"من أراد أن يستمع لخشوع القرآن الكريم فليستمع إلى المنشاوي، إنه ورفاقه الأربعة مقرئون؛ الآخرون يركبون مركبًا ويبحرون في بحر القرآن الكريم، ولن يتوقف هذا المركب عن الإبحار حتى يرث الله -سبحانه وتعالى- الأرض ومن عليها".. هكذا وصف الشيخ محمد متولي الشعراوى، صوت وأداء القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوى، وكان يقصد برفاقه الأربعة" الشيخ محمود على البنا، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ محمود خليل الحصري".
الشيخ محمد صديق المنشاوى
كما قال عنه الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب: "في تقديري، إنه يمكن التعليق على أي قارئ من القراء إلا المنشاوي الذي يمثل حالة استثنائية يحار أمامها الذائق الفاهم، من يتأمل مخارج الحروف عنده يصعب أن يجد لها وصفًا، وذلك لما منحه الله من حنجرة رخيمة، ونبرة شجية تلين لها القلوب والجلود معا، ويتجلى ذلك عند ختامه للتلاوة، فتراه يستجمع كل إبداع التلاوة في آخر آيتين، بحيث يجعلك تعيش معه أشد لحظات الخشوع على الإطلاق، وما عليك إلا أن تتأمل استرساله ما بين السرعة والتلقائية العجيبة، كما في سورة الإسراء، وبين الهدوء وخفض الصوت كما في سورة العلق، عند قراءته "كلاَّ إنَّ الإنسان ليطغى أنْ رآه استغنى، إنَّ إلى ربك الرجعى".
الشيخ المنشاوى وأسرته
اليوم الخميس 20 يناير تمر ذكرى ميلاد الشيخ محمد صديق المنشاوى، الذى يعد أحد أبرز وأشهر قرار القرآن الكريم في مصر والعالم حتى وقتنا هذا، رغم مرور 53 عامًا على رحيله حيث توفى في 20 يونيو من عام 1969م، ولٌقب بـ :"الصوت الباكي، ومقرئ الجمهورية العربية المتحدة".
ولد الشيخ محمد صديق المنشاوي، في مثل هذا اليوم 20 يناير عام 1920 بمركز المنشاه التابع لمحافظة سوهاج، تربى الشيخ محمد صديق المنشاوى، في منزل قرآنى فوالده وجده كانا من مشاهير قراء القرآن الكريم، ثم انتقل إلى القاهرة مع أحد أعمامه وهو الشيخ أحمد السيد، ليتلقى علوم القرآن الكريم.
المنشاوى مع أبنائه
وقال المنشاوى عن نشأته في حوار إذاعى عام 1967: "حفظت القرآن الكريم في عام 1927 في القاهرة مع أحد أعمامي، ثم انتقلت إلى مركز المنشاه في سوهاج، وأتممت الحفظ على يد الشيخ محمد النمكي والشيخ محمد أبو العلا والقارئ الشيخ رضوان أبو مسلم وكان لا يتقاضى أجر على تعليم القرآن الكريم، وكنت ملازمًا لوالدي ملازمة الظل، وكانت أول سهرة لي مع والدي في قرية "ابار الملك" بمركز أخميم في سوهاج وأعجب بي الحاضرين وقتها".
في عام 1953 اعتمدته الإذاعة قارئًا للقرآن الكريم، وقال الشيخ محمد صديق المنشاوى عن دخوله الإذاعة: "كان لى صديق أعطى فكرة عني لمدير الإذاعة وقتها أمين حماد، وطلب مروري عليه حينما آتى القاهرة، وبعد أسبوعين طلب الأستاذ أمين حماد حضوري للقاهرة ولكني رفضت، لأني كنت في شهر رمضان ولا أحب السفر في رمضان، وبعد 4 أيام أبلغني أن مدير الإذاعة سيرسل أجهزة الإذاعة والتسجيلات لاختباري في إسنا لأني كنت أحيي سهرات هناك، وعٌرضت هذه التسجيلات على اللجنة وأقرتها واعتمدني".
الشيخ المنشاوى فى إحدى السهرات
وروى الشيخ محمد صديق المنشاوي، قصة أول أجر حصل عليه قائلاً: "أول أجر حصلت عليه في ترتيل القرآن الكريم 10 صاغ وكان ذلك عام 1931 وكان عمره 11 عامًا، وأول أجر في الإذاعة 12 جنيها في تلاوة النصف ساعة وفي عام 1967 بلغ أجره في الإذاعة 25 جنيها".
سافر الشيخ محمد صديق المنشاوى إلى العديد من البلدان، بدعوات من رؤساء دول وكان يحمل فى الخمسينيات لقب "مقرئ الجمهورية العربية المتحدة"، وذكر الدول التي زارها قائلاً: "أول سفرية عام 1955 إلى إندونيسيا وحصلت على نيشان وطني، وأول بلد عربي زرتها كانت سوريا بدعوة من الإذاعة وحصلت على نيشان من سوريا ثم زرت الأردن والسعودية وليبيا والجزائر، وقرأت القرآن الكريم في المسجد النبوي والمسجد الحرام والمسجد الأقصى".
الشيخ محمد صديق المنشاوى
أنشأ الشيخ محمد صديق المنشاوي مسجدًا أسفل منزل بناه في الستينات، وقال عن قصة إنشاء المسجد خلال حواره الإذاعي: "بنيت منزلًا وبعد أن أتممته كان الدور الأرضي مخصص كجراج للسيارات ولكن المهندس رفض عمل جراج، وبالتالي تعاقدت مع هيئة البريد وأحد البنوك لاستئجار الدور الأرضى، وطلبوا بعض التعديلات وبعدما أتممت هذه التعديلات، قلت في نفسي لو أن هذا المكان يصبح مسجدًا لكان أفضل، وبعدها أحد أصدقائي وهو مسيحي قال لي أنا لو مكانك كنت عملته مسجد، وهو ما أثار الحاجة لذلك في نفسي فالتقيت الرجل الذى تعاقدت معه في البريد لطلب فسخ العقد وبالفعل فسخنا العقد وسميت المسجد باسم والدي الشيخ صديق المنشاوي".
الشيخ المنشاوى والشيخ عبد الباسط عبد الصمد في إندونيسيا
أٌصيب الشيخ محمد صديق المنشاوي بدوالى المرىء عام 1966 فنصحه الأطباء بالراحة وعدم إجهاد حنجرته إلا أنه استمر فى القراءة، حتى توفى فى 20 يونيو من عام 1969م عن عمر يناهز 49 عامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة