تدعم التكنولوجيا الجديدة العالم في حربه ضد التغيرات المناخية، للحد بشكل كبير، أو شبة نهائي من كافة الملوثات على رأسها الملوثات الكربونية والميثان الناجمة عن حرق الفحم والوقود الأحفورى بكافة أنواعه والغازات المتصاعدة من بعض الزراعات على رأسها زراعات الأرز .
ومؤخرا اتجهت العديد من دول العالم، ومنها مصر لتدشين مصانع للأمونيا الخضراء كبديل عن الأمونيا التقليدية المسؤلة عن 1.5% من التلوث العالمى، ولا سيما أن إنتاجها كله يكون عبر الطاقة الجديدة والمتجددة، سواء طاقة الشمس، أو الرياح أو مساقط المياه كبديل عن انتاجها من الغاز الطبيعى .
والأمونيا عبارة عن غاز ذو رائحة قوية يستخدم على نطاق واسع في صناعة الأسمدة الزراعية، كما يستخدم في صناعة المستحضرات الطبية والنسيج والصناعات المعدنية والمنظفات المنزلية والمبيدات.
وعلميا تنتج الأمونيا الخضراء عن طريق تفاعل الهيدروجين والنيتروجين معًا عند درجات حرارة مرتفعة وضغط عال، وينتج عن عملية تصنيع الأمونيا الخضراء الماء والنيتروجين منتجات ثانوية فقط.
وتعرف تلك العملية بهابربوش (Haber-Bosch)، وهي الطريقة الرئيسة في إنتاج الأمونيا الخضراء، إذ تعتمد على الهيدروجين الأخضر، أو الذى يتم تصنعيه من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
مصر بدورها ليست بعيدة عن تلك التكنولوجيا الجديدة والهامة، ولا سيما في إطار استعدادها لتنظيم قمة المناخ بشرم الشيخ نوفمبر المقبل، حيث شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء في شهر أكتوبر 2021 ، مراسم توقيع اتفاقية انتاج الهيدروجين الأخضر بكميات تتراوح بين 50 – 100 ميجاوات، كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، وذلك بين كل من صندوق مصر السيادي، وشركة "سكاتك النرويجية" للطاقة المتجددة، وشركة " فيرتيجلوب" المملوكة لشركتي "أوراسكوم الهولندية "OCI N.، و"أدنوك" الإماراتية
تفاصيل تصنيع مصر للأمونيا الخضراء عبر الهيدروجين الاخضر
وبموجب الاتفاقية، ستتولى شركة "سكاتك" النرويجية إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات تتراوح بين 50 – 100 ميجاوات، حيث سيتم توريدها لـ"الشركة المصرية للصناعات الأساسية EBIC" المملوكة لشركة "فيرتيجلوب"، الرائدة في مجال إنتاج الأمونيا، والتي ستقوم باستخدام الهيدروجين الأخضر كمادة وسيطة تكميلية لإنتاج أكثر من 45 طنا متريا من الأمونيا الخضراء سنويًا بموجب عقد شراء طويل الأجل.
ووفقا للاتفاقية، يتوزع هيكل ملكية المشروع بين شركة "سكاتك" النرويجية، التي ستمتلك حصة أغلبية به، وصندوق مصر السيادي، وشركة "فيرتيجلوب"، وسيقام المشروع بالقرب من منشآت الشركة المصرية للصناعات الأساسية EBIC"" في المنطقة الصناعية الواقعة بالعين السخنة.
دور قطاع الأعمال العام فى التوجه لاستخدام الامونيا الخضراء
كما أن شركات قطاع الأعمال العام ، خاصة شركات الأسمدة تدرس دخول مجال الامونيا الخضراء، حيث كشف المحاسب عماد الدين مصطفى، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي للقابضة للصناعات الكيماوية، أن شركات الأسمدة العامة التابعة للقابضة ستتجه إلى استخدام الأمونيا الخضراء خلال الفترة المقبلة ،بما يتوفق مع توجه مصر والعالم نحو الاقتصاد الأخضر، ولا سيما انه سيتم استضافة قمة "كوب 27 " قمة المناخ في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ .
وأضاف مصطفى لـ"اليوم السابع" ان شركات كيما بأسوان ،والنصر للأسمدة بالسويس، والدلتا للأسمدة بالدقهلية، تسعى لاستخدام الأمونيا الخضراء، وهى عبارة عن الامونيا التي تستخدم مصادر طاقة نظيفة سواء مساقط المياه أو الكهرباء أو الرياح أو الطاقة النووية ، لافتا إلى أن هذا متاح وسيكون متاحا أكثر مع دخول مصر عصر انتاج الطاقة النووية .
