عقدت مجلة السياسة الدولية، أمس الأحد، حلقة نقاشية مع الدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، وتحدث الدكتور محيى الدين بصفته الشخصية وليس المؤسسية، وأدار الجلسة أحمد ناجي قمحة، رئيس تحرير مجلتي السياسية الدولية والديمقراطية، بحضور أعضاء فريق تحرير مجلة السياسة الدولية، ومنهم: مالك عوني، والدكتور أبوبكر الدسوقي، والدكتور خالد حنفي، والدكتور أبوالفضل الإسناوي، وعمرو عبدالعاطي. ورئيس تحرير صحيفة الأهرام ويكلى، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمتحدث باسمه، عزت إبراهيم، ونفين كامل رئيس تحرير صحيفة الأهرام إيبدو، ومي كمال الصحفية بالأهرام إيبدو.
ركز حديث الدكتور محيى الدين على قضية التضخم في اقتصادات الدول المتقدمة، وتأثيراتها فى الاقتصاد العالمي، الذي لا يزال في مرحلة التعافي من جائحة كوفيد-١٩، وتداعيات تزايد التضخم في الاقتصادات العالمية لمستويات غير مسبوقة على اقتصادات الدول النامية والأسواق الناشئة، وسبل تعافي تلك الدول من هذا التحدي الاقتصادي الطارئ. وأشار إلى أن موضوع التضخم لم يكن من الموضوعات العالمية محل اهتمام العديد من الخبراء الاقتصاديين العالميين، حيث وصل إلى ٧٪ في الولايات المتحدة و٥٪ في دول الاتحاد الأوروبي، فى نسبة تعد الأعلى منذ أربعة عقود، والثانية منذ عقدين على الأقل. وقد تعرض لأسباب هذا التضخم العالمي وحالة الجدل بين الخبراء الاقتصاديين حول ما إذا كان هذا التضخم أزمة طارئة أم مستمرة، مشيرًا إلى إخفاقات نماذج التنبؤ العالمية بتوقع حدوث التضخم العالمي.
وأضاف الدكتور محيى الدين أن طريقة تعامل الولايات المتحدة باعتبارها الاقتصاد الأول في العالم، ومركزية الدولار الأمريكي في التعامل المالى العالمى سيكون لها تأثير كبير فى باقي اقتصادات دول العالم، سواء كانت اقتصادات متقدمة، أو ناشئة، أو نامية، وأضاف أن التعامل الأمريكي سيجعل معدلات التضخم أقل من ٥ إلى ٣,٥٪ ولكنه أعلي من المعدل القديم ٢٪.
وتابع:"في الدول العربية فإن قضية التضخم من أولويات السياسة الاقتصادية لتلك الدول، ويتم التعامل معها منذ فترة طويلة. ولكن حالة التضخم العالمي سيكون لها تأثيرات كبيرة فى دول المنطقة، حيث إنها تتأثر بآليات التضخم المستورد، لاعتمادها على استيراد السلع من الخارج ومدخلات الإنتاج، فضلا عن أن إجراءات السياسات النقدية في الخارج للتعامل مع حالة التضخم العالمية ستكون لها تداعيات على التدفقات المالية لاقتصادات دول المنطقة، وعلى أسواق الديون. وتوقع الدكتور محيى الدين أن تكون هناك تداعيات متوقعة للزيادة في سعر الفائدة على الدولار خلال العامين القادمين، وأن تكون هناك ست أو سبع زيادات تتراوح بين ١,٧٥٪ و٢٪، ستكون لها تأثيرات عالمية فى تدفقات تريليونات الدولارات إلى العديد من دول المنطقة".
وتحدث الدكتور محيى الدين عما أطلق عليه "فخ الوسط"، ويعني بذلك أن هناك دولا غنية ومتقدمة اقتصاديا قادرة على التعامل مع أزمات التضخم العالمي، ودولا نامية أقل دخلا تقدم لها الدول المانحة مساعدات للتعافي من آثار التضخم، ولكن الدول المتوسطة سواء المنخفضة أو المرتفعة الدخل تعاني للتعامل مع آثار التضخم. وللتعامل مع "فخ الوسط" أطلق صندوق النقد الدولي، صندوقا جديدا لمساعدة الدول التي تعمل على التعافي من آثار الجائحة ولاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون. كما تحدث عن ضرورة اتخاذ الدول سياسات مبكرة قبل اندلاع أزمات التضخم والتدخل في مجالات التسيير على أصحاب الدخل المتوسط من خلال استثمارات إضافية تحسن من التعليم والرعاية الصحية، والتي تخفف من آثار التضخم.
وأشار الدكتور محيى الدين إلى بعض النجاحات التي حققها الاقتصاد المصري قبل الجائحة، والتي انعكست على تحقيقه معدلات نمو في وقت عانت فيه عديد من دول المنطقة خلال الجائحة، وحققت مصر معدلات نمو تفوق كثيرا من الدول النفطية العربية. وتحدث عن الرؤية الإيجابية للمؤسسات الدولية للاقتصاد المصري، وأكد أن زيادة معدلات النمو في الاقتصاد المصري تتطلب الاستثمار والادخار بصور مختلفة، والعمل على تقليل الفجوة بين الاستثمار والدخل لتحقيق معدلات نمو مرتفعة. وعن دور الدولة والقطاع الخاص في اقتصاد الدول، تحدث عن ضرورة أن يكون للدولة دور في مضاعفة الاستثمار الخاص والبشري والتنمية الأساسية والملكية العامة ونظام الرعاية الصحية، وكذلك الاستثمار في القدرة على المقاومة والضمانات المساندة للمجتمع، وفي القطاعات التي لا يستثمر فيها القطاع الخاص، لأنها ليست على أولوياته لأنها لا تحقق له مكاسب. وأكد أهمية دور القطاع الخاص في الاستثمار والنمو داخل الدول، مع التركيز على القطاعات الجديدة مثل أشباه الموصلات والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي ونظم المعلومات. وتحدث عن أن مشروع حياة كريمة، الذي يضخ ٧٠٠ مليار جنيه، بما يمثل ٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي، خلال ثلاث سنوات، باعتباره نموا شاملا للجميع، ستكون له تأثيرات فى النمو المصري، فضلا عن أنه يمثل نقلة نوعية في حياة المصريين، والاستثمار في البنية الأساسية. وقد خلص إلى أن مشروع حياة كريمة، الذي له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة، هو أمل مصر في التحول بجانب العديد من المشروعات القومية الكبرى.