بنت الصحراء.. "سليمة" أول طبيبة بيطرية بدوية خرجت من البادية للعالمية.. صور

الجمعة، 21 يناير 2022 04:00 م
بنت الصحراء.. "سليمة" أول طبيبة بيطرية بدوية خرجت من البادية للعالمية.. صور سليمة عبد الرحيم
منة الله حمدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بنت الصحراء، تحمل من العديد من سمات الطبيعة الصحراوية التي تميزها عن غيرها من نساء العالم، فطبيعة الصحراء الواسعة وهبتها الفراسة وسعة الصدر وصفائه، وتعلمت من الجِمال الشموخ والعزة والصبر والقوة، ومن سحر الصحراء التأمل وسمو الروح ورهافة الإحساس وتخيل الحكاية، فينطلق لسانها بأعذب كلمات الشعر، فهى شاعرة بفطرة الصحراء. رفضت الزواج وكرست حياتها في خدمة مجتمعها البدوى.

"أشعر أن حياتي عبارة عن فيلم، ما حدث لى معجزة إلهية؛ من الصعب أن يتخيل أحد إنى سأحصل على أهم حقوقي وأتعلم" ولدت سليمة عام 1955 في "المقتلة" قرية تابعة لمدينة سيدى برانى، والتي تبعد نحو 120 كم غرب مطروح، لأم بدوية ووالد كان يعمل مزراعا، "سليمة" الأخت الوسطى وترتيبها الثالثة، رفضت الزواج وكرست حياتها في خدمة مجتمعها البدوى، قالت "سليمة" عن ولادة البنات في المجتمع البدوى: "كان في العهد السابق حين تلد المرأة بنت تنعدم مباهج الفرحة؛ أما الولد فكانت له سعادة تغمر القلوب".
 
وتتذكر"سَليمة" ابنة قبيلة الشرصات قائلة: حكت لى جدتي عن يوم ولادتى فقالت "كان يوم إثنين وكان نفس يوم ولادة فَرسة كانت لدينا، من شدة فرحتها بولادتها زغرطت وأقامت الذبيح للمهرة الصغيرة"، لأن المهرة لها فائدة خاصة لدى البدو، أما البنت فيرون أنها ليس لديها أى أهمية، بالإضافة إلى النظرة الدونية التي كانت تملأ أعينهم للفتاة في تلك الفترة، تخوفًا من أن تصدر أي فعل مُشين يقلل من شأنهم، لذلك كانت الأوامر والقرارات صارمة جدًا على الفتاة، على الرغم كان الاعتماد عليها في كل شيء، في فصل الشتاء كنا نعيش في المباني التي شيدها الإنجليز أثناء الحرب العالمية الثانية في بلدنا لتحمينا من البرد "الكامب"، وهذا من حسن حظنا أهل قرية "مقتلة"، لأن جميع القرى المجاورة كانوا يعيشون في الخيام صيفًا شتاًء، مثلما كنا نعيش نحن في الخيمات البدوية في الصحراء في فصل الصيف.
 
لحسن حظ الصغيرة تم نقل والدها من "مقتلة" إلى محافظة مطروح في عام 1960، ضمن مزارعى جهاز تنمية الساحل الشمالى الغربي لتنمية منطقة مطروح، في بيتٍ بالطين من دور واحد، ومن عادات البدو أن تتولى البنت الكبرى تربية أحد إخوتها، ولذلك فـ"سليمة" كانت منوطة بتربية أخيها الصغير الذي تناديه بـ"ابني".
 

سليمة محَت أميتها بنفسها في سن الثامنة

كانت سليمة فتاة مختلفة حققت المعادلة المفقودة في زمن تقهر فيه الفتاة، فلازمت أخيها الذي كانت تكبره بعامين، لذلك وكّل لها والدها أن تصحب الصغير إلى المدرسة كل يوم، فجذبتها الحروف والأرقام وبدأت تطّلع على واجباته المدرسية اليومية وتدرب نفسها، حتى استطاعت تعليم نفسها القراءة والكتابة، وهي في سن الثامنة.

 
حين علم والدها بهذا الأمر طلبت منه أن تلتحق بالمدرسة وترافق أخيها، فوافق على الفور، تقول" سليمة": وافق والدى كي يضمن ذهاب أخى للمدرسة كل يوم وكى أتابع دراسته، ولم يخطر في باله أنى سأكمل تعليمى، اجتزت المرحلة الابتدائية بتفوق، ومن ورائها الإعدادية، فقد وافق والدى بعد إلحاح شديد وتعهد بأن أحافظ على عادتى البدوية ولا أخل بواجباتى المنزلية وأن أكون بصحبة أخى لا أفارقه ولم يكن يعلم أحد من قبيلتى في "مقتلة" بشيء، فكان ذلك خرقًا لكافة الأعراف داخل مجتمعي البدوى.

