<< إنتاج برامج للأطفال مهمة ليست سهلة
<<لابد من أفكار ومفاهيم جديدة تناسب الأطفال بجانب الاهتمام بالدعم النفسي
خلال حديثنا عن الإعلام وتشكيل شخصية الطفل، لابد أن من يتحدث في هذا الملف يكون لديه خبرة كبيرة في هذا المجال، سواء بكتابة قصص للأطفال أو تقديم وإخراج أعمال موجهة للطفل، وعلى رأس هؤلاء الدكتور أشرف نصر عبد السلام، كبير مخرجين التلفزيون المصري، وأحد أبرز مقدمى برامج الأطفال على التليفزيون المصرى، حيث أخرج برامج مثل عصافير التليفزيون، وخلى بالك، وحوار مع الكبار، وحاول تعرف، وكتاب كل أسبوع، والمشاركة في إخراج مسلسل الكارتون الشهير "عالم سمسم"، ليتحدث معنا في هذا الملف.
خلال حوارنا نع الدكتور أشرف نصر، تحدثنا عن بدايته في إنتاج برامج الأطفال، وكيف تم تعيينه في إدارة الأطفال بالتليفزيون المصرى؟، وكواليس إنتاج عالم سمسم، بجانب الاختلاف الذى يشهده الطفل الآن عن الطفل في السابق، وكيفية تقديم برنامج أطفال هادف يجذب الأطفال، وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالى..
هل عملك في إخراج برامج الأطفال بالتليفزيون المصرى كان برغبة منك أم بتكليف من قيادات التليفزيون؟
كنت أشارك في برامج الأطفال بالتليفزيون منذ أن كنت في المرحلة الثانوية، عام 1987 ، وبعد تخرجى من كلية التربية الموسيقية، جامعة حلوان بالزمالك عام 1994، عينت في التليفزيون بناء علي تدريبي لسنوات في برامج الأطفال ومن ثم تم تعيينى في إدارة الأطفال بالتليفزيون المصرى، وفي ذات الوقت كنت أحب العمل في برامج الأطفال ومجال الطفل .
ما هو التحدى الذى يواجه إنتاج برامج للأطفال؟
إنتاج برامج للطفال مهمة ليست سهلة بل أصعب شيء لأنك تتعامل مع أعمار متدرجة وكل مرحلة سنية لها خصائص وسمات واهتمامات، والأطفال لهم مراحل، مرحلة عمرية من سن 3 سنوات حتى 6 سنوات ما قبل المدرسة، و مرحلة عمرية الخاصة بسن المدرسة، ثم الطلائع وكل مرحلة سنية لها توجه والمادة التي تناسبها، فالمادة المعروضة للأطفال من سن 3 إلى 6 سنوات، لا يتم عرضها للأطفال في سن المدارس أو الطلائع، فعلى سبيل المثال برنامج "عالم سمسم" كان موجه للفئة من 3 – 6 سنوات.
ولماذا تقديم برامج أطفال أمرا صعبا؟
لأن برامج الأطفال تطلب منك دراسة فنون العمل التلفزيوني بجانب العلوم التربوية والانسانية والفنون البصرية والسمعية التي تساعد لإنتاج محتوي للطفل جذاب مناسب تربوي هادف، وكل ذلك يستخدم لإنتاج برنامج أو منتج للطفل ، بالأشكال المختلفة كالأغنية أو الفيلم أو عرائس أو دراما، أم الغناء كورالي أم برامج مسابقات فنية أو حركية أو ذهنية .
هل هناك أمثلة على هذا الأمر فيما يتعلق ببرامج الأطفال التي أخرجتها في التليفزيون المصرى؟
على سبيل المثال، برنامج "خلى بالك" تقديم الزميلة داليا ناصر برنامج مسابقات ألعاب حركية وفنية وتركيبات والمسابقة عبارة عن فريقين، كل فريق يتكون من 4 أطفال، والفريق لابد أن يتعاون ويتشارك في صنع المطلوب في زمن محدد من أجل الفوز بالمسابقة، فكنا نستهدف تنمية روح التعاون لدى الأطفال، بينما برنامج "حوار مع الكبار"، الذي كانت تقدمه الإعلامية الراحلة ماما سامية شرابي كان عبارة عن طلائع يحاورون مسئولين وشخصيات عامة سواء وزراء أو فنانين او مسؤولين والشباب كانوا يتحاورون معهم بكل لباقة، وبرنامج المنوعات الغنائي عصافير التليفزيون هو عبارة عن مسرح منوعات يعتمد علي فرق الكورال المختلفة والمواهب وبصورة أساسية "كورال تليفزيون"، والكورال كان كورال محترف شارك في العديد من المسابقات والمهرجانات الخاصة بموسيقي الطفل عالمية ومصرية والتليفزيون المصرى هو الذى كان يدرب هذا الكورال وكانت تقدمه الإعلامية مها حسنى رحمها الله، بجانب برنامج "حاول تعرف"، فهو برنامج مسابقات ثقافي يعتمد علي الكلمات المتقاطعة لتنمية اللغة والذكاء لدى الأطفال، وبرنامج كتاب كل أسبوع تقديم العديد من الزميلات داليا درويش وداليا ناصر والأطفال ويتناول الكتاب الورقي والإلكتروني وموسوعة جنيس للأرقام القياسية وأحدث الاختراعات وبريد الأصدقاء على فيس بوك ومشاركتهم للبرنامج بالمعلومات .