وأوضح أن أهمية انتاج الامونيا الخضراء لتصنيع الأسمدة منها يأتي في إطار التوجه العالمى حيث سترفض الدول الأوروبية متقبلا استيراد الأسمدة المستخرجة من الوقود الاحفورى، مثل الغاز الطبيعى، وبالتالي من خلال رؤيتنا المستقبلية بدأنا بالفعل في هذا التوجه لمواكبة ما يحدث في العالم، للحد من الملوثات حرصا على عدم ارتفاع درجة حرارة الأرض .
وأشار رئيس القابضة أن الامونيا الخضراء ستكون ثورة في صناعة الأسمدة مستقبلا، ولا سيما إنها ستخفف بشكل كبير من الضغط على استهلاك الغاز الطبيعى الذى سيتم توجيهه للعديد من صناعات البتروكيماويات والكيماويات، بما يعزز من الاقتصاد في مصر، وفى الوقت نفسه فان الأمونيا الخضراء ستكون مستهلك قوى للطاقة النظيفة من الشمس من محطة بنبان بأسوان، أو من مساقط السد العالى أو من محطات رياح الزعفرانة، حيث سيتم تعاقد الشركات مع وزارة الكهرباء عليها مستقبلا، خاصة أن مصر من أهم دول العالم وأكثرها سطوعا للشمس.
تشغيل محركات السفن بالأمونيا الخضراء
وفى تقرير لـ بى بى سى كشف إنه يمكن في خلال عقد من الزمان استخدام مادة الأمونيا في تشغيل السفن التي تجوب المحيطات، وذلك في إطار الخطوات التي يتخذها قطاع النقل والشحن للحد من انبعاثات الكربون، بحيث يمكن حرق مادة الأمونيا الكيميائية، المكون الرئيسي للأسمدة ،في محركات السفن بدلاً من الديزل الملوث.
وأضاف التقرير أن الشركات تأمل في أن يساعد استخدام الأمونيا في التصدي لتغير المناخ، لأنها تحترق دون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويقول تقرير صادر عن الجمعية الملكية إن إنتاج الأمونيا يخلق حالياً 1.8 % من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، أي أكثر من أي صناعة كيميائية أخرى، إلا أن المشرفين على التقرير يقولون إنه من الممكن تحضير أمونيا لا ينتج عنها غاز ثاني أكسيد الكربون.
فمن بين الطرق التي يقترحها العلماء الإبقاء على ثاني أكسيد الكربون الذي يتكون عند تحضير الأمونيا قبل أن يتم حرقه في أماكن خاصة تحت سطح الأرض.
أما الطرق الأخرى لإنتاج " الأمونيا الخضراء" فهي التي تتم عن طريق الاستعانة بطاقة متجددة لا تؤدي إلى تكوين ثاني أكسيد الكربون.
وبحسب التقرير فإن الأمونيا مادة كيميائية ذات قيمة عالية، ولكنها تشكل خطراً إذا كان في المكان الخطأ.
ويقول تقرير الجمعية الملكية إن المزارعين بحاجة إلى استخدام الأمونيا بعناية أكبر، لكنه يشير إلى أن الاستخدام على نطاق واسع للأمونيا في الزراعة قد أنتج شبكة عالمية من الموانئ حيث يتم تداول المادة الكيميائية أو تخزينها، وهذا يعني أن البنية التحتية لتخزين الأمونيا المبردة كوقود شحن موجودة بالفعل، ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، يعمل خط أنابيب الأمونيا الحالي على مسافة ألفي ميل أي (3218 كيلو متر).
من جانبها تقوم شركة (مان انريجي سليوتشن) " Man Energy Solutions " بصنع محرك يعمل بنظام الأمونيا وتأمل أن يكون جاهزاً بحلول عام 2024.
وقال المتحدث بيتر كيركبي، المتحدث باسم الشركة، لـ بي بي سي: "نرى اهتماماً كبيراً جداً من السوق بالأمونيا كوقود، رغم وجود تحديات، ونتوقع أن تكون السفن الأولى التي تغذيها الأمونيا هي الناقلات الموجودة التي تنقل الأمونيا بالفعل للأسمدة، إنهم يعرفون كيفية التعامل معها ".
وقال إنه يتوقع أن تضاهي الأمونيا سعر أنواع الوقود البديلة الأخرى مثل غاز البترول المسال أو الغاز الطبيعي المسال أو الميثانول، كما يوضح التقرير كيفية أن أنواع الوقود الاخضر هذه أقل فعالية مقارنة بالديزل كثيف الطاقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة