لا يمكن لأحد أن ينكر تلك الطفرة التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة فيما يتعلق بتحسن المناخ، فمع استعدادات الدولة المصرية لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27 في نوفمبر القادم، هناك جهود ملموسة أدت في نهاية الأمر إلى تراجع حجم تلوث الهواء بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل وصل إلى حوالي 8% خلال عام 2020 فقط.
ولكن "تظل عوادم السيارات هي الملوث الأكبر للهواء في مصر".. قد تبدو تلك العبارة المثيرة للاهتمام هي أهم ما جاء في دراسة نشر تفاصيلها موقع The Eco Expertsالمعني بشئون المناخ عالميًا، والتي وضعت القاهرة الكبرى على رأس المدن الأكثر تلوثاً في العالم، من أصل 48 مدينة، ما يؤكد على خطورة الوضع، وأهمية الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية للحد من الانبعاثات المضرة بالمناخ في مصر.
رغم أن خطوة الاتجاه إلى المصادر الجديدة والمتجددة في انتاج الطاقة تُعد أهم الإجراءات التي يمكن لها أن تحد من الانبعاثات الكربونية، تبقي عوادم السيارات التي وصفتها الدراسات والابحاث العلمية بـ “الملوث الأكبر للهواء في مصر" الخطر الحقيقي لتلك الجهود المصرية. وقد بدأت الدولة المصرية بالفعل مرحلة جديدة لمواجهة ذلك الخطر، ومن أهم سمات هذه المرحلة هي دعم الحكومة للسيارات الكهربائية والعمل على توصيل التيار الكهربائي لمحطات شحن تلك السيارات.
تأثير توقف حركة السيارات وانخفاض العوادم بالطرق كان واضحا ًبعد الإغلاق الذي فرضته جائحة كورونا، حيث انخفض تلوث الهواء في الكثير من المدن المكتظة بالسكان انخفاضاً كبيراً، وهو ما رصدته بالفعل الوكالة الأوروبية للبيئة في اختباراتها، حيث لاحظت انخفاض في تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين بنسبة زادت عن 50% على الأقل في بعض المدن في اسبوع واحد فقط ، وهو ما يثبت صحة الدراسات التي نشرها موقع The Eco Experts، من أن عوادم السيارات هي الملوث الأكبر للهواء، ليس في مصر فقط، ولكن في مدن العالم أجمع.
السؤال الأهم الذي يجب الإجابة عليه، كيف نستفيد من تلك التجربة، والتي ساهمت بشكل كبير في الحد من الانبعاثات الكربونية، فبعد انتهاء كبوة كورونا عاد من جديد نشاط البشر في طول الارض وعرضها، وهو ما يعني عودة السيارات وعوادمها من جديد.
اعتقد أن الاجابة على هذا التساؤل تكمن في التجربة التي نعيشها منذ أكثر من عامين، فقد أثبتت أن جزءًا كبيرًا من تحقيق هدف الحد من التلوث متاحًا بالفعل، وإذا كنا لا نستطيع الاستغناء عن السيارات التقليدية، إلا إننا يمكن أن نعيد هيكلتها من جديد بالاستغناء عن الوقود المحترق، واستبداله ببطارية تعمل بالكهرباء، أي ان الحل يكمن في السيارات الكهربائية "EVs".
والحقيقة التي لا جدال فيها، والتي أثبتتها الدراسات والابحاث العلمية، أن السيارات الكهربائية تتميز بالعديد من المزايا، فهي صديقة للبيئة لا تنبعث منها الغازات الضارة، فانبعاثات السيارات الكهربائية أقل بنحو ثلاث مرات من السيارات التقليدية ، بما في ذلك الانبعاثات الصادرة من محطات الطاقة التي تولد الكهرباء لشحن السيارة، كما أنها سهلة التشغيل ولا تُصدر أصواتاً مزعجة.
كما أن هناك عددا كبيرا من المزايا التي يمكن أن تتحقق للاقتصاد القومي مثل فرص العمل التي سيتم توفيرها داخل محطات شحن السيارات الكهربائية، إضافة إلى الاستثمارات الضخمة التي ستؤدي إلى خلق شركات ناشئة ومستثمرون لتغطية هذه الخدمات، وهو ما سيضيف دخلاً جديداً لإيرادات الدولة المصرية ولميزانية الحكومة، ممثلة في رسوم التراخيص والشحن وخدمات التفتيش والضرائب، وغيرها من الرسوم التي يمكن استخدامها في تمويل المزيد من الخدمات العامة.
ولكن التحدي الرئيسي لتلك الخطة يتمثل في تأهيل وتوفير بنية تحتية كافية لشحن السيارات، وان لا يقتصر ذلك على المدن الكبرى فقط، ولكن في انحاء الجمهورية. فطبقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، هناك ما يقرب من 11.6 مليون سيارة في مصر ، وهو ما يعني ضرورة زيادة حجم البنية التحتية الخاصة بشحن السيارات.
"الإجابة دائماً ما تكمن في التكنولوجيا".. فالتكنولوجيا قادرة على توفير البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، ويمكن في المستقبل القريب، وتحت ظروف زيادة الطلب على السيارات الكهربائية اللجوء إلى شعار "الحاجة أم الاختراع"، وسيتمكن المبتكرون من تقديم حلولاً تكنولوجية مبتكرة، تتيح للناس شحن سياراتهم في المنازل، أو توفير حلول للشحن السريع على الطرق، وتقديم خدمات الصيانة للسيارات الكهربائية عن بُعد، وذلك بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وحينما نتحدث عن التكنولوجيا وأهمية تأهيل البنية التحتية لا يسعنا إلا أن نؤكد أننا داخل شنايدر إلكتريك قد تمكنت تكنولوجياتنا وتقنياتنا من اكتساب المواصفات ومقاييس الجودة المتفردة عالميًا، والتي تدعم جهود إنشاء البنية التحتية الملائمة والداعمة للانتقال إلى عصر المركبات الكهربائية ووسائل التنقل المستدام، وهو ما حدث بالفعل في المملكة العربية السعودية، وذلك عندما حصلت محطاتنا الخاصة بشحن المركبات الكهربائية (EVlink Smart Wallbox) على شهادة اعتماد من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، وهو ما يعني تأكيدًا واضحًا على مدى التزامنا بدعم الرؤية المحددة لأي دولة نعمل على أرضها، بما فيها الدولة المصرية التي تتفق رؤيتها مع استراتيجية شنايدر إلكتريك، والتي تهدف إلى التحول إلى وسائل التنقل المستدامة وتشجيع استخدام المركبات الكهربائية وخفض الانبعاثات الكربونية.