قال د. عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" إنّ التغيرات المناخية صارت واقعاً، وهناك جهود كبيرة وملموسة دولياً وإقليمياً ومحلياً تبذل لمواجهة تداعياتها على قطاع الزراعة والأمن الغذائي، والعديد من القطاعات الأخرى.
وتابع الواعر في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية" أنّ: "من المؤكد أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على إمدادات الطاقة بالنسبة لبعض الدول ستكون حاضرة وستُلقى بظلالها على أجندة مؤتمر المناخ الذي يعقد في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ، ولكن القضية الرئيسية التي ستحاول الدول الأفريقية والعربية طرحها هي الفاتورة التي يجب أن تدفعها الدول المسئولة عن تغيرات المناخ".
وأوضح المسؤول الأقليمي للفاو: "ملموس بشدة عمل مصر على تعزيز الجهود المشتركة بين الأطراف ذات الصلة من الحكومات والمؤسسات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص لدفع العمل المناخي والتحوّل من التعهدات المناخية إلى التنفيذ الفعلي، وفي القلب من ذلك حشد الجهود الدولية لتعزيز التحول الأخضر في قارة أفريقيا والدول النامية".
وأكد المسؤول الإقليمي للفاو أن مسؤولية الدول الأفريقية مجتمعة عن الانبعاثات المتسببة في تغير المناخ لا تتجاوز الـ4.5 بالمئة، وبالتالي فإن الدول الصناعية الكبرى يجب أن تضطلع بمسئوليتها في مساعدة الدول على التكيف مع التغيرات، وإصلاح ما أفسدته تلك التغيرات، التي تسببت في شح المياه والتصحر، وما ترتب على ذلك من ضغوط اقتصادية على بعض الفئات، مثل صغار المزارعين.
ولفت الواعر إلى أن قضية تغيرات المناخ لم تعد ترفا، وأصبحت أهم قضية في العالم، بدليل أن زعماء العالم سيجتمعون في شرم الشيخ من أجلها، فالتغيرات المناخية ليست قضية بيئية فقط، ولكنها قضية اقتصادية واجتماعية في الأساس.
وأكمل قائلا: أدت التغيرات المناخية إلى جفاف بعض المناطق مثل ما حدث في شرق أفريقيا وفي المغرب وفيضانات كالتي حدثت في باكستان، وحرائق غابات، كالتي شهدتها لبنان والجزائر، والعديد من المناطق حول العالم.
وتابع: المزارعون المصريون يدركون تماماً أن هناك مشكلة، ويتعاملون معها بخبراتهم المتراكمة، فقد يكون مصطلح تغير المناخ غير معتاد بالنسبة لهم، ولكنهم يعرفون أنه في السنوات الخمس الأخيرة ظهرت آثاره وحدث تغير واضح في درجات الحرارة، تسبب في التأثير مثلا على ظهور بعض الآفات في عدد من المحاصيل الزراعية.
واستطرد: "بدأ ينتشر في مصر مؤخراً مصطلح الزراعة الذكية المناخية، وهو يتعلق بالمعاملات الجديدة التي يُجريها المزارع للتجاوب مع تداعيات التغيرات المناخية".
ونوّه الواعر: "نسعى في الفاو بالاشتراك مع وزارة الزراعة ووزارة البيئة في مصر إلى تقديم الدعم للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة، لمواجهة آثار تغير المناخ على الإنتاج الزراعي، عبر عدد من البرامج والمشاريع".
وأكد: "نقوم بعمل مشروع لدعم قطاعات الأغذية الزراعية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا للمشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27، الذي يهدف إلى دعم الدول الأعضاء في المنطقة لتعزيز القدرات وتسهيل زيادة المشاركة في عمليات مؤتمر الأطراف مع التركيز على الدور الهام للممارسات الزراعية في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتعزيز تدابير التكيف لمعالجة تأثير تغير المناخ على القطاع الزراعي".
وأكمل: "لدينا برنامج توسيع نطاق الطموح المناخي بشأن استخدام الأراضي والزراعة (سكالا)، الذي يدعم 12 دولة في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية لبناء قدراتها على التكيّف مع التغير المناخي، ويضع البرنامج صغار المزارعين على رأس أولوياته، إن لم يكن في صميمها، وهؤلاء ينتجون أكثر من 70 بالمئة من غذاء العالم، ولا يتلقون سوى أقل من 2 بالمئة من التمويل المخصص للتكيف مع المناخ".