صورها تملأ المنزل الذى عاشت فيه، وروحها التى لا تقل جمالا عن جمال وجهها الساحر ترفرف بين جنباته، تراها فى وجه ابنتها ليلى وضحكتها ورقتها، وفى عقل ورزانة وموهبة ابنها يوسف، تراها حين يتحدث عنها زوجها وحب عمرها المخرج الكبير مراد منير، الذى جمعها به الفن والإبداع والحب والوفاء ومعارك كثيرة خاضاها معا دفاعا عن حبهما ضد كل الضغوط والإغراءات التى حاصرتهما.
هنا عاشت الجميلة البريئة الفنانة الراحلة فايزة كمال، هنا أحبت وأخلصت وأبدعت وتألمت، وفاضت حنانا على سكان عالمها الطاهر البريئ، زوجها المخرج مراد منير، وأبناؤها يوسف وليلى مراد، وكأنها تدرك أنها سترحل مبكرا، فأرادت أن تمنحهم ما يكفيهم من حب وحنان ليعينهم على السنوات التى سيعيشونها بدونها، وهنا وجدت شاطئا ترسو فيه سفينة حياتها وتستريح من ضغوط ومعارك واضطهاد تعرضت له ثمنا لمبادئها وحبها وأخلاقها وبراءتها.
حبايب الدار.. جلس المخرج المسرحى مراد منير بين ابنيه المخرج والممثل الشاب يوسف مراد، وابنته الجميلة الرقيقة ليلى مراد، تحيطهم فى كل أركان البيت صور الزوجة والأم الفنانة الراحلة فايزة كمال، وكأنها تحتضنهم وتعيش معهم، يشعر الأب بالفخر بهذا العطاء الذى منحته له زوجته الحبيبة الراحلة ويحمل من الذكريات المليئة بالفن والإبداع والحب والصمود والوفاء والإخلاص ما يعينه على مواصلة رسالة الحياة والعطاء لفنه ولابنيه.
وجلس الابن والابنة يتذكران والدتهما ويتحدثان عنها بفخر وحب، حكايات تمتلئ بالبهجة والحنين وكأنها لم تغب، فى أول ظهور وحوار لهما عن والدتهما.
لم يكن الحوار الذى أجراه تليفزيون «اليوم السابع» لأول مرة من منزل الفنانة الجميلة الراحلة فايزة كمال، والمخرج المسرحى الكبير مراد منير، والذى ظهر خلاله ابناهما لأول مرة، حوارا حزينا باكيا، ولكنه كان حوارا مبهجا يشبه روح الفنانة الراحلة، حتى حين تحدث المخرج الكبير عن الضغوط، ومحاولات الابتزاز التى تعرضت لها وعن فترة معاناتها مع المرض، كما تحدث الأبناء عن أواخر أيام حياة الأم الجميلة وآخر كلماتها ووصاياها.
فايزة كمال هذه الفنانة الجميلة الرقيقة التى رحلت مبكرا عام 2014 بعد رحلة فنية عانت فيها بقدر ما أبدعت، ورحلة مع المرض لم تفقدها روحها الجميلة وصبرها وصمودها أمام كل التحديات، ورحلة قصيرة مع ابنها وابنتها اللذين تركتهما فى سن 15، 12 عاما.
ليلى الابنة التى أصبحت أما لوالدها وشقيقها وهى فى سن 12 عاما، وتغيرت شخصيتها وحياتها تماما بعد وفاة والدتها، وكأن قلب أمها انتقل إليها، ويوسف الذى يحمل الكثير من مواهب وصفات وبهجة والدته التى كان يصاحبها ويشاركها بعض الأعمال المسرحية.
فريال فراويلة، ويهوديت موردخاى، غالية، ولولى، والسيدة نفيسة، وعشرات الشخصيات التى جسدتها الفنانة الجميلة فايزة كمال وارتبط بها الجمهور فى روائع المسلسلات والمسرحيات والأفلام، كان وجهها الجميل ينطق بالبراءة التى تدخل القلوب بمجرد رؤيتها لأول مرة، فتتربع وتسكن فيها إلى الأبد، وهو ما جعلها رغم رحيلها تبقى فى وجدان الملايين، يتشوقون لرؤية وجهها الجميل البرىء ومعرفة تفاصيل حياتها القصيرة وحقيقة ما يتم تداوله عنها من معلومات، وما تعرضت له من ضغوط وإغراءات وكيف واجهتها، وقصة زواجها وحقيقة اختلاف الديانة بينها وبين زوجها، وتفاصيل مرضها والفترة الأخيرة فى حياتها ووصاياها، وكيف عاش ابناها من بعدها، وكيف أصبحا؟
جلس المخرج الكبير مراد منير، الذى قدم عددا من روائع المسرح الاستعراضى ومنها: :»الملك هو الملك، منين أجيب ناس، ملك الشحاتين، لولى»، وغيرها بين ابنه يوسف وابنته ليلى بعد تعافيه من آثار جلطة بالمخ أصابته منذ شهور، وحين سألناه عن صحته أجاب ضاحكا: «كانت وعكة ومرت الحمد لله أنا زى القطط بـ7 أرواح».