أول بدوية من الشرصات تحصل على الثانوية العامة بتفوق

كبرت الفتاة والتحقت بمرحلة الثانوية العامة، حينها علمت القبيلة وكان رد فعلها صارم ولاقت تهديدات كثيرة كي تتوقف عن الدراسة وتتزوج، ولكنها رفضت بشدة ولم يقف بجانبها سوى تفوقها الدراسي. تقول"سليمة":" كنت بذاكر على لمبة الجاز، وياما اتحرق شعرى ووشي، كنت بالزق رجلى في رجل التربيزة عشان لما أنعس وجع رجلي يصحينى فأكمل المذاكرة، ونجحت وحقتت نص حلمى".

بـ "20 جنيه" سليمة تدخل الجامعة

واجهت" سليمة" العقبة الكبرى، فطلب منها والدها التوقف عن الاستمرار في التعليم إلى هذا الحد، وخيرها إما أن تٌكمل هي أو يُعّلم أخواتها الصغار، بكت الفتاة وقضت ليلتها حزينة، ولكن بطبيعتها لم تستسلم لقتل حلمها، في صباح اليوم التالى وأثناء شرائها الخضار من السوق، توجهت إلى مبنى المحافظة، وصعدت الدرج متجهة إلى مكتب المحافظ اللواء إبراهيم كامل في ذلك الوقت وطلبت مقابلته؛ وبعد إلحاح دخلت إليه وقالت له " عايزة أتعلم، ليا سبعة أخوات ووالدى راتبه بسيط، وحضرتك كبير القوم هنا وأنا عايزة أتعلم" نظر إليها الرجل وضحك وصرف لها على الفور مبلغ عشرون جنيهًا وانصرفت تغمرها السعادة.

الفتاة تحصل على البكالوريوس وتلتحق بمنظمة الفاو

التحقت "سليمة" بالجامعة. وكانت نصيحة والدها لها ألا يصدر منها أي خرق للعادات والتقاليد التي تربت عليها، وإلا ستعود على الفور وستحرم إخوتها البنات من التعليم مثلها. اجتازت الفتاة كافة الاختبارات وتخطت العقبات. وفي عام 1983 تخرجت في الجامعة وحصلت على بكالوريوس الطب البيطرى جامعة الإسكندرية، وفي فبرير 1984 تم تعيينها بمديرية الطب البيطرى بمطروح. وفي مارس من نفس العام التحقت بـ "منظمة الفاو" وسافرت إلى قبرص مع فريق المنظمة، وحصلت على منحة دراسية تابعة للمنظمة، وبدأت المسيرة المهنية للفتاة البدوية على الصعيد العالمى وليس المحلي أو الإقليمي فقط.
 

سليمة من صحراء البدو إلى أمريكا وأوروبا

بعد عام من التحاقها بـ"منظمة الفاو"؛ التحقت "بمنظمة العمل الدولية". ثم برنامج الغذاء العالمي؛ وفى عام 1988 كانت النقلة التي استفادة منها "سليمة " بالانضمام إلى "هيئة المعونة الألمانية" "GIZ"، وبحكم عملها زارت بعض من دول العالم منها "إنجلترا" في دورة تدريبية عن تنمية المرأة، ثم "واشنطن" لحضور برنامج عن المرأة والتصحر، ودولة المغرب لتبادل الخبرات، ومنها إلى كينيا وليبيا، أما دولة الإمارات فكانت لحصولها على جائزة الموظف المثالي من دبي.
 
وحاليًا تعمل د/ سليمة عبد الرحيم مقررة المجلس القومى للمرأة بمطروح، ورئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر بالمحافظة، ومؤسس ورئيس الجمعية الخيرية للأيتام وتلاميذ المدارس، اتقنت الدكتورة سليمة العمل الميداني فعشقته، كان هدفها ومازال تنمية البيئة البدوية والاهتمام بالمرأة وتعليمها.
 
الخيمة البدوية في الصحراء
الخيمة البدوية في الصحراء

 

تكريمات حصلت عليها الد. سليمة عبد الرحيم (1)
تكريمات حصلت عليها سليمة عبد الرحيم

 

تكريمات حصلت عليها الد. سليمة عبد الرحيم (2)
تكريمات حصلت عليها سليمة عبد الرحيم

 

تكريمات حصلت عليها الد. سليمة عبد الرحيم (3)
تكريمات حصلت عليها سليمة عبد الرحيم

 

د. سليمة عبد الرحيم
د. سليمة عبد الرحيم

 

د. سليمة فى الجمية الخيرية
د. سليمة فى الجمية الخيرية

 

د. سليمة مع أحد الأاطفال الأيتام
د. سليمة مع أحد الأطفال الأيتام

 

د. سليمة مع المحافظ
د. سليمة مع المحافظ

 

د. سليمة
د. سليمة

 

د.سليمة داخل الجمعية
د.سليمة داخل الجمعية









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة