أزمات اقتصادية وتغير مناخى تقبع تحت وطأتها دول القارة الأفريقية، ويهدد حياة الملايين وينذر بانتشار للجوع وارتفاع مؤشر الفقر، عوامل عديدة ساهمت فى تفاقم هذه الأزمات فى أغلب بلدان أفريقيا، من بينها الحرب الروسية الأوكرانية واعتماد العديد من الدول على الاستيراد لسد احتياجاتها، فيما يتعلق بأزمة ارتفاع أسعار السلع.
وفيما يتعلق بالتغير الماخى أكد برنامج الأغذية العالمى فى أحدث تقرير له، تأثر 5 ملايين شخص فى 19 دولة فى غرب ووسط أفريقيا بسبب هطول أمطار فوق معدلها السنوي، حيث تسببت فى فيضانات فى جميع أنحاء المنطقة أودت بحياة المئات، كما أثرت على سبل العيش، وشرّدت عشرات الآلاف من منازلهم، ودمرت أكثر من مليون هكتار من الأراضى الزراعية.
وأكد أن هذه الكارثة المتعلقة بالمناخ هى واحدة من الأكثر دموية التى تشهدها المنطقة منذ سنوات، مردفا أنه من المرجح أن تعمق حالة الجوع المقلقة بالفعل للملايين.
المدير الإقليمى لبرنامج الأغذية العالمى فى غرب أفريقيا كريس نيكوى قال إنه تم بالفعل دفع العائلات فى غرب أفريقيا إلى أقصى حد فى ضوء الصراعات، والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية للجائحة، والارتفاع الهائل فى أسعار المواد الغذائية.
وتابع نيكوى أن هذه الفيضانات عوامل تضاعف البؤسن وهى القشة الأخيرة للمجتمعات التى تكافح بالفعل للبقاء على قيد الحياة.
وأكد أن برنامج الأغذية العالمى موجود على الأرض لمساعدة الأسر المتضررة من الفيضانات على الوقوف على أقدامها من خلال توفير حزمة استجابة فورية، مع المساعدة أيضا فى بناء قدرة المجتمع على الصمود أمام الصدمات المستقبلية وتمهيد طريق للخروج من هذا الوضع الكارثي.
وأشار البرنامج إلى أن أسعار المواد الغذائية ما تزال في ارتفاع في العديد من البلدان في جميع أنحاء المنطقة، مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية.
وتابع أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة لا يؤدي إلى تفاقم أزمة الجوع فحسب، بل يؤدي أيضا إلى إثارة التوترات الاجتماعية والاقتصادية – حيث تجد الحكومات صعوبة في الاستجابة للأزمة بسبب أعباء الديون الثقيلة ومحدودية الحيز المالي.
واقتصاديا يتفاقم معدل التضخم في عدد من بلدان القارة، علي سبيل المثال في إبريل الماضي بلغ معدل التضخم 6.29٪ في كينيا، و3.2٪ في أوغندا، و4.2٪ في رواندا، و3.8٪ في تنزانيا، و13.3٪ في بوروندي، و5٪ في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وشهدت أوغندا تعطل إمدادات الوقود منذ يناير، حيث يتكلف لتر البنزين 3 دولارات، كما تعرضت كينيا لنقص، مما أدى إلى شلل خدمات النقل العام، وفي أوغندا، ارتفع سعر البنزين إلى 1.4 دولار للتر، فيما يتطلع المواطنون لتخفيض الحكومة ضرائب المنتجات البترولية.
ورفعت تنزانيا الأسعار بأكثر من 11٪ للبنزين والديزل، و21٪ للكيروسين، وسجلت جمهورية الكونغو الديمقراطية أدنى سعر في المنطقة للتر البنزين هذا الأسبوع عند 1.04 دولار.
وتوالت ارتفاع الأسعار في شرق أفريقيا، لتطال أسعار الأغذية، ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" ارتأت أن تداعيات الحرب على أوكرانيا من الجانب الروسي سوف يرفع أسعار الغذاء في أفريقيا التي تعتمد على الاستيراد بشكل محموم.