سألناه عن البيت الذى عاش فيه مع حب عمره، فرد قائلا: «عشت هنا مع فايزة والبيت ده له ذكريات جميلة، ففى فترة من الفترات شعرت فايزة باكتئاب، ونامت والصبح فوجئت بالرسيبشن خاليا ولم تجد العفش، وسألتنى: وديت العفش فين، فقلت لها وزعته وأعطيته للبواب وهنشترى عفش جديد علشان مزاجك يتصلح ونزلنا اشترينا عفش جديد، اللى احنا قاعدين عليه ده، وفعلا تحسنت حالتها».
مفارقات البدايات.. يعود المخرج الكبير بالذاكرة سنوات للوراء، ليتحدث عن بداية لقائه وعلاقته بزوجته وحب عمره، والتى كان بها العديد من المفارقات، قائلا: «أول معرفتى بفايزة كانت خلال تعاوننا معا فى مسرحية الملك هو الملك، وكانت بداية لا تبشر بارتباط أو حب وزواج».
ويفجر مراد منير مفاجآت عديدة حول بداية تعرفه بفايزة كمال: «كنت مستسخفها، فهى بقدر موهبتها واجتهادها كانت لحوحة جدا وتسأل عن كل شىء، تعترض على كتابة اسمها على الأفيش وتسأل عن أغانى المسرحية وأنا بحب اشتغل فى هدوء، فكنت أتجنبها وحدث بيننا أكثر من مشادة، وعرضنا العرض الأول ونجحنا».
يضحك المخرج المسرحى مراد منير وهو يحكى عن مفارقة ثانية من مفارقات القدر فى بداية علاقته بزوجته الراحلة: «كنت مرشحها عروسة لمحمد منير، لأن صلاح السعدنى قال لى ما تيجى نجوز منير لفايزة، وقلت له ياريت، وذهبت لمحمد منير، قلت له: يا مونى البت حلوة وموزة ما تتجوزها، فقال لى يا أخى حرام دى بنت ناس، ولما سألنا فايزة: إيه رأيك تتجوزى محمد منير؟ فقالت أنا بحب صوته لكن مش لدرجة إنى أتجوزه».
ويبتسم مراد منير وهو يستعيد هذه الذكريات قائلا: «يشاء النصيب إنى أنا اللى اتجوزها، وصلاح قال لى بعدها يا أخى كنا هنجوزها لمنير تقوم تتجوزها إنت؟!».
وعن بدايات الحب بينهما قال: «مرت فترة وتوفيت والدة فايزة، فذهبت لأعزيها ووجدتها شخص تانى مثل الملاك، وساندتها خلال هذه الفترة وأصبحنا صديقين».
يحكى «مراد» مزيدا من المفارقات فى قصة زواجه من «فايزة»: «بعد كام شهر ذهبنا فى رحلة مع مجموعة أصدقاء وقابلنا عرافة ترى الطالع اسمها دنيا، وتحدثت مع فايزة وقالت لها: فى واحد هنا هتتجوزيه قبل ما يحول الحول، فقلت أكيد مش أنا، لأنى لم أكن أنوى الزواج وقتها، وكان هذا الكلام فى 4 سبتمبر والغريب أنه بالفعل قبل أن ينتهى العام وفى 3 سبتمبر من العام الذى يليه تزوجنا على مسرح السلام، وكان يوم جميل، واحتفل بنا أبطال العرض والجمهور».
