قال وزير الشئون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندى إن بلاده كثّفت مساعيها وتحركاتها الدبلوماسية في مجلس الأمن؛ للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى، ولضمان نفاذ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية في الأراضى الفلسطينية المحتلة، موضحا أن تحرّكت تونس على أكثر من صعيد في إطار عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن بدون حياد عن مبادئها من خلال الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة.
وأضاف الجرندي، في مؤتمر عقد، أمس الجمعة؛ بمناسبة انتهاء فترة انتخابها كعضو غير دائم بمجلس الأمن للفترة بين 2020-2021، وأبرز ما أنجزته تونس خلال هذه الفترة خدمة للقضيا العربية والإفريقية والفلسطينية، إنه في خضم الحجر الشامل تحرّكت تونس بشكل حثيث ونجحت مع أشقائها وشركائها على المستوى العربي والإسلامي في تنظيم اجتماع للجمعية العامة بشكل حضورى، ما أدى إلى إيقاف اعتداء القوة القائمة بالاحتلال على الشعب الفلسطينى.
وأشار إلى أن ذلك مثّل التعاطي مع هذه المسألة تحدّيا حقيقيا للعضو العربي الوحيد بمجلس الأمن، نظرا لتسارع وتيرة تطوّرات المشهد السياسي وتعقيداته في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى صعيد الملف الليبي، أوضح وزير الخارجية التونسي أنّ بلاده "حرصت على الاضطلاع بدور ريادي في تعاطي المجلس مع الملفّات المتعلّقة بالشّقيقة ليبيا، حيث شاركت بفاعلية في الاجتماعات المرتبطة بتطوّرات الأوضاع على الميدان وساهمت في صياغة القرارات المتعلقة بها، ومن أبرزها اعتماد مخرجات مؤتمر برلين وتمديد ولاية البعثة الأممية في ليبيا.
وأشار إلى أن تونس أكدت التزامها بضرورة مواصلة دعم ليبيا وبذل المساعي للمساهمة في إنجاح مسارها الانتقالي، مذكّرة على الدّوام بدعوة رئيس الجمهورية التّونسيّة إلى توافق الأشقّاء اللّيبيين حول مشروع وطني، والتأكيد أنّ الحلّ يكمن في حوار ليبي-ليبي، يُعيد إلى هذا البلد الشقيق أمنه واستقراره بما يسهم في إعادة الاستقرار في المنطقة ويُجنبها التوتر والتحدّيات الأمنية.
وفي الشأن الشوري واليمني، قال الجرندى إن "الدّبلوماسيّة التّونسيّة حرصت، خلال فترة عضويتها بمجلس الأمن على الحفاظ على سيادة الدولة السورية ووحدتها واستقرارها وتغليب مصلحة الشعب السوري، مع الحرص على المساهمة في الجهود الأممية الرامية إلى تحقيق التسوية السياسية المنشودة وفقا لقرارات المجلس ذات الصلة.. كما أولت بلادنا أهمية خاصة لمسألة إيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقّيها دون تمييز أو تسييس وضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية عبر استخدام كافة طرق النفاذ المتاحة، بما في ذلك عبر خطوط النزاع والمعابر الحدودية وسعت إلى إيجاد توافق بين أعضاء المجلس لتمديد العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية".
وأضاف أن تونس حرصت "فيما يتعلّق بالملفّ اليمنى، على وضع مصلحة الشعب اليمنى الشقيق فوق كل اعتبار.. وعملت على مساندة كافة الجهود الرامية لتحقيق تقدّم في العملية السياسية فى اليمن بهدف إيجاد حل يُعيد الأمن والاستقرار ويضمن سيادته ووحدته واستقلاله ويضع حدا لمعاناة شعبه".
وعلى صعيد قرار مجلس الأمن رقم 2532، قال الجرندي إنّ تونس بادرت بعرض مشروع قرار في مجلس الأمن في بداية جائحة كورونا دعا إليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد، "وتبعا لذلك كثّفت الدبلوماسية التونسية من تحركاتها ومساعيها لصياغة توافق حول مشروع القرار، توّجت باعتماد القرار 2532 حول تأثيرات جائحة كوفيد-19 على السلم والأمن والدوليين، من طرف مجلس الأمن أول يوليو 2020، ليكون بذلك من أهم الإنجازات ليس فقط لتونس وإنما للإنسانية جمعاء لما يحمله من دلالات ومفاهيم مستحدثة خدمة للسلم والأمن الدوليين"، وفق تقديره.
وفي الملفّات الإفريقية، أكد الجرندى أن تونس "أعربت عن دعمها لكافة الجهود المبذولة لتحقيق السلام والتنمية ببلدان القارة والتّسوية السّلميّة للنّزاعات برعاية المنظمة الأممية والاتحاد الإفريقي والمنظّمات والمجموعات الإقليمية ذات الصلة".
وأضاف أن من أبرز تجليات هذا الاهتمام بالشأن الإفريقى، مشاركة رئيس الجمهورية في جلسة النقاش رفيع المستوى لمجلس الأمن حول"التعاون بين منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى وتجديد التضامن لخدمة السلم والأمن في بيئة متغيرة للنزاعات"، التي انعقدت بنيويورك، في 28 أكتوبر2021.
ولفت إلى مشاركته في المنتدى الوزاري الثامن حول السّلم والأمن فى إفريقيا الذى انعقد بمدينة وهران بالجزائر (2-4 ديسمبر 2021) حول موضوع "مساعدة الأعضاء الأفارقة في مجلس الأمن على التعاطي مع مسائل السلم والأمن في إفريقيا"، مؤكدا أن المقترحات التونسية الرامية إلى مأسسة التنسيق والتعاون بين المجلسين وبين الدول الأعضاء حظيت بترحيب المشاركين في هذا المنتدى، كما بادرت تونس بالدعوة لخلق آلية تنسيق وتشاور بين الدول الإفريقية الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن؛ من أجل العمل على إيجاد الحلول الكفيلة بمعالجة القضايا الإفريقية المعروضة أمام أنظار هذا المجلس.
وقال وزير الخارجية التونسي إن حكومة بلاده انكبّت خلال الفترة الأخيرة على صياغة البرامج والتفكير في برنامج متناسق مع صندوق النقد الدولي، مبررا بعض النقص على مستوى السياسة الاتصالية للحكومة بما اعتبره حجم الملفات المتراكمة التي وجدتها منذ توليها الحكم.
وانتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك بتاريخ 7 يونيو 2019 تونس عضوا غير دائم بمجلس الأمن بأغلبية تقارب الإجماع (191 صوتا)، وقد كانت تونس إحدى الدول الست المترشحة لشغل خمسة مقاعد غير دائمة داخل مجلس الأمن للفترة (2020 -2021).