بعد 11 يوما فقط من إعلان وزير المالية البريطانية لميزانيته المصغرة، أعلنت الحكومة عن تراجعها عن خفض الضرائب لمن هم أعلى دخلا، وذلك بعد انتقادات امتدت من حزب المحافظين نفسه إلى صندوق النقد الدولى، الذى وجه تحذيرا نادرا للمملكة المتحدة ودعاها لإعادة النظر فى الخطة لمنع إذكاء عدم المساواة، حيث اعتبر بعض الخبراء أن الخطة تصب فى صالح الأغنياء على حساب الأكثر احتياجا.
واعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن تخلى حكومة ليز تراس خطتها لخفض الضرائب تحول "مهين" ، بعد تمرد المحافظين المتزايد على السياسة ورد الفعل المضطرب من الأسواق.
ليز تراس وكواسى كوارتنج
وقال كواسي كوارتنج، وزير المالية البريطاني ، عند إعلانه القرار في تغريدة صباح يوم الاثنين: "لقد فهمنا ذلك ، واستمعنا إليه".
وقال المستشار إن قرار خفض الضرائب للأشخاص الذين يبلغ دخلهم 150 ألف جنيه إسترليني أو أكثر "أصبح يصرف الانتباه عن مهمتنا الأساسية لمواجهة التحديات التي تواجه بلدنا. وتابع: "نتيجة لذلك ، أعلن أننا نتراجع عن القرار."
وفى جولة من المقابلات الإذاعية قبل كلمته في مؤتمر المحافظين في برمنجهام ، نفى كوارتنج إن قرار ميزانيته المصغرة قبل 10 أيام كانت خطأ ، على الرغم من تأثيره على الجنيه وعلى تكلفة الديون الحكومية ، والذى بدوره جعل الرهون العقارية أكثر تكلفة.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت الحزمة المالية ، بما في ذلك ما مجموعه 45 مليار جنيه استرليني من التخفيضات الضريبية غير الممولة ، كانت خطأ ، قال كوارتنج لبي بي سي: "أنا لا أدرك ذلك على الإطلاق. كنا نتصرف بسرعة عالية جدا جدا ".
وأصر كوراتنج على أن الكثير من اضطرابات السوق نتجت عن عوامل دولية ، ورفض الدعوات المتكررة للاعتذار. وقال في النهاية: "هناك إذلال وندم وأنا سعيد للاعتراف بذلك".
ومع ذلك ، يعد هذا تراجعا كبيرًا بالنسبة لموقف المستشار في وظيفته بعد أكثر من ثلاثة أسابيع بقليل ، فبعد أن كان من المقرر أن يخبر المؤتمر بأنه "واثق من أن خطتنا هي الصحيحة" ، أعلن التراجع عن القرار مؤكدا أنه لم يفكر في الاستقالة.
واعتبرت الصحيفة أن التغيير المفاجئ جاء بالطبع في أعقاب إدراك داخل داونينج ستريت – مجلس الوزراء- أن العديد من أعضاء البرلمان المحافظين اعترضوا على السياسة التي قد يتم التصويت عليها في البرلمان ، وسط مخاوف من الناخبين بشأن ارتفاع تكاليف الرهن العقاري.
وقال كوارتنج إنه ناقش مع رئيسة الوزراء خياراتهما خلال عطلة نهاية الأسبوع: "كنا نستوعب رد الفعل ، وكنا نفكر ، ماذا سنفعل؟".
وقالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية إن خطة الحكومة لخفض الضرائب أثارت انقسامات داخل الحزب، وليس هذا فحسب، بل دفعت شعبيته إلى التراجع ومنذ أن أصبحت زعيمة للحزب، تراجعت تقييمات الاستطلاعات لأقل مما كانت عليه حتى في ظل قيادة بوريس جونسون التى حظيت بالكثير من الانتقادات.
وكان يخشى أعضاء البرلمان المحافظون من أن الجمع بين التخفيضات الضريبية إلى جانب الإنفاق العام الضخم لمساعدة الناس على التعامل مع فواتير الطاقة ، وارتفاع التضخم ، وارتفاع أسعار الفائدة ، وانخفاض الإسترلينى سيجعل الفوز في الانتخابات العامة المقبلة أمرًا مستحيلًا.
وذهبت الشبكة إلى أن المزاج السائد في مؤتمر حزب المحافظين – المستمر حتى 5 أكتوبر- قاتم بلا شك. لا يعتقد الجميع أن الانتخابات المقبلة تم خسارتها بالفعل، لكن الغالبية تعتقد أن الوضع الحالي عبارة عن فوضى تحتاج إلى حل سريع للغاية.