مسلم مسيحى عائلة واحدة.. سألناه عن الجدل الذى أثير منذ فترة بعد أن نشرت شقيقته الفنانة ماجدة منير صورا لابنيه يوسف وليلى وتحدثت عن والدتهما فايزة كمال، فتعجب الكثيرون كيف تكون ماجدة منير مسيحية ويتزوج شقيقها من فايزة كمال، وأثيرت العديد من التساؤلات حول اختلاف الديانة بينهما، فأجاب مراد منير قائلا: «أنا مسلم قبل زواجى من فايزة بحوالى 15 سنة ولم تكن لإسلامى علاقة بالزواج منها، وهى فايزة محمد كمال رمضان، وأنا مسلم ولا أعرف لماذا يثير الناس هذا الموضوع؟».
وتابع: «اتعودنا فى بيتنا لما بنعمل تجمع عائلى فى أول رمضان بيكون نص الموجودين مسلمين والنص التانى مسيحيين، وكذلك عندما نحتفل بعيد القيامة المجيد لأننا لا نشعر بأى فرق بيننا».
واستكمل حديثه عن زواجه من فايزة كمال: «كيف يقولون هو مسيحى؟ وإزاى اتجوز فايزة؟ أنا مسلم وهى مسلمة، وباقى عائلتى وإخواتى مسيحيين».
إغراءات ومساومات.. سألناه عن حقيقة بعض المعلومات المتداولة والتى تشير إلى أن الفنانة الراحلة فايزة كمال تعرضت لإغراءات ومساومات للتضحية بحبها ومبادئها، فأجاب مؤكدا أن زوجته الراحلة تعرضت لإغراءات شديدة قائلا: «منتج كبير عرض عليها عقد ومفتاح شقة 600 متر فى برج فخم فسألته ليه؟، فقال كلهم بياخدوا، فردت أنا ست متجوزة، فقال كلهم متزوجين، فقالت له أنا متجوزة راجل، وانت مش راجل لأنك عرضت على هذا العرض، ورمت العقد فى وشه ومشيت».
وتابع قائلا: «قبل زواجنا اتقدم لها الريان ليتزوجها وأرسل محاميا شهيرا ليتوسط فى الزواج فرفضت، كما رفضت عروضا أخرى من أثرياء، والمفارقة أن الفنانة الجميلة الراحلة تركت كل هذه العروض والأموال لتتزوج بفستان إيجار، رغم أنها كانت نجمة وبطلة فى ذلك الوقت، وعن ذلك قال زوجها المخرج مراد منير: «كنا مفلسين وما اتكسفتش اكتب ده فى كتابى «الغجرى»، وعملوا لنا احتفال كبير فى المسرح بعد عرض مسرحية الملك هو الملك، وفايزة أصرت تعرض يوم الفرح، وبعد العرض قعدنا على كرسى العرش اللى كان ضمن الديكور، وزفونا بالشموع، ومنير غنى والجمهور احتفل بينا احتفال كبير، وكان العدد أكثر من ألف شخص».
وتابع: «عشت مع فايزة كمال 25 سنة، لم نتشاجر يوما، لأنها كانت زى الملاك، وكانت تعاملنى بلطف أكثر من أولادها، رغم أنها كانت تحبهم جدا، وأنجبت لى أجمل أبناء، يوسف الفنان والمخرج الموهوب الذى أتوقع له مستقبلا مشرقا، والجميلة ليلى التى تحمل روح والدتها وجمالها ومواهبها ولكنى أشفق عليها من التمثيل».
يوسف وليلى مراد.. يشير الأب إلى ابنه يوسف مراد، خريج معهد الفنون المسرحية والذى بدأ مشواره الفنى كممثل ومخرج لمسرحية «سجن النسا» التى حصل بها على عدة جوائز وإشادات من كبار النقاد والفنانين، وابنته الجميلة ليلى مراد الطالبة بالسنة الثالثة بكلية الإعلام، والتى تحمل الكثير من رقة وجمال والدتها.
تتحدث الابنة التى رحلت والدتها وهى فى سن 12 عاما عن ذكرياتها معها، قائلة: «ماعشتش مع ماما فترة طويلة، كل اللى عشتهم معاها 12 سنة كنا فيها أصحاب وكانت أقرب إنسان ليا و لم نفترق أبدا إلا بالموت، كنا بنخرج مع بعض دايما وتختار لى ملابسى ونتشارك فى كل شىء وذوقنا واحد، كانت مدلعانى جدا كأنها حاسة إنها هتسيبنى بدرى».
وتابعت: «هى اللى حببتنى فى فيروز ونجاة لأنها كانت طول الليل تقعد جنبى تطبطب عليا وتغنى لى، لسه صوتها فى ودانى، كان صوتها حلو جدا وكنا بنتحايل عليها تغنى أمام الجمهور فكانت ترفض لأنها بتتكسف، لكن بابا خلاها تغنى فى بعض المسرحيات».
ويقاطعها الأب قائلا: «فايزة تدربت على الغناء 4 شهور كاملة تدريبا متخصصا جدا على يد نانسى فاروق، حتى أتقنت الغناء جدا».
يستعيد الأب مع ابنيه يوسف وليلى بعض ذكرياتهما مع الفنانة الراحلة وهما فى سن الطفولة.
تضحك الابنة وهى تتذكر حين كانت تشارك فى المسرح المدرسى ويأتى والدها ووالدتها لمشاهدة العرض: «ماما كانت بتفرح جدا لما تيجى تشوفنا بنشارك فى العروض المسرحية، لكن بابا ماكانش بيستر».
يضحك الأب بينما تستكمل الابنة ليلى باقى الذكريات المبهجة الضاحكة: «كنا بنمثل فى مسرح ضخم بالمدرسة وكان الحضور حوالى 400 شخص من الأهالى، وفجأة واحنا مندمجين فى العرض سمعت صوت بابا بيزعق وأنا على المسرح وبيقول لزميلى فى المسرحية وسع يا بنى شوية خلى بنتى تقعد إنت واخد المكان كله».
تتعالى ضحكات الأب مع ابنيه، وتستكمل الابنة: «ومرة تانية كان شعرى نازل على وشى لقيت بابا بيصرخ ويقول لى: «ياليلى شعرك ياليلى مغطى وشك، وماما فى كل المواقف دى بتسكت وتتفاجئ وتضحك».
بينما يتذكر الأب كيف انبهر بموهبة ابنه يوسف على مسرح المدرسة: «لما روحت أنا وفايزة نتفرج على العرض المشارك فيه يوسف فوجئت إنه مشهور جدا فى المدرسة، ولما ظهر على المسرح كسر الدنيا، والقاعة اهتزت من التصفيق وبعد العرض التفت البنات حوله، وضحكت وقلت لفايزة إلحقى ابنك».
يأخذ الابن يوسف بأطراف الحديث ويتحدث عن والدته بكل حب قائلا: «لما كان أى حد بيشوف أمى على الشاشة بتدخل قلبه فما بالك احنا ولادها اللى عشنا معاها، كانت زى الملاك الجميل فى منتهى الرقة وكنت مرتبطا بيها جدا، كانت بتفرح بأبسط الاشياء وتشجعنا، ويوم العرض المدرسى فوجئت بها وهى تحمل لى باقة ورد هدية على نجاحى كأنى نجم كبير».
يحكى الابن ذكريات بعض الأعمال التى جمعته بوالدته: «اشتغلنا مع بعض وشاركتها بروفات مسرحية «زيارة سعيدة جدا» التى مرضت قبل عرضها، فكانت فنانة عظيمة فضلا عن كونها أما عظيمة وكان العمل معها ممتعا، كنا بننزل من البيت كعائلة وعندما ندخل المسرح نتعامل كزملاء، وتقول لى يا «أستاذ» رغم إن عمرى وقتها كان 14 سنة، وتنادى أبى أيضا يا أستاذ وأنا أناديهما يا أستاذ ويا أستاذة، وأول ما نخلص واحنا راجعين أناديهما يا ماما ويا بابا»، ويكمل: «كانت تقول لى الملاحظات بمنتهى الرقة مش زى بابا».
تتذكر الابنة وصايا الأم الدائمة لها: «وصاياها وكلامها هو اللى عايشة ومتمسكة به فى كل حياتى وتصرفاتى، كانت دايما توصينى: «خلى بالك من نفسك وماتخليش حد يضحك عليكى وخليكى قوية.
شافت السيدة نفيسة ومريم العذراء وقالت «أنا رايحة حتة حلوة»
كانت متدينة وتفسر لنا القرآن وتعلمنا أمور ديننا بشكل مباشر.. طلبت مدفنا ورؤية الكينج محمد منير قبل وفاتها ولهذا السبب لم يحقق أمنيتها.. وهذه آخر كلماتها ووصاياها لابنها وابنتها قبل رحيلها.. المخرج مراد منير: نور الشريف كان المرشح الأول لـ«الملك هو الملك» ومحمود ياسين جميله فى رقبتى إلى يوم القيامة.
قلب ليلى وموهبة يوسف.. بفخر يتحدث المخرج الكبير عن ابنيه يوسف وليلى اللذان تركتهما والدتهما وهما فى سن 15، 12 عاما، يشير إلى ابنته الرقيقة ليلى قائلاً: «ليلى أخدت كتير من صفات فايزة ورقتها، وقوتها فى الشدائد رغم صغر سنها».
يشعر الأب بالامتنان لابنته وهو يتذكر كيف تعاملت مع أصعب المواقف فترة مرض والدتها، رغم أنها لم تكن قد تجاوزت 12 عاما، وكيف تحملت المسؤولية حين أصيب هو نفسه بجلطة منذ عام وظل فى المستشفى لمدة 4 أشهر: «ليلى لم تفارقنى لحظة وأنا فى المستشفى وقعدت معايا 4 شهور وقامت بخدمتى كاملة ورفضت تتركنى للتمريض وكانت مسؤولة عن كل شىء».
يربت على كتف ابنته بحنان ويقول: «ليلى لها قلب ألماظ زى والدتها، وكأن قلب فايزة كمال انتقل بموتها إلى ليلى».
ويشير الأب بنفس الفخر إلى ابنه يوسف قائلاً: «كما يحمل يوسف الكثير من صفات والدته فهو شديد الحنان رغم أنه كتوم، ومثقف وورث عن فايزة كمال موهبة التمثيل، كما أنه مخرج أتوقع أن يكون له مستقبل كبير».
شارك الابن يوسف مراد فى عدد من الأعمال الفنية، منها مسلسل الحلال، كما قدم عددًا من العروض فى مسرح الدولة وله تجارب مسرحية فى الإخراج ومنها مسرحية سجن النسا.
رحلة الألم والمرض.. يتحدث مراد منير عن معاناة زوجته الراحلة مع المرض: فايزة تعرضت للعديد من الضغوط وكانت بتعانى كثيرًا بسبب ظروف الشغل التى أثرت على صحتها، وأصيبت بالسرطان مرتين، الأولى قبل وفاتها بـ6 سنوات حيث أصيبت بسرطان الثدى وشعرها وقع وربنا نجاها وشفيت، وأصيبت مرة أخرى بسرطان الرحم قبل وفاتها بثلاثة أشهر وتحملت ببسالة آلام شديدة جدا».
وبحزن يحكى مراد منير عن الاضطهاد والمشكلات التى تعرضت لها فايزة كمال خلال رحلتها الفنية: «الأول كان بيعرض عليها حوالى 20 مسلسلا فى السنة من أهم مسلسلات الدراما وفجأة بدأ يقل المعروض عليها أو يتم ترشيحها لأعمال ثم تفاجأ بأنها ذهبت لغيرها»، وتابع: «كانت بتتحارب فى فترة من الفترات والوسط لما بيعتاد على عدم وجود الفنان بيقل الطلب عليه».
ويستكمل: «على سبيل المثال وقعت فايزة عقد الجزء الثانى من المال والبنون وفجأة فوجئت بأن جيهان نصر بتصور مكانها، وفى اليوم التالى للتصوير كلمها مجدى أبو عميرة، وقال لها تعالى اعملى دورك، فقالت له عيب يا مجدى أجى ازاى وبأى كرامة بعد ما صورت بجيهان».
ويؤكد المخرج المسرحى أن زوجته عرض عليها أهم مسلسلات وقتها ومنها مسلسل العائلة، وكانت أول ترشيح قبل ليلى علوى، وفى إحدى المسابقات أبلغوها رسميا بأنها فازت بلقب أحسن ممثلة تليفزيونية باستفتاء الجمهور وبحوالى 2 مليون صوت فى السنة اللى عملت فيها رأفت الهجان والمال والبنون، وراحت تستلم الجائزة فوجئت بإعلان اسم ممثلة أخرى، وكل هذه الضغوط أثرت عليها نفسيا وصحيا».
وبانفعال قال: فايزة موهبتها اتظلمت جدا هى ممثلة موهوبة جدا وكانت لديها طاقات فنية عظيمة، ولكن الفن لم يستفد منها إطلاقا».
ابتسامة الأم الأخيرة.. تحكى ليلى مراد ابنة الفنانة فايزة كمال عن والدتها التى لم تعش معها سوى 12 عاما بكل حب، تنظر إلى صورة قامت بتركيبها وتكبيرها تجمعها ووالدتها بعد أن كبرت الابنة وأصبحت شابة فى سن العشرين: «ماما مفيش فى حنانها ورقتها وطيبتها كانت مختلفة فى كل حاجة، كنت لا أفارقها وزى شنطتها فى كل مكان وفى التصوير وحبيت جو الفن والتمثيل، كانت بتذاكر لى ونختار لبسنا سوا، وكانت بتعلمنا كل حاجة بحب، حببتنا فى الصلاة والتدين وقراءة القرآن بلطف ورقة وبدون أوامر».
