وصلت الجولات التمهيدية للقمة العربية، إلى محطتها الأخيرة، بانعقاد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، بمركز المؤتمرات الدولي "عبد اللطيف رحال"، وذلك قبل أيام من لقاء القادة العرب، والمقرر في يومي 1 و2 نوفمبر المقبل.
ولعل أهم ما توافق عليه المشاركون في الاجتماعات هو استثنائية القمة الراهنة، والتي جاءت بعد أكثر من 3 سنوات من التوقف بسبب جائحة كورونا والتي أدت إلى العديد من التداعيات الاقتصادية الكبيرة، والتي طالت في جزء كبير منها الدول العربية، بينما جاءت الأزمة الأوكرانية لتزداد الأوضاع سوءا، خاصة مع تبعاتها على قطاعات حيوية، وعلى رأسها الأمن الغذائي.
انطلاق الاجتماع
في هذا الإطار، شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمته أمام اجتماع على ضرورة استمرار دورية انعقاد القمة العربية، معتبرا أن القمة العربية هي الآلية الأهم من آليات العمل العربي المشترك ذلك أنها تضع إطاره الناظم، وتصوغ الرؤية التي يتحرك في إطارها، والأهداف الاستراتيجية التي يسعى لتحقيقها.
ودعا الأمين العام إلى التعامل الجاد مع الأزمات العالمية وتداعياتها في المرحلة الراهنة، معتبرا أن تواترها جعل الأزمة حالة مستمرة وليست مجرد وضع عابر وقد ظهر واضحاً أن الاستعداد للأزمات، وتحصين المجتمعات إزاءها وزيادة قدرتها على الصمود، يقتضي عملاً مؤسسياً وتكاملياً ويتطلب نظرة استراتيجية، تنطلق من الواقع ولا تفتقر للخيال في ذات الوقت.
الحديث عن التكاملية في التعامل مع الأزمات كان محلا للاتفاق بين المشاركين في الاجتماع، حيث أعرب وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي عن أمله أن تساهم القمة العربية في تعزيز المواقف العربية وتوحيدها خاصة خلال مختلف الازمات التي تشهدها المنطقة، وأبرزها في اليمن والعراق غيرها، مؤكدا أن تونس ستواصل جهودها خلال عضويتها بمجلس السلم والأمن الإفريقي لدعم القضايا العربية.
أبو الغيط
وشدد الجرندى على تركيز بلاده الكامل على مواصلة التواصل والتنسيق والتشاور مع كافة الدول العربية، وذلك لتعزيز العمل العربي المشترك ودعم القضايا العربية خاصة خلال عضوية تونس لمجلس الأمن الدولى، وفى القلب منها القضية الفلسطينية.
مركزية فلسطين وأولويتها كان أحد نقاط الإجماع خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب بالجزائر، وهو ما بدا في حديث الأمين العام، والذى تناول الأزمات العربية بشكل عام بينما كان للقضية الفلسطينية قسطا وافرا من كلمته.
فعن فلسطين، أكد أبو الغيط على مرور القضية بمرحلة صعبة تُنذر بما هو أسوأ وأشد خطراً، حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي هوايته المعهودة في اللعب بالنار، غير عابئ بأن سياسات العنف والقمع ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة تمحو كل أثر لاتفاق أوسلو، وتقوض الأساس الذي يُمكن أن ينهض عليه حل الدولتين في المستقبل.
جانب من الاجتماع
وفي المقابل، بحسب أبو الغيط، توجد أطرافاً دولية لا تُدافع عن هذا الحل سوى بالكلام الإنشائي والخطب الرنانة، من دون أي خطة عملية لإطلاق عملية سلمية جادة، أو أي عمل فعلي لصيانة حل الدولتين أو منح الفلسطينيين ضوءاً في آخر نفق الاحتلال الطويل، معتبرا أن المرحلة الحالية تقتضي عملاً جاداً من أجل تعزيز الصمود الفلسطيني، على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية.
وأما عن الأزمات العربية بشكل عام، يقول الأمين العام إنها تُمثل جراحاً نازفة، تستهلك الموارد والإمكانيات، وتأتي على الحاضر والمستقبل، وتُضعف الأمن الجماعي وتزيد من انكشاف المنطقة موضحا أن انخراط المنظومة العربية في معالجة الأزمات، على نحو جماعي وفي إطار الجامعة العربية، لا زال أقل من المأمول والمطلوب.
وتعد التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية أحد أبرز القضايا التي تناولها الاجتماع، في ظل ما تؤدى إليه من تفاقم الاوضاع في مناطق الصراع، وهو ما يمثل تهديدا خطيرا للمنظومة العربية بشكل عام.
اجتماع وزراء الخارجية العرب
يرى أبو الغيط أن السبب الرئيسي في تلك التدخلات هو الأزمات داخل الدول العربية، والتي اعتبرها ثغراتٍ نفذت منها قوى إقليمية غير عربية، لتُمارس أدواراً تخريبية من أجل الهيمنة على بعض المجتمعات العربية، والاستفادة من واقع الأزمة لتحقيق مصالحها، مؤكدا على أن معالجة هذه الأزمات، والتوصل إلى تسويات سياسية توقف نزيف الدم والحروب في الدول التي تُعاني منها، يظل المفتاح الأهم لإنهاء هذه التدخلات الضارة والمُزعزعة للاستقرار التي تُمارسها الأطراف الإقليمية في الشئون الداخلية للدول العربية.
ومن جانبه دعا وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى احترام سيادة الدول في العلاقة مع دول الجوار التي تشارك العالم العربي في الحضارة الإسلامية، داعيا إلى العمل بروح توافقية بناءة لتحقيق اهداف القمة العربية التي تتزامن مع ذكرى الثورة الجزائرية.