية والاقتصادية، باعتباره متعلقا بالنظام العام وليس شرطا تعاقدياَ خاضعاَ لإرادة الطرفين".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 5905 لسنة 84 قضائية برئاسة المستشار ممدوح القزاز، وعضوية المستشارين عزالدين عبد الخالق، ومراد أبو موسى، وأحمد يوسف الشناوى، وأحمد رمزى.
الوقائع.. نزاع بين الجهة الإدارية وشخص اشترى شقة من أخرى من المساكن الاقتصادية
الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه سائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده بصفته وكيلاَ عن "على. م"، أقام على الطاعنين بصفتهما الدعوى رقم 6 سنة 2013 مدني المراغة الجزئية بطلب الحكم باعتبار البند العاشر من عقد البيع المؤرخ 15 نوفمبر 1983 كأن لم يكن من تاريخ نشأته، ومنع تعرض الطاعنان له في الشقة محل التداعي، وذلك على سند من القول إنه يمتلك الشقة المبينة بصحيفة الدعوى بالشراء من المالكة الأصلية التي سددت كامل الأقساط المستحقة عليها، وكان البند العاشر من العقد – سالف البيان – يعد شرطاَ مانعاَ يحول دون حقه في إجراء أي تعديل بالشقة، وبالتالي يكون باطلاَ ومن ثم فقد أقام الدعوى.
وفى تلك الأثناء – قضت المحكمة بتاريخ 30 مارس 2013 بعدم اختصاصها قيمياَ بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة سوهاج الابتدائية التي قيدت لديها برقم 302 سنة 2013، فحكمت المحكمة الأخيرة بالطلبات، واستأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 1856 سنة 88 قضائية استئناف أسيوط – مأمورية سوهاج – وبتاريخ 27 يناير 2014، قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعنان بصفتهما في هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند إلى شرط حظر البيع والتصرف
مذكرة الطعن ذكرت أن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك يقولان إن الشرط الوارد بالبند العاشر من عقد التمليك المؤرخ 15 نوفمبر 1983 يمنع التصرف في الشقة محل العقد أو تغير الغرض من استخدامها إلا بعد موافقة الجهة البائعة إذ أنه من الشروط التي أملتها سياسة الدولة في تملك المساكن الشعبية والاقتصادية، وتوافر شروط التمليك المقررة تجاه المتصرف بقصد حماية تلك المساكن من الإتجار فيها واستغلالها على خلاف ما أعدت له، كما أن ذلك الشرط لا مخالفة فيه للقانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباَ بما يستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن هذا النعي سديد – ذلك أن من المقرر – في قضاء هذ98ه المحكمة – أنه لئن كان مفاد نص المادة 802 من القانون المدني أن لمالك الشيء حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، إلا أن مؤدى نص المادتين 806، 823 من ذات القانون، وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المدني – أن الملكية ليست حقاَ مطلقاَ لأحد له بل لها وظيفة اجتماعية يطلب من المالك القيام بها، ويحميه القانون مادام يعمل في الحدود المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة، أما إذا خرج عن هذه الحدود فلا يعتبر القانون مستحقا لحمايته، ويترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فإن المصلحة العامة هي التي تقدم.
صحة الشرط المانع من التصرف الوارد فى عقود تمليك المساكن الشعبية والاقتصادية
وبحسب "المحكمة": النص في المادة 144 من دستور عام 1971 المعمول به وقت صدور عقد التمليك سند الدعوى يدل على أن من حق السلطة التنفيذية إهدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين، ويقصد بالقانون معناه الأعم فيدخل في هذا المجال أي تشريع سواء كان صادراَ من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية، وسواء أصدرته السلطة الأخيرة على سند من تفويضها من السلطة التشريعية طبقا للمادة 108 من الدستور سالف البيان أو استناداَ إلى المادة 144 سالف البيان، ورائد المشرع الدستورى أن يولى السلطة التنفيذية إصدار قواعد تشريعية تنفيذاَ للقوانين الصادرة من السلطة التشريعية لتنظيم هذا التنفيذ وفقا لضرورات العمل، فضلاَ عما في ذلك من تخليص القوانين من كثير من التفصيلات الجزئية، وبالتالي التخفيف من أعباء السلطة التشريعية، وكانت المادة 72 من القانون 49 لسنة 1977 قد نصت على أن:
تملك المساكن الشعبية والاقتصادية التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بهذا القانون نظير أجره تقل عن الأجرة المخصصة لمدة 15 سنه، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء"، وكان القرار رقم 110 لسنة 1978 الذى أصدره رئيس مجلس الوزراء تنفيذاَ لهذا النص قد نظم القواعد والشروط والأوضاع التي أولاه المشرع سلطة إصداره والتي يقتضيها هذا النص وتقتضيها طبيعة هذه المساكن وظروف إنشائها وتملكها، والحكمة من تمليكها لمستأجريها فجعل الملكية لا تمتد إلى الأرض المقامة عليها، وأن يكون التصرف فيها بالبيع أو التنازل بموافقة المختص، مما تعتبر معه هذه الشروط والقيود مفروضة بالقانون بمعناه العام ويلزم إعمالها.
البند متعلقا بالنظام العام وليس شرطا تعاقدياَ خاضعاَ لإرادة الطرفين
لما كان ذلك – وكان الثابت بالأوراق أن عقد التمليك المؤرخ 15 نوفمبر 1983 – سند الدعوى – أنه قد تضمن في بنده العاشر شرطاَ مانعاَ من التصرف أو إجراء آية تعديلات في الوحدة محل التعاقد إلا بموافقة الجهة البائعة التي يمثلها الطاعن الأول بصفته، بما يكون معه هذا الشرط إعمالاَ لقانون ملزم وليس شرطاَ تعاقدياَ خاضعاَ لإرادة الطرفين وهو بالنظر إلى ما تنعياه من مصلحة عامة هي منع المضاربة بالمساكن التي توفرها الدولة لمحدودي الدخل بأسعار مخفضة مدعومة من الدولة، فيكون متعلقاَ بالنظام العام، ويكون للطاعنين مصلحة في التمسك به، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان البند العاشر من عقد التمليك المؤرخ 15 نوفمبر 1983 سند الدعوى باعتبار أنه ليس له باعث مشروع ويعد من شروط الإذعان لكونه لم يحدد بمده معينة بما يبطله، فإنه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه.