رصدت دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، الاستراتيجية المصرية لمواجهة الإرهاب، جاء فيها أن الدولة المصرية عملت منذ عام 2014 على كسر حدة الموجة الإرهابية بكافة الطرق والوسائل، وعملت على تقوية الأجهزة الأمنية المستنزفة بالأساس من عام 2011، وإعادة صياغة استراتيجيات المواجهة لتتناسب مع حجم التطور الإرهابي القائم، وهو الأمر الذي لابد من أن يستغرق بعض الوقت.
ولفتت الدراسة الى أن الأحداث المتسارعة التي شهدتها مصر بداية عام 2011 أدت الى ظهور العديد من التهديدات والمخاطر الأمنية التي هددت أمن واستقرار الدولة المصرية بشكل مباشر، وكان في مقدمتها خطر الإرهاب الذي شهد تطورًا نوعيًا بفضل رعاية جماعة الإخوان لكافة مكوناته، مؤكدة أن مصر واجهت موجة إرهابية هي الأكبر والأعنف في تاريخها، اختلفت بشكل جذري عن إرهاب عقد التسعينيات من القرن الماضي، واستطاعت الدولة بتضحية أبنائها وحرفية أجهزتها المعنية احتواء تلك الموجة والسيطرة عليها خلال السنوات الثمانى الماضية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي في يونيو 2014.
وأضافت الدراسة أن تلك الجهود أدت إلى تراجع تدريجي في عدد العمليات الإرهابية، إذ انخفضت في عام 2016 إلى 199 عملية، بينما لم تتجاوز 50 عملية إرهابية في 2017، وأنه في هذا العام سعت الجماعات الإرهابية في سيناء إلى محاولة تصدرها المشهد مرة أخرى على غرار الأعوام السابقة، وقامت بتنفيذ هجوم دموي على مسجد الروضة ببئر العبد، وأسفر عن استشهاد 305 من المواطنين الأبرياء وكان من بينهم أطفال، وإصابة 128 آخرين.
ولفتت الدراسة الى أنه خلال عام 2018 حدثت 8 عمليات فقط، وأنه فى عام 2019 لم تشهد مصر فيه سوى عمليتين إرهابيتين وهما تفجير معهد الأورام الذي أدى إلى استشهاد 19 شخصًا وإصابة 30 آخرين، والتفجير الانتحاري الذي وقع بمنطقة الدرب الأحمر وكان خلال مطاردة أمنية، ما أسفر عن استشهاد 3 من رجال الشرطة بينهم المقدم رامي هلال بقطاع الأمن الوطني.
وأشارت الدراسة الى انخفاض العمليات الإرهابية في سيناء بشكل كبير، وأنه تم إحباط الكثير منها نتيجة للضربات الأمنية المتلاحقة التي تنفذها قوات إنفاذ القانون هناك، بعد أن كانت سيناء مسرحًا للعمليات الضخمة التي أوقعت عددًا كبيرًا من الشهداء والمصابين، بينما لم تشهد محافظات القاهرة والوادي والدلتا أية عمليات إرهابية خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يؤكد أن الجهود المكثفة التي بذلتها مصر خلال السنوات الماضية تؤتي ثمارها.
ولفتت الدراسة الى أن مصر بدأت مواجهتها مع الإرهاب منذ اللحظة الأولى انطلاقًا من الإيمان الكامل بخطورة هذه الظاهرة وما قد تسببه من انهيار دول بالكامل وإسقاط مؤسساتها، وهو ما حدث بالفعل في عدد من دول الإقليم، وذلك وسط توترات سياسية خطيرة مرت بها مصر في بداية هذا العقد، ومحيط إقليمي شديد الاضطراب.
ونوهت الدراسة الى أن جهود الدولة المصرية لمكافحة الإرهاب وتحديدًا من عام 2014 ترتكز على 3 محاور أساسية، المحور الأول: يقوم على رصد وتتبع كافة الشبكات الإرهابية داخل مصر وتفكيك قواعد الدعم اللوجيستي لها وقطع أوصالها وتجفيف منابع التمويل سواء من الداخل أو الخارج وتشديد الحصار المفروض عليها، وذلك بالتزامن مع تشديد أعمال الرقابة والتأمين على الحدود وكافة الاتجاهات الاستراتيجية بالتعاون مع كافة الأجهزة المعنية، وأن المحور الثاني يقوم على تنفيذ حملات المداهمة والضربات الاستباقية بالتعاون مع المواطنين في مختلف المحافظات وأهالي سيناء، وأن المحور الثالث يقوم على البدء الفوري في مشروعات التنمية الشاملة والتنمية المستدامة في كافة أنحاء الجمهورية للارتقاء بالأوضاع المعيشية والاجتماعية للقضاء على البيئة المغذية للإرهاب، بالإضافة إلى تمكين الشباب واحتوائهم لحمايتهم من مخاطر الفكر والاستقطاب المتطرف.
وأوضحت الدراسة أن التحركات المصرية لمواجهة الإرهاب لم تقتصر على المواجهة الداخلية، وإنما بذلت عدة جهود لمحاربته على المستوى الإقليمي والدولي، لافتا الى ما ورد في التقرير الوطني حول جهود مصر في مكافحة الإرهاب الصادر في يوليو 2020 عن وزارة الخارجية المصرية والذي تم إعداده بالتنسيق مع الوزارات وأجهزة الدولة المعنية، والذى أشاد بالتقدم الكبير الذي أحرزته مصر لمكافحة الإرهاب وتمويله مما انعكس على انخفاض العمليات الإرهابية، فضلًا عن تعاون مصر مع ما يزيد عن 38 دولة عبر العالم مما أسفر عن إلقاء القبض على عدد من الإرهابيين وتفكيك شبكات تمويل الإرهاب، بجانب امتلاك مصر للآليات الفعالة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمنع الإرهابيين والمنظمات الإرهابية وممولي الإرهاب من جمع الأموال ونقلها واستخدامها.