لا عجب أن الكثير من شباب وطلائع محافظة الوادى الجديد لا يصدقون أن القطار كان يمر من هنا وكان يشق الصحراء فى رحلة مليئة بالمغامرات فى مشهد يستحق أن تشاهده باستمتاع وأنت تشاهد قطارا فى قلب الصحراء الغربية يجتاز ربوع مصر من شرقها لغربها بداية من سفاجا وحتى الأقصر ومروا بمحافظة الوادى الجديد لنقل خام الفوسفات من منجم أبو طرطور ولنقل الركاب أيضا وخاصة الموظفين والمجندين.
ولكن بعد أن يصل لمحطة قطار الخارجة جنوب المدينة بحوالى 12 كيلو يصاب بالذهول من روعة وجمال تلك المحطة الفاخرة والتى كانت تحكى مدى عظمة وجمال هذا القطار المجهز حيث أن المحطة لا ينقصها شيء ومبنية على الطراز المتبع فى هندسة المعمارى العالمى حسن فتحى ومزودة بكل التجهيزات ولكنها الآن مجرد أطلال تنتظر تفعيل قرار مجلس الوزراء بإعادة إحياء الخط من جديد.
وما زالت حكاية القطار المفقود تتردد فى الأذهان والذى يحمل رقم "3048" واعتبرته هيئة سكك حديد مصر "مفقودا" لمدة 8 سنوات على الرغم من تواجده بداخل محطة قطار الخارجة طوال هذه السنوات، تفاصيل إحياء مشروع السكة الحديد بتكلفة تبلغ اعتماداتها 4 مليارات جنيه الذى سيربط مدينة الخارجة بالأقصر وميناء سفاجا، والذى يسهم فى إحياء وتنمية محافظة الوادى الجديد عن طريق ربطها بمحافظات وادى النيل.
وجرى نقل جرارين يحملان رقمى 3048 و3076 وونش يحمل رقم 19605 ش و6 عربات كانت فى رحلتين للخارجة وباريس توقفت بسبب سرقة قضبان السكك الحديدية بطولة أكثر من 150 كيلو حيث أن القيمة الاستثمارية لوحدات القطار تقدر بـ100 مليون جنيه، حيث بلغت تكلفة الجرارين نحو 50 مليون جنيه، والونش بـ25 مليون جنيه، والعربات الست بـ25 مليون جنيه.
وما زال مبنى محطة قطار الخارجة بكامل جاهزيته رغم مرور تلك السنوات على توقف الخط والذى لم يتعرض للإهمال لكونه مجهزا بالكامل بالرخام من الداخل والحجر الفرعونى من الخارج، حيث تم إنشاء المبنى بنظام الأقبية على الطراز الواحاتى البيئى الفريد فى تصميماته وهو ما استدعى اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادى الجديد، للعمل على إعادة احياء المشروع مؤكدا أن الدولة، متمثلة فى وزارة النقل، وضعت خطة لإعادة إحياء مشروع السكة الحديد بتكلفة تبلغ اعتماداتها 4 مليارات جنيه الذى سيربط مدينة الخارجة بالأقصر وميناء سفاجا، مشيرا إلى أن المشروع، سيسهم فى إحياء وتنمية الواحات عن طريق ربطها بمحافظات وادى النيل.
وقال «الزملوط» إن المشروع سينفذ على عدة مراحل لخدمة الاستثمارات فى المنطقة، خاصة أن الوادى الجديد يمثل أحد المشروعات القومية الكبرى التى تولى الحكومة اهتماما بالغا به، والسكة الحديد تأتى ضمن خدمات البنية التحتية لجذب رءوس الأموال وخدمة المستثمرين، والدولة حاليا تسعى لإحياء المشروع مرة أخرى، لخدمة المحافظة من خلال تنفيذ مشروعات اقتصادية فى المجال الصناعى والزراعى، مؤكدا على أن عودة السكة الحديد ستخدم تطلعات المحافظة من استغلال الثروات التعدينية والمشروع المقرر لإنتاج الأسمدة الفوسفورية.
