تسببت أزمة جائحة كورونا، فى إعادة ترتيب مختلف الدول لخارطة أولوياتها، وذلك نتيجة ما سببه من تداعيات وأعباء جديدة على الموازنة العامة، وهو ما جعل الوضع استثانى ومضطرب بمختلف الدول ومنها ما تمكن من الصمود والاستمرار ومنها ما انهار اقتصاده وواجهته إشكاليات كبرى، وتمكنت مصر من إحداث توازنات من الصعب تحقيقها.
وهو ما أكدته الدكتورة هالة السعيد، خلال كلمتها بمنتدى شباب العالم، الاسبوع الماضي، بأن الجائحة هي أكبر أزمة اقتصادية مرت على العالم، كما أنه لا يوجد نظام موحد للتعامل مع هذه الأزمة، وكل دولة اختلفت وفق التقدم الاقتصادى أو التركيبة السكانية فيها، لأنها أزمة صحية تتأثر بها التركيبة السكانية، والتجربة المصرية اعتمدت على مبدأ أن الصحة والخدمات حق أصيل من حقوق الانسان، حيث أن الدولة المصرية ترى أن الحق في التنمية الاقتصادية لا تتم دون مراعاة البعد الاجتماعى، وإدماج الفئات ذوى الهمم، وكذلك البعد البيئي والحفاظ على حقوق الانسان والموارد الطبيعية، قائلة "هناك توجه استراتيجي للدولة المصرية من خلال التوازن الشديد بين الحفاظ على صحة المواطن وهو أولوية أولى من خلال الإجراءات الاحترازية، وفى نفس الوقت استمرار حركة النشاط الاقتصادي".
وأثرت الجائحة على كل جوانب الاقتصاد، لينتج عنها تدهور شديد على مستوى العالم في حركة التجارة، وانخفاض معدلات الاستثمار، واضطرابات في أسواق العمل، اضطرابات في حركة التعلم وهناك 255 مليون وظيفة يتم فقدها بنهاية هذا العالم، و250 مليون مواطن بنهاية هذا العام، يدخلون في مستويات الفقر.
وتعاملت الدولة سريعا مع هذه الأزمة، بتوفير مساندة سريعة للقطاعات المتضررة من الأزمة، لتوقف قطاعات توقفت بشكل كلى مثل السياحة والطيران، أو تضررت بشكل جزئي مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتقوم على دعم ومساندة هذه القطاعات، وتقديم تسهيلات، السياسة النقدية وإعادة جدولة بعض الديون، وتوفير القروض الميسرة.
كما تم إعادة ترتيب الأولويات، بالتوجه إلى استثمارات في قطاعات مختلفة ذات الأولوية وهم التعليم والصحة والتحول الرقمى، وقامت الحكومة بترشيد الإنفاق حيث قامت الوزارة بإعادة ترتيب الأولويات للاستثمارات العامة بما يتماشى مع تداعيات الأزمة، وكذلك زيادة الاستثمارات لتمويل مشروعات الأشغال العامة لخلق مزيد من فرص العمل، وتعزيز قطاع الاتصالات ، وتوطين الصناعة، واتخاذ سلسلة من البرامج لدعم القطاعات والشركات المتضررة بشكل يمنع لجوء أصحاب تلك الأعمال من تسريح عمالهم والاستفادة من قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
كما تم تقديم منحة رئاسية للعمالة غير المنتظمة بجانب زيادة المعاشات والأجور في وقت اتخاذ دول أخرى إجراءات تقشفية، ولكن مصر كانت ترى أن هذا الدعم هو السلام والأمان الاجتماعي.
إضافة إلى تحسين جودة حياة المواطن بتركيز الجهود على المبادرة غير المسبوقة "حياة كريمة" التي أطلقها الرئيس السيسى لصالح أكثر من 58 مليون نسمة فى أكثر من 4 آلاف قرية، وتساهم فى تقديم كافة الخدمات الأساسية السكن والصحة والتنمية البشرية وتوفير فرص العمل، باستثمارات تبلغ 45 -50 مليار دولار خلال هذه المبادرة.
وحسب تصريحات مسبقة للدكتور محمد معيط، وزير المالية، أمام مجلس النواب، فإن مؤسسات التصنيف الدولية أكدت أن ما فعلته مصر فى مجال الإصلاح الاقتصادى هو إنجاز كبير جدا، فى ظل أوضاع عالمية مضطربة، يُحسب للقيادة السياسية والشعب المصرى، مؤكدا أن دول العالم تشهد لمصر أنها فعلت ما لم تتمكن كثير من دول العالم النجاح فيه، قائلا "هناك دول أوروبية كبرى كان السوبر ماركت فاضى فيها فى بداية أزمة كورونا، ومصر نجحت فى تلبية احتياجات المواطنين فى كافة القطاعات، وتأمين السلع الأساسية وحافظت على استقرار أسعار العملة".