تتذكر الابنة التى أصبحت طالبة بالفرقة الثالثة بكلية الإعلام الفترة التى كانت فيها والدتها بالمستشفى: «كان عمرى 12 سنة ومكنتش بفارق المستشفى وماما تعبانة حتى وهى فى الرعاية المركزية، كنت بقعد على السلم لحد وقت الزيارة وكنت بصعب عليهم فيدخلونى أشوفها».
تعود الابنة للذاكرة وتكمل قائلة: «حتى آخر كلام معاها كان حلو، كانت دايما تسألنا عن أحوالنا لما تفوق من الغيبوبة وكنت فاكرة إنها هتقوم وتخف، كانت بتحب اللون الأزرق والتركواز ودرجاتهما، وعلشان أفرحها اشتريت بلوزة جديدة لونها تركواز فاتح ولبستها وروحت المستشفى وماما كانت فى الفترة الأخيرة لا تفيق إلا أوقات قليلة، ولا تتكلم لكنها بمجرد ماشافتنى ابتسمت وقالت لى: إيه الحلاوة دى، وسكتت ونامت وده كان آخر كلام بيننا، وبعدها دخلت فى غيبوية وتوفت».
فيما يتحدث الابن الفنان الشاب يوسف مراد عن والدته الراحلة، قائلاً: «ماما كانت شخصية مبهجة جدا حتى وهى على سرير المرض، كان عندها إيمان قوى وكانت تغرس هذا الإيمان والتدين فينا منذ طفولتنا عن عمد وغير عمد، كنت أراها تقرأ القرآن فأسألها عن المعانى وتشرحها لى بكل بساطة».
يتذكر فترة مرض والدته الأخيرة: «والدتى حتى فى أشد أوقات المرض والفترات الصعبة كانت صاحبة العطاء وتسأل عن أحوالنا وأدق تفاصيل حياتنا، كنت بخرج من المدرسة وعمرى 15 سنة أروح لها المستشفى وكانت تسألنى عن أحوالى وهل أحتاج إلى أى شىء وتهون علىّ حتى لا أحزن بسبب مرضها، وكانت تضحك حتى فى أشد أوقات الألم».
نفحات السيدة نفيسة ومريم العذراء.. فيما يحكى المخرج مراد منير عن الفترة الأخيرة فى حياة زوجته الراحلة ومعاناتها مع المرض: «كانت صبورة وتحملت آلاما شديدة بكل صبر وبسالة، ومكانتش بحب أشوفها وهى بتتألم».
يشير إلى طلب زوجته منه بألا يزورها فى أيامها الأخيرة قائلاً: «فايزة اتصلت بيا وهى فى العناية المركزة، وقالت لى لو بتحبنى متجيش؟ وتانى يوم وأنا نازل أروح لها لقيت تليفون تانى منها وقالتلى أنا حاسة إنك جاى.. متجيش».
وبتأثر يكمل الزوج وهو يسترجع هذه الفترة: «كانت بتخاف عليا من المواقف الصعبة وكانت بتعاملنى معاملة أسطورية وأنا كنت بحبها حب جنونى».
يحكى الزوج عن آخر كلام دار بينه وبين زوجته الراحلة: «روحت الساعة 11 الصبح، وكان المعتاد إنها بتنام كتير لكن فى هذا اليوم ظلت مستيقظة لمدة 13 ساعة متواصلة، تتحدث معى وتحكى عن أشياء جميلة تراها».
ويكمل: «كانت تتألم ألم رهيب وقالت لى إنها رأت السيدة نفيسة والسيدة مريم العذراء بيمسحوا على جسدها وقالتا لها نامى يا فايزة، وبالفعل نامت نوما عميقا لأول مرة منذ أيام، وطلبت منى أن أشترى لها مدفن، وحسيت وقتها إنها هتروح، وسألتها: انتى خايفة؟، فقالت لى بالعكس أنا فرحانة ورايحة حتة حلوة أوى، وبعدها دخلت فى الغيبوية»، «كانت شخصية جميلة وسايبة ذكريات جميلة، احنا عايشين بروحها وبنحس إنها عايشة معانا».
