تمر اليوم الذكرى الـ 229 على إعدام الملكة مارى أنطوانيت زوجة لويس السادس عشر ملك فرنسا بتهمة الخيانة، وهى التى ينسب لها المقولة المشهورة "إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء، دعهم يأكلون كعكًا" رغم أنه لا يوجد دليل على ذلك وأن الذى ذكر هذه العبارة هو جان جاك روسو فى كتابه "الاعتراف" ولم يذكر اسم النبيلة التى قالتها، إلا أن هذه الحكاية الواهية منتشرة بين العامة.
والمقولة السابقة من القصص الشهيرة التى نسبت لمارى أنطوانيت وساهمت فى تشويه سمعتها بكتب التاريخ، وقد برزت بالمصادر الفرنسية بشكل أدق تحت كلمات "دعهم يأكلون البريوش" والبريوش هو نوع من الخبز الفرنسى الفاخر الذى يصنع أساسا اعتمادا على الدقيق والبيض والزبدة، وقد قيل إن هذه الكلمات قد ارتبطت بمارى أنطوانيت عندما علمت بانتشار المجاعة وتفشى الفقر بين الفرنسيين وعدم قدرتهم على شراء الخبز.
وماري أنطوانيت هي آخر الملكات اللواتي حكمن فرنسا واللواتي عُرفن بالبذخ والترف والإسراف بينما الشعب يراقبهنّ بحسرة وغضب وغليان، وماري أنطوانيت هي في الأصل ماريّا أنطونيا جوزيفا جوهانا من النمسا. ولدت العام 1755 في النمسا وزُوِّجت إلى وليّ العهد الفرنسيّ وهي بعد في الرابعة عشرة من عمرها، في محاولة لإنهاء الحرب التي كانت قائمة آنذاك بين فرنسا والنمسا، وكان هذا الزواج كغيره من الزيجات الملكيّة إجراءً رائجاً ومتعارفاً عليه في عصر يتمّ فيه تزويج الأبناء الملكيّين فيما بينهم لعقد معاهدات سلام بين الدول والإمبراطوريّات. وبوفاة الملك لويس الخامس عشر العام 1774، جلس على العرش الفرنسيّ لويس السادس عشر زوج ماري أنطوانيت، لتصبح هي بذلك ملكة فرنسا وهي بعد في التاسعة عشرة من عمرها.
وبعد سنوات قليلة على العرش، بدأت تواجه الملك لويس السادس عشر مشاكل جمّة في الحكم، من أزمات اقتصاديّة واحتجاجات شعبيّة ومواجهات سياسيّة وزوال ثقة الناس به. وكان الملك، باعتراف المؤرّخين، ملكاً ضعيفاً غير مؤهّل للحكم، يؤثر القراءة والصيد والعزلة على التوغّل في دهاليز الحكم والقيام بشؤون بلاطه وشعبه بحنكة وتماسك، فراحت تدخّلات ماري أنطوانيت في الحكم تتزايد وتتضاعف بخاصّة مع تزايد موجات الغضب الشعبيّ. ومع تفاقم الأمور وازدياد الاحتقان في النفوس وتردّي الأوضاع الاقتصاديّة ساءت الأحوال وتأجّجت الأحداث وأقام الشعب الفرنسيّ حصاراً على العائلة الملكيّة مانعاً إيّاها من مغادرة باريس.
وقد أخذ الشعب الفرنسيّ على ملكته أكثر من مأخذ وعيّرها على إهمالها وغرورها فكانت هي بذلك السبب المباشر في الثورة التي حصلت فيما بعد. وقد اتُّهمت ماري أنطوانيت بالخيانة وبالتواصل مع العدو (وهو النمسا مسقط رأسها)، كما طُعنت بأخلاقها ومسارها وتربيتها لأولادها. وقد تكون مسألة عقدها الألماسيّ الذي بلغت قيمته آنذاك 2،000،000 ليرة فرنسيّة أي ما يزيد على 14 مليون دولار في يومنا هذا، مسألة أساسيّة في انقلاب الشعب ضدّها على الرغم من براءتها من المسألة برمّتها.
ومع ازدياد الاضطرابات يوماً بعد يوم اندلعت الثورة الفرنسيّة صيف العام 1789، ثورة تُعتبر محرّكاً تاريخيًّا بارزاً وأحد أكثر الأحداث التاريخيّة تأثيراً في التطوّر السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ البشريّ. فقد تمثّلت شعوب كثيرة بمبادئ هذه الثورة وبمسارها ولعقود طويلة كما ما زالت هذه الثورة حتّى يومنا هذا مضرب مثل بين الشعوب التي تناضل لنيل حرّيتها وحقوقها وعدالتها الاجتماعيّة والاقتصاديّة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة