مع تزايد تهديدات الإطاحة بـ ليز تراس، من منصب رئاسة وزراء بريطانيا بعد حوالى 40 يوما فقط على تسلمها الحكومة، بسبب خطتها المالية التي كانت ستمنح الأعلى دخلا تخفيضات ضريبية، مما أدى إلى اضطرابات انتهت بإقالة وزير ماليتها، أعلن وزير المالية الجديد البريطاني جيريمي هانت، التراجع عن خطط خفض المعدل الأساسي لضريبة الدخل، في مسعى لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية.
جيريمى هانت
وقال هانت - في بيان أدلى به اليوم الاثنين بمقر الحكومة البريطانية للكشف عن ملامح الخطة المالية متوسطة الأجل - إنه تقرر تأجيل خفض المعدل الأساسي لضريبة الدخل من 20 بنسا إلى 19 بنسا، موضحا بالقول "ليس من الصواب الاقتراض لتمويل هذا التخفيض الضريبي"، مشيرا إلى أن المعدل سيبقى إلى أجل غير مسمى عند 20 بنسا حتى تسمح الظروف الاقتصادية بخفضه.
وتابع: "سنواصل إلغاء ضريبة الرعاية الصحية والاجتماعية وتغييرات رسوم الدمغة، ولن نواصل بعد الآن خفض معدلات ضريبة توزيع الأرباح، وضريبة القيمة المضافة للزوار غير المقيمين في المملكة المتحدة، أو تجميد معدلات رسوم الكحول".
وقال هانت إنه بعد هذه القرارات إلى جانب قرار رفع ضريبة الشركات إلى 25%، بدلا من تثبيتها عند 19 %، فإنه من المقرر أن يتم توفير حوالي 32 مليار جنيه استرليني سنويا.
وبشأن خطة ضمان أسعار الطاقة، قال هانت إن الدعم الذي توفره الحكومة من الآن وحتى شهر أبريل المقبل لن يتغير، لكن بعد ذلك تم الاتفاق مع رئيسة الحكومة ليز تراس على أن تقوم وزارة الخزانة بمراجعة كيفية مساعدة المواطنين في فواتير الطاقة اعتبارا من أبريل من العام المقبل، بهدف تصميم نهج جديد لتوفير أموال دافعي الضرائب مع توجيه الدعم لمن هم في أمس الحاجة إليه.
ونوه هانت إلى أنه لا يمكن لأي حكومة أن تتحكم في الأسواق، لكن الخطط التي يعلن عنها تهدف إلى إنهاء حالة عدم اليقين لتحقيق الاستقرار وبثت الثقة.
تجدر الإشارة إلى أنه من المقرر الكشف عن بقية الخطة المالية متوسطة الأجل في 31 أكتوبر الجاري.. وكانت الحكومة البريطانية برئاسة ليز تراس، قد تراجعت في بدايات أكتوبر الجاري، عن خطتها لإلغاء أعلى معدل لضريبة الدخل، وذلك وسط ثورة أعضاء حزبها (المحافظين) على السياسة ورد فعل مضطرب من الأسواق.. وخلف هانت وزير المالية البريطاني السابق كواسي كوارتنج، والذي بقي في منصبة لمدة 38 يوما فقط؛ قبل إقالته بسبب الموازنة المصغرة للحكومة التي أثارت جدلا واسعا.
ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن الاقتصاديين حذروا من أن المملكة المتحدة ستدخل فى حالة ركود حتى صيف 2023، ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد البريطانى بنحو 0.2 فى المائة كل ربع سنة من أكتوبر حتى يونيو من العام المقبل.
ووفقا لمجموعة التوقعات الاقتصادية " EY Item Club " ، هذا التراجع الاقتصادى المطول سيؤدى إلى انخفاض بنسبة 0.3 فى المائة فى الناتج المحلى الإجمالى لعام 2023 ككل.
وأوضحت الصحيفة أن الاقتصاد يدخل فى ركود تقنى عندما ينخفض الناتج المحلى الإجمالى لربعين متتاليين أو أكثر.
خفضت مجموعة التنبؤات الاقتصادية بشكل كبير توقعاتها الصيفية السابقة التى قدرت أن الاقتصاد سينمو بنسبة 1 فى المائة فى عام 2023.
وأوضحت الصحيفة أن مزيج من ارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة والضعف الاقتصادى العالمى أدى إلى زيادة احتمالية مواجهة الاقتصاد البريطانى للركود حتى منتصف العام المقبل.
ومع ذلك، فقد تم تقليل مخاطر حدوث انكماش حاد بسبب سقف فواتير الطاقة الذى تفرضه الحكومة، وفقًا لما قالته مجموعة EY Item Club، مما يعنى أنه لن يكون سيئًا مثل فترات الركود السابقة.
وتدخلت الحكومة فى أوائل سبتمبر لوضع سقف لفواتير الطاقة عند 2500 جنيه إسترلينى سنويًا للمنازل، وتعهدت منذ ذلك الحين بتغطية جزء من تكاليف الكهرباء المتصاعدة للشركات أيضًا. تهدف هذه الخطوة إلى تخفيف الضغط على دخل الأسرة ومنع انهيار الشركات التى لولا ذلك لن تكون قادرة على تحمل الفواتير المتزايدة.
ومع ذلك، بمجرد أن ينحسر التضخم المرتفع، فإن ضعف الجنيه سيعزز الصادرات وينهى رفع أسعار الفائدة فى بنك إنجلترا، مما يعنى أن الناتج المحلى الإجمالى من الممكن أن يعود إلى النمو فى النصف الثانى من عام 2023، وفقًا لما قالته EY.
ومن المتوقع بعد ذلك أن يتوسع الاقتصاد بنسبة 2.4 فى المائة فى عام 2024 و 2.3 فى المائة فى عام 2025.
لكن المجموعة حذرت من أن هناك خطرًا من أن يتراجع النمو بسبب مزيد من الصدمات الاقتصادية.