وفي تنزانيا، استمرت أسعار السلع الأساسية مثل زيت الطعام والسكر ودقيق القمح في الارتفاع.
وفي مالاوي، أدت الأزمة والعقوبات الغربية علي روسيا لارتفاع أسعار المواد الأولية الزراعية والحبوب المستوردة، وفى نيجيريا إحدى أكبر الدول الأفريقية المنتجة للنفط وعضو أوبك، أعلنت شركات الطيران تعليق الرحلات الداخلية بسبب ارتفاع أسعار الكيروسين.
وكان الديزل يُباع بنحو 300 نيرة نيجيرية (0,72 سنتًا) للتر الواحد، لكنه أصبح الآن يُباع بـ730 نيرة (1,75 دولارًا) للتر.
ومع بدء الحرب تم بيع شوال دقيق القمح في كينيا من 150 إلى 172 شلن كيني (1,3 إلى 1,5 دولار أمريكي)، مقارنة بأقل من 140 شلن في فبراير الماضي، وعادة ما يحصل ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا جنوب الصحراء على خُمس وارداته من القمح من روسيا و10% أخرى من أوكرانيا، بحسب الحكومة.
وفي العاصمة الأوغندية كمبالا، تسببت الأزمة بارتفاع أسعار الصابون والسكر والملح وزيت الطهي والوقود. وفي السابق صرح وزير المالية الأوغندية دافيد باهاتي: "إن معظم السلع الأساسية منتجة محليًا لكن بعض المكونات مستوردة وتتحدد أسعارها بفعل الصدمات في الأسواق الدولية".
ومع تحذيره من التضخم الناجم عن الأزمة، رفع البنك المركزي في موريشيوس سعر الفائدة الرئيسية إلى 2%، في أول ارتفاع منذ العام 2011. وذكر رئيس الحكومة في موريشيوس برافيند كومار جوغناوث في خطاب متلفز "من المؤسف أنه، بعد أن صفت السماء بعد كوفيد-19، ظهرت غيوم إضافية".
وفي العاصمة الصومالية مقديشو، ارتفعت أسعار الوقود وزيت الطهي ومواد البناء والكهرباء. وفي جنوب القارة الأفريقية، ارتفعت أسعار الخبز وزيت الطهي في مالاوي بمعدل 50%.
وفيما يخص المحروقات، شهدت عدة دول أفريقية مؤخرا ارتفاعا في أسعار المحروقات، ما أثر على أسعار المواد الغذائية وقفا لتقرير للوكالة الأفريقية بنا.
وفي دول غرب أفريقيا، كالنيجر ومالي والسنغال وبوركينا فاسو، وحتى بعض دول وسط القارة السمراء، شهدت أسعار المحروقات ارتفاعا، وفي بعض الأحيان ندرة في البنزين والوقود لدى محطات التوزيع.
وفي بوركينا فاسو أعلنت الحكومة قبل نحو شهرين، زيادة أسعار المحروقات بـ 100 فرنك غرب أفريقي (0،16 دولار)، أما في مالي المجاورة فشهدت العاصمة باماكو ومدن أخرى الأسبوع الماضي، ندرة في المحروقات، بعد إضراب بعض الموزعين.
وتسببت ندرة المحروقات في مالي في انقطاعات متواصلة للكهرباء في لعاصمة باماكو، قبل أن ترسل غينيا عشرات الشاحنات لتخفيف الأزمة التي يقول الماليون إن عقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عمقتها، أما في توجو فواجه قرار السلطات زيادة أسعار المحروقات غضب السكان، الذين أظهروا تذمرا من الزيادة الأخيرة بعد أن وصل سعر ليتر الوقود إلى 625 فرنك.
ووفقا لتقرير الوكالة الأفريقية، فإن السنغال هي الأخرى لم تكن بمنأى عن تداعيات الحرب، ففي نهاية يوليو الماضي، أعلنت الشركة المسيرة لمطار داكار الدولي عن عجز في توفير وقود الطائرات، مشيرة إلى أن ذلك سيستمر لأسبوعين على الأقل.