أصدقاء فايزة.. سألنا عن أقرب الأصدقاء الذين كانوا بجوار الفنانة الراحلة فايزة كمال خلال هذه الفترة فأجابت ابنتها ليلى: «محدش من الفنانين، كتير منهم جاءوا العزاء لكن فترة المستشفى والمرض لأ».
وتابعت: «ماما ماكانش لها صداقات فى الوسط الفنى، وكانت بيتوتية جدا تخلص الشغل وتجرى علشان تقعد معانا، لأنها كانت بتحب جو العيلة جدًا وعلاقتها كانت بأسرتها الصغيرة فقط لكن كانت علاقة ممتدة وقوية بعماتى وأسرة والدى».
يؤكد المخرج مراد منير على قوة العلاقة التى جمعت زوجته الراحلة بأسرته وشقيقاته ووالدته، قائلا: «أمى كانت مرتبطة بفايزة جدا، ماتت بعدها بسنة وفى آخر مرة ذهبت لزيارة والدتى قالت لى: مش كنت تيجى بدرى دى فايزة كانت قاعدة معايا، فقلت لها فايزة ماتت يا ماما، فقالت: لا دى كانت عندى وقعدت معايا، لأنها كانت بتحبها بشكل جنونى، وكانت فايزة حريصة على زيارتها وودها أكتر منى، كما كانت الصديقة المقربة لشقيقاتى، كانت امرأة رائعة ليست لها مثيل ربنا يسعدها فى جنته».
يتحدث الزوج عن موقف الدكتور أشرف زكى وسؤاله هو وزوجته روجينا عن الفنانة الراحلة فايزة كمال، وزيارات الفنان سامح يسرى لها فى المستشفى، ويشير بامتنان وتقدير لموقف حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمى وحرصه على السؤال الدائم عن الحالة الصحية للفنانة الراحلة.
بعتاب يتحدث المخرج مراد منير عن موقف الكينج محمد منير من مرض ووفاة زوجته الفنانة الراحلة فايزة كمال: «منير مجاش عزاء فايزة وأعتقد أنه مقدرش ييجى لأنه كان بيعزها وكانوا أصدقاء جدا، وكلمنى وهو منهار جدًا»، وأوضح قائلا: «فايزة كانت عاوزة تشوفه قبل وفاتها وكلمته وهى فى المستشفى، وقالت له أنا حاسة إنى ماشية، وعاوزة أشوفك».
يفسر المخرج مراد منير عدم زيارة الكينج منير لزوجته الراحلة فى أواخر أيامها رغم طلبها: «أعتقد أنه خاف ولم يتحمل يشوفها فى الحالة دى، ودى طبيعة فيا لو صاحبى كلمنى وقالى أنا حاسس إنى همشى هخاف أشوفه ومنير قلبه رهيف جدا، قلب عصفور، ويظهر هذا فى صدق غناه».
الحياة بعد غياب الجميلة.. يحكى الأب وابنه وابنته عن حياتهم بعد وفاة الزوجة والأم فايزة كمال، فتقول الابنة ليلى التى رحلت والدتها وهى فى سن 12 عاما: «بعد وفاة ماما حسيت إنى بقيت أم ليوسف رغم إنه أكبر منى، حتى بابا حسيت إنه ابنى، كان سنى 12 سنة ومكنتش شايلة مسؤولية قبلها، فى الأول كنت محتاسة لأن فى حاجات مفروض أعملها ومش عارفة، وخايفة أكون مقصرة ولازم أتعلم حاجات كتير، فكنت حاسة بضغط كبير فى البداية بعد وفاة ماما، ولكن بعد كدة تعودت وأصبحت المسؤولية شيئا طبيعيا».
يحتضن الأب ابنته قائلاً: «ليلى هى السند النفسى ليا أنا ويوسف، بنت جدعة جدًا لما بتكون موجودة بطمن، وخدت من روح والدتها كتير»، ويضحك قائلا: «انتى لو اتجوزتى هنحتاس ياليلى».
ينظر يوسف لشقيقته بحب قائلاً: «ليلى الحاجة الباقية من ريحة الغالية»، فيداعبه الأب قائلاً: «وأنا يعنى جبتك من واحدة تانية ما أنت كمان من ريحة الغالية».
