"وراء كل امرأة عظيمة نفسها".. بهذه المقولة يمكن أن نلخص قصة كفاح أم عظيمة، لم تعرف اليأس والاستسلام قط، لم تكسرها قسوة الزمن، قهرت المستحيل بروحها المزهرة وقلبها الذي يحيا بالأمل، فبإرادة وعزيمة عاشت قوية وشامخة تناضل كالفرسان من أجل صغارها.
عاشت جميلة الروح هدى محمد صاحبة الـ35 عاما، حياتها تشق الصخر بكرامة وعزة، حاملة في قلبها قنديل الرضا؛ لتضيء به العتمة، باحثة عن ذاتها وكيانها بالعمل والكفاح، تشقى بصبر وعزيمة وروح مقبلة على الحياة، تحملت المسؤولية وتسلحت بالشجاعة والإرادة وقهرت المستحيل، وكانت خير معين لزوجها على أعباء الحياة.
فاهتدت ابنة محافظة الدقهلية بعد رحلة كفاحها الطويلة في العديد من المهن الشاقة، وبدون أي إمكانيات مالية ومادية، معتمدة على يديها وقوة تحملها، أن تفتتح مشروع مغسلة سجاد وبطاطين من داخل منزلها الصغير بمدينة بلقاس، لتساند زوجها على المعيشة، وتوفر لطفليها حياة كريمة.
وقالت هدى محمد الشهيرة بأم إيمان لـ"اليوم السابع"، إنها كافحت فى الحياة منذ أن كان عمرها 12 عاما، حيث عملت لفترة في محلات بيع ملابس، ومن ثم محلات دواجن؛ لتنفق على نفسها وتساند أسرتها على المعيشة، مضيفة أن كفاحها استمر حتى بعد أن تزوجت، فعملت لأكثر من 12 عام كعاملة في إحدى المدارس، ولظروف ما اضطرت لترك عملها في المدرسة، والبحث عن مجال آخر تجد ذاتها فيه، فاهتدت لافتتاح مغسلة سجاد وبطاطين بإحدى غرف منزلها؛ لتساند زوجها على المعيشة.
وتابعت أنها افتتحت المشروع منذ عامين، ونجحت في أن تصنع لنفسها اسما بارزا وعلامة مميزة فيه، بدون أي إمكانيات مادية تساعدها على توفير أجهزة ومعدات تنظيف السجاد والبطاطين، مشيرة إلى أنها تعمل يوميا لساعات طويلة بمفردها، لتنظيف ما يزيد عن 6 سجاجيد و5 بطاطين، معتمدة على يديها وأدوات التنظيف البدائية العادية كالمكنسة "المقشة" والمساحة والجرادل ومساحيق الغسيل.
وأوضحت أنها كانت تأمل في افتتاح محل كبير لمشروع المغسلة، يكون مجهزا بكافة الأجهزة والمعدات، ويعمل فيه عدد كبير من الشباب والفتيات، ولكن بسبب ضعف الإمكانيات لم تتمكن من تحقيق ذلك، وقررت أن تحقق حلمها خطوة بخطوة وبأقل الإمكانيات، وإن كان ذلك سيجهدها ويتعبها، مشيرة إلى أنها تعمل بمفردها وبيديها تنظف يوميا ولساعات طويلة عدد كبير جدا من السجاد والبطاطين بكل أحجامهم وأنواعهم في غرفة صغيرة جدا بمنزلها، على أمل أن تتمكن في يوم من الأيام من شراء آلة غسيل السجاد؛ لتعينها على العمل.
وأشارت إلى أن تنظيف السجاد والبطاطين يرتبط بالمواسم، حيث يزداد ضغط العمل في فصل الصيف مقارنة بفصل الشتاء؛ كون الأهالي في الريف يعتادون على تجهيز كل السجاد والبطاطين لفصل الشتاء بتنظيفهم في فصل الصيف أو في آواخر أيام فصل الشتاء، مضيفة أنها تنظف يوميا في فصل الصيف ما يقرب من 20 سجادة أما شتاءا فقد تنظف يوميا ما يقرب من 6 سجاجيد، كذلك البطاطين التي تنظفهم في جردل كبير بيديها ومسحوق التنظيف، ومن ثم تغلفهم بأكياس تخزين كبيرة.
"الشغل صعب ومتعب.. بس كان لازم أساعد جوزي".. بهذه الكلمات أشارت "هدى"، إلى أنه بالرغم من صعوبة المجال ومشقته، خاصة وأنها تنظف كمية كبيرة من السجاد يوميا بيديها، إلا أنها تنسى كل ما تعاني منه من تعب وألم ولا تبالي بما قد تواجهه من صعوبات وتحديات، طالما تكافح بكل عزيمة وإرادة وعرق جبينها، وتساند زوجها؛ لتحيا بعزة وكرامة، مؤكدة أن برغم الشقاء ستظل تكافح لآخر نفس، ترتسم الابتسامة على وجهها.