وكان خط السكة الحديد «الخارجة ــ أبو طرطورــ سفاجا» تم افتتاحه عام 1996 وتوقف بعد فترة وتعرض لسرقة قضبان السكة الحديد من أغلب أطواله، رغم أنه كان يعمل فى نقل الركاب بين الخارجة وباريس والخارجة وقنا، إلى جانب نقل خام الفوسفات من أبو طرطور إلى ميناء سفاجا لكنه توقف وتهالك منذ سنوات.
وأعلن وزير النقل مؤخرا أن إعادة إحياء وتطوير هذا الخط سيخدم مشروع المثلث الذهبى، والمساهمة فى نقل خام الفوسفات، ويساهم بشكل إيجابى فى تنمية الوادى الجديد وإنعاش حركة السياحة بين الأقصر والغردقة، حيث يتضمن المشروع إنشاء خط جديد يربط بين سفاجا والغردقة بطول 60 كم، لتشغيل قطارات للركاب لخدمة السياحة بين الأقصر والغردقة مع تعديل المنحنيات بالخط الحالى.
ويعتبر المحافظ هو أول من اهتم بهذا الموقع فعليا حيث وجه بتشكيل لجنة فنية لدراسة امكانية تشغيلها مرة أخرى ضمن خطة الحكومة لإعادة تشغيل خط سكة حديد الخارجة الأقصر سفاجا والذى كان يستخدم لنقل الفوسفات وتوقف عن العمل بعد سرقة أغلب قضبان السكة الحديد بعد قيام ثورة 25 يناير.
وعن تاريخ القطارات فى الوادى الجديد يقول محمود عبد ربه الباحث فى تراث الواحات فى تصريح خاص لــ" اليوم السابع " أن أول محطة قطار أنشئت فى المحافظة منذ عام 1936 م داخل مقر النادى الاجتماعى للمحافظة والتى أنشأها الإنجليز فى العصر الملكى وزارها الملك فاروق الأول واستقل عربة القطار أثناء زيارته داخل مدينة الخارجة حيث ما زال مبنى المحطة قائما حتى الآن بمنشآته التى لم يتم إزالتها ورصيف انتظار الركاب وشحن البضائع كما تتواجد آخر عربة نقل بضائع متبقية من القطار والتى كانت محملة بشحنة من السكر وظلت موجودة بها حتى جرى إعدامها لانتهاء صلاحيتها آنذاك.
وأضاف عبد ربه أن المحطة كانت تحتوى على لوحة تأسيس تحمل اسم الملك فؤاد الأول كما كانت دورات المياه التى جرى ترميمها تضم قطع من الرخام النفيس باللونين الأحمر والأخضر والمطلى بعروق الذهب والتى جرى إزالتها بعد توقف المحطة غلقها وكانت هذه المحطة من أهم معالم مدينة الخارجة وكانت تجاورها العين الفاروقية وهى أول عين مياه يتم حفرها فى عهد الملك فاروق وسميت باسمه وكانت تجاورها الاستراحة الملكية التى نزل فيها الملك أثناء زيارته للخارجة وهى مقر محكمة الخارجة القديمة حاليا.
وأكد عبد ربه أن هذا القطار كان يعمل بكفاءة عالية ويعتبر وسيلة نقل اساسية لجلب البضائع والسلع للمحافظة وكان يعمل تحت ادارة انجليزية مصرية فى بداية تشغيله حيث كان يستخدم ايضا لنقل الفوسفات ومواد المحاجر من مواقع بطريق الداخلة مرورا بمدينة الخارجة ومقر المحطة الرئيسية وانطلاقا عبر القرى حتى نجع حمادى حيث كان يخترق منطقة النقب الوعرة متجها إلى محافظة قنا عبر نقطة التقاء عزبة البوصة والعركى التابعة لمركز ابو تشت.