يتحدث يوسف عن شقيقته ليلى وكيف تغيرت بعد رحيل والدتهما: «ليلى شخصيتها اتغيرت جدا بعد وفاة ماما بنسبة 100%، وتانى يوم من رحيل والدتى صحينا لقينا ليلى شخصية أخرى، وغريزة الأمومة طغت عليها فأصبحت القلب النابض فى البيت».
وتابع: «ليلى أصبحت تتقمص شخصية ماما بشكل كبير فى طريقة الكلام والأسلوب والصوت، وأحيانا أصحو من النوم على صوتها فأعتقد أن أمى هى التى تتحدث».
الفن مع الكبار.. يتحدث المخرج مراد منير عن أعماله الفنية وأبطالها: «تعاونت مع كبار الفنانين ومنهم محمد منير وصلاح السعدنى وأحمد بدير وتوفيق عبدالحميد وفايزة كمال وحسين الشربينى ومحمد متولى، ومحمد الحلو وسامى العدل وأحمد ماهر، وعلى الحجار ومحسنة توفيق التى حصلت على جائزة أحسن ممثلة عربية من مهرجان بغداد عن دورها فى مسرحية منين أجيب ناس، وكل هؤلاء لهم فى قلبى غلاوة شديدة، وأكثرهم غلاوة الفنان الكبير نور الشريف».
وتابع حديثه عن الفنان الكبير نور الشريف: «اشتغلنا مع بعض بروفات مسرحية اللجنة لمدة 7 شهور، وهى من أجمل ما أخرجت فى حياتى، لكنها منعت لأسباب لا أعرفها، وكان نور الشريف فى منتهى الالتزام والدقة والإبداع، بيروح قبل البروفة بساعتين ويحضر نفسه، ولما كنت أحب أقول له أى ملحوظة أطلع له المسرح، فقال لى: لا يا أستاذ قل لى ملاحظاتك وأنت قاعد مكانك وأنا هنفذ، ولم أقابل فنانا مثله رغم أننى تعاملت مع عمالقة».
ويكشف مراد منير أن الفنان نور الشريف كان المرشح الأول لمسرحية الملك هو الملك قبل الفنان محمد منير: «عرضت عليه الملك هو الملك ولكنه رفض، ولما جه اتفرج عليها مع وحش الشاشة فريد شوقى زعل، وقال أنا غلطان إنى رفضتها وزعلان إنى مشتغلتش الرواية دى».
وينطلق من الحديث عن نور الشريف للحديث عن دور الفنان الكبير محمود ياسين فى حياته قائلا: «من أجمل البشر الذين قابلتهم فى حياتى، كنت صغيرا ومفلس وجيت من بورسعيد علشان أقدم فى المعهد وتخلى عنى أقرب الناس، ولكن لا أنسى موقف محمود ياسين معى، قال لى هات حاجتك واقعد عندى وقعدت 24 يوما فى بيته، ولم يكن اشتهر بعد، وتكفل بى ودربنى وقرأت فى بيته أكتر من 50 مسرحية».
وتابع: «كان الفنان الكبير محمود ياسين يخرج ويرجع يسألنى قريت إيه ودربنى على التمثيل، فهو أبرع مدرب تمثيل رأيته فى حياتى، وتولى رعايتى حتى انتهيت من الامتحان ورفض إنى أسيب بيته، وجميله فى رقبتى لا أنساه طوال حياتى».
وأشار «مراد» إلى أن الفنان محمد منير استمد لقب الملك أو الكينج من مسرحية الملك هو الملك: «عملنا شريط كاسيت سميناه الملك بأغانى المسرحية واتعمل منه 14 طبعة وانتشر عربيا، فاشتهر منير بلقب الملك أو الكينج من مسرحية الملك».
ويتحدث المخرج مراد منير عن مشاريعه الفنية المقبلة: «كتبت مسلسل عن تربية الأبناء استغرقت فى كتابته 3 سنوات قرأت خلالها العديد من المراجع فى علم نفس الأطفال، والمسلسل عبارة عن 30 تيمة مختلفة تتعامل مع المشكلات الخاصة بتربية الأبناء وكيفية التصرف فى المشكلات المختلفة ومن إخراج عمر عبدالعزيز، وأقدم حاليًا عرض «المغامرة» المسرحى».
وأردف: «أنا سيناريست أفضل منى مخرج، وكتبت فيلم كان يوم حبك عن قصة وتجربة شخصية، كما كتبت 6 مسلسلات و5 أفلام لكنى لم أكن أستطيع تسويق شغلى، قبل كدة كان صعب تسوقى شغلك ولكن حاليا المسألة اتعدلت».