شاركت الكاتبة الصحفية والروائية سارة درويش القراء رسائلها الخاصة باسم "عزيزى رفعت" فى كتابها الصادر حديثا عن دار المسك للنشر والتوزيع، حيث يضم 74 رسالة توجهها الكاتبة إلى "رفعت إسماعيل" بطل سلسلة روايات "ما وراء الطبيعة"، الذى تأثرت به منذ صغرها وأصبح بطلها دائما وأبدا.
تكتب سارة درويش فى إهدائها أنها لجأت إلى شخصيتها المفضلة لتطمئنها وتهدهد خوفها حين افترض العالم أنها كبرت، فلم ترى الكاتبة أنها كبرت لهذا الحد الذى تفرضه عليها الحياه، تشعر أنها مازالت هذه الطفلة الصغيرة ولكن بعدد من الأعوام تصل إلى الخامسة والعشرين عاما، والحقيقة أن هذا الشعور يراود معظمنا، ففى لحظة نتمنى لو بقينا أطفال ونرفض العالم الحالى بكل تفاصيله، تحديدا عندما نجد أن الحب الذى طالما رأيناه فى الأفلام كان محض خيال، وعندما نجد أن الحرية التى تغنينا بها صغارا وتمنينا أن نكبر لكى نحظو بها لم توجد أبدا وسط المسئوليات التى توضع على عاتقنا، وهذا ما نقلته سارة من خلال رسائلها الصادقة جدا.
سارة درويش
كانت الرسالة الأولى رسالة واضحة من شخص يعانى من الاكتئاب، وصفت فيه بدقة وسلاسة الأعراض المرتبطة نفسيا بهذه الحالة التى تفقد الشخص إحساسه بالشغف وبالاستمرار فى الحياة، عبرت عن فقدان الشعور بالفرحة مهما حدث لها من أمور قد تجلب السعادة فى الأوقات العادية، والشعور بذنب لا أساس له لمجرد أنها تشعر بالحزن وأنها قد تحتاج إلى شخص يخفف عنها، حتى طلبها للمساعدة فى هذا الوقت كانت تراه تسول للاهتمام.
سعت الكاتبة للتعافى من خلال كتاباتها لذلك حولتها إلى نظرة تأملية لكل ما تمر به، وبدأت تناقش بعض المفاهيم التى تستوقفها وتعبر عن رؤيتها الخاصة لها، تفصصها وتفض الاشتباك الدائر بداخلها حولها، ولعل من بين هذه المفاهيم المرهقة لها، هو أن عليها أن تكون مثالية فى عالم من الفوضى، هل حقا يوجد شيئا كهذا.. هل يمكن لأى شخص أن يكون مثالى كما يبدو البعض؟ كانت إجاباتها بمثابة مكاشفة لماهية الأشياء، خاصة عندما وصفت المثالية بـ"محاولة طفولية للمكابرة، كتلك التى فعلنا مرارا فى صبانا، حين كنا نكتم وجعنا وشعورنا بالقهر ونعلن لوالدينا بسماجة، وعلى وجوهنا ابتسامة مصطنعة يملأها غل دفين، أن الضربة لا تؤلم".
حفل توقيع سارة
تتحدث سارة درويش أيضا عن مشاعر نخافها كثيرا كالفقد والخسارة، تبدأ بالإشارة إلى إحساسها الذاتى بالضياع وفقدان هويتها ومعرفتها لما هى عليه حقا، ثم تتألم لخسارتها للأشخاص من حولها، فتعبر عن ألمها تارة بسبب عدم إقدامها على فعل شيء للتمسك بهم بينما يبتعدون، وتارة أخرى لأنهم انكشفوا ليظهر وجههم الحقيقى الذى لا تعرفه وبالطبع لا تحبه.
تتناول الكاتبة فى كل رسالة من رسائلها إحساس ما تمر به أو موقف يثير غضبها أو شعور بالراحة ولو لوقت مؤقت، وكأنها تصف ما نمر به يوميا وربما لم نتحدث عنه أبدا، لأننا نعتاده مع الوقت ونشعر كأنه الروتين الذى يجب أن نتعايش معه مثلما نمارس كل تفاصيل حياتنا، ولكنها هنا تضع كل ذلك تحت إضاءة قوية تجعلنا نرى ونشعر ونتفاعل مع أمور لم تستوقفنا من قبل رغم أنها قد تكون التراكمات التى تنحت شخصيتنا وتحدد حالتنا النفسية بشكل دائم.
جدير بالذكر أن كتاب "عزيزى رفعت" هو الكتاب الثالث لسارة درويش التى سبق وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "حكايا السمراء" فى 2015 وكتاب "زوجى مازال حبيبي" فى 2010.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة