ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة اليوم، بمسجد "الرحمة" بمحافظة السويس، تحت عنوان: "مراحل وسمات بناء الشخصية فى السنة النبوية"، بحضور اللواء عبد المجيد صقر محافظ السويس، والدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، وقنصل المملكة العربية السعودية بالسويس الوزير المفوض خالد بن على الشمراني، والشيخ ماجد راضى مدير مديرية أوقاف السويس، والشيخ محمد فتحى مسلم مدير الدعوة، وعدد من القيادات الدعوية والتنفيذية والشعبية بالمحافظة بمناسبة العيد القومى للمحافظة.
وفى خطبته أكد وزير الأوقاف، حرص ديننا الحنيف ونبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) على بناء الشخصية السوية القوية القويمة المستقيمة الرشيدة على خمس ركائز صحيحة هي: الإيمان، والأخلاق، والإنسانية، والعمل، والولاء للوطن، فأما الإيمان فهو باب الراحة والسعادة فى الدنيا والآخرة وهذا ما علمه النبى (صلى الله عليه وسلم) لأمته أطفالًا وشبابًا وشيوخًا، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا عبد الله بن عباس (رضى الله عنه): "يا غلام، إنى أعلمك كلماتٍ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعـوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفَّت الصحف"، يقول الشاعر:
وإذا العناية لاحظتك عيونها
نَـمْ فالمخاوف كلهن أمانُ
ويقول الآخر:
إذا صح عون الخالق المرء لم يجد
عسيرًا من الآمال إلا ميسرًا
ويقول الآخر:
إِذا لَم يَكُن عَونٌ مِنَ اللَهِ للِفَتى
فَأَولُ ما يَجنى عَلَيهِ اِجتِهادُهُ
ويقول الإمام الشافعى (رحمه الله):
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ
أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اليأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ
لا تَيْأسَنَّ فإنَّ الكافى اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعدَ العُسرِ مَيْسَرَةً
لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ
إنَّ الذى يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
كما أكد جمعة، أن الإيمان الحقيقى هو الذى يجعل الإنسان فى أعلى درجات الصدق مع النفس، حتى إن بعض العلماء عرَّف الإيمان بأنه: الصدق؛ فقال: الإيمان الحقيقى أن تقول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك، وأن لا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك، ذلك لأن المؤمن يدرك أنَّ ما أصابه لم يكُنْ لِيُخطِئَه، وما أخطأَه لم يكُنْ لِيُصيبَه، مشيرًا إلى أنه لا إيمان بلا أخلاق، ولا إيمان بلا قيم، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ"، وعندما سُئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة قال: "تقوى الله وحُسن الخلق"، مؤكدًا أن من أهم هذه الركائز إتقان العمل فنحن أمة يجب أن تعمل وأن تأكل من عرق جبينها، وأن علينا أن نتقن أعمالنا من منطلق قول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إن اللهَ تعالى يُحِبُ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ" فالإتقان سمة من سمات المؤمن فى كل حركات حياته وسكناته.
وأوضح وزير الأوقاف، أن الإيمان بالله (عز وجل) هو مفتاح كل خير على مستوى الأفراد والأمم والدول، حيث يقول سبحانه: "وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ"، فالدول التى لا تبنى على الأخلاق تحمل عوامل سقوطها فى أصل بنائها، وكما قال الشاعر :
وإذا أصـيبَ الـقومُ فى أخلاقِهمْ
فـأقمْ عـليهم مـأتماً وعـويلا
وقال آخر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
كما أكد أن ديننا هو دين العمل، فلا مكان لعاطلين أو متقاعسين عن العمل، وصافح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلاً فوجد يد الرجل خشنة من آثار العمل اليدوى فقال (صلى الله عليه وسلم): "هذه يد يحبها الله ورسوله"، يقول شوقي:
وَقَفتُمْ بَينَ مَوتٍ أَو حَياةٍ
فَإِن رُمتُمْ نَعيمَ الدَهرِ فَاشْقَوا
وقال وزير الأوقاف، إن ديننا دين الإنسانية فى أسمى معانيها، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "من فرج عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة"، يقول الشاعر:
الناس للناس مادام الوفاء بهم
والعسر واليسر أوقات وساعات
ﻻ تقطعنّ يد المعروف عن أحــد
مـا دمـت تـقدر والأيـام تـــارات
وأكرم الناس ما بين الورى رجل
تقضى على يده للناس حاجات
واذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجـــات
قد مات قوم وما مــاتت فضائلهم
وعاش قوم وهم فى الناس أموات
ولذا قالوا: ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، لاسيما فى الأوقات التى تحتاج إلى التكاتف والتراحم من منطلق دينى وإيمانى ووطني.
كما أن من تلك الركائز ركيزة الانتماء والانتماء للوطن، يقول شوقي:
وللأوطان فى دم كل حر
يد سلفت ودين مستحق
كما أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، والوطنية ليست مجرد كلام أو ادعاء، فالوطنية عمل وفداء، فتحية واجبة لأبناء هذه المدينة والمحافظة الباسلة إذ نحتفل بعيدها القومى بيوم من أيام التضحية والفداء، حيث شكل أبناء السويس إلى جانب إخوانهم من أبناء الجيش المصرى والشرطة ملحمة عظيمة هى ملحمة الفداء والوطنية تدعو للفخر والعزة، وهذه ضريبة الوطن علينا أن ندفعها جميعًا، فتحية تقدير لقواتنا المسلحة الباسلة، وشرطتنا الوطنية، ولأبناء السويس، ولكل وطنى محب لدينه ووطنه.