لماذا يعد إنتاج برامج أطفال مكلفة ماديا؟
بالفعل الإنتاج للطفل مكلف للغاية لأنك تتعاون مع كتاب وملحنين للطفل وديكور الطفل مختلف، فهناك مؤلفين للقصة والأغانى الخاصة للصغار وتحتاج فريق عمل لديه القدرة علي التعامل مع الطفل يكون لديه الصبر والحب والقدوة في التعامل مع الأطفال ومنفذ عرائس فنان، ولمذيعة متميزة قادرة على حب وتفهم ومخاطبة الأطفال.
ما هي أهمية برامج الأطفال في تشكيل شخصية الطفل وتنمية مهاراته؟
العقل الجمعى للأمة يتكون من الطفل، والبرامج الأطفال تسهم في زرع مفاهيم وأخلاقيات المجتمع والانتماء ترسخ في عقل الطفل حبه لوطنه وانتمائه لبلده، والهوية، فبرامج الأطفال تساهم في الحفاظ علي الأمن القومى لان الاعلام من القوى الناعمة للدولة، فما يتربى عليه الطفل من خلال البيت والمدرسة والمنتج الإعلامي يبقى في وجدانه وعقله يكبر معه ونتاج ذلك نجده على أرض الواقع، فتربيه على حب الوطن وعلى الأخلاقيات الجيدة، والمواطنة وذلك بأسلوب مشوق وجذاب يناسب سنه.
كيف كانت تجربتك خلال مشاركتك في إنتاج عالم سمسم؟
عندما تم إنتاج "عالم سمسم"، تم اختيار مجموعة عمل من مصر ممن يعملون في الانتاج للطفل و برامج الأطفال، وسعدت بالمشاركة في تنفيذ العمل، وعالم سمسم برنامج تربي الكثير من الأجيال عليه وينتج في العديد من الدول العربية والأجنبية كان يتضمن فقرات متنوعة بين الاستوديو والأغنية وفيلم وثائقى والعرائس وكل الفقرات يتم تجميعها لتقدم للمشاهد كحلقة جميلة .
كيف ينجح برنامج الأطفال في جذب انتباه الطفل لمشاهدته وفى نفس الوقت يقدم محتوى مفيدا؟
ليس كل مضمون يستطيع الطفل أن يشاهده لأن هناك مراحل سنية للأطفال مختلفة كما ذكرت، فلابد أن تخاطب الطفل بلغة العصر الحديث وتجذبه بعدة أمور من ألوان وموسيقي وجرافيك وكارتون وعرائس وتضع المفاهيم والاهداف التربوية داخل الشكل الجذاب وتقدم له المثل الأعلى سواء شخصية علمية أو دينية أو فنية رياضية، ولابد أن نعي وندرك ففي حروب الأجيال الحديثة يتم تدمير الهوية وشخصية المثل الأعلى وتوجيه شائعات لهدم المجتمع والطفل من المجتمع فلو أتهز المثل الأعلى للطفل مثلا هذا يؤثر عليه وهذا من خلال نشر صور مغلوطة عن المجتمع ومفاهيم غير سليمة، ومواجهة هذا الأمر يتم من خلال التناول بتقديم شكل جيد ومشوق يجعل الطفل يحب الشخصية وتقدم له المفاهيم الصحيحة والسليمة التي تجعله يحترم عاداته وتقاليده، فالمطلوب أن نهتم بالطفل وهناك صحوة الأن من جانب الدولة المصرية للاهتمام ببرامج الطفل والإنتاج لهم، والاستعانة بمن لديهم خبرات، لتقديم منتج محترم مبنى على أسس علمية.
هل السوشيال ميديا أصبحت تحدى كبير أمام برامج الأطفال؟
أصبح هناك الآن مصطلح يسمي الإعلام البديل منذ عدة سنوات إعلام يكون بديلا للتليفزيون التقليدي، حيث إعلام قائم علي التابلت والموبايل والأجهزة المحمولة منصات إعلامية مدفوعة أو مجانية ومواقع التواصل الاجتماعى المختلفة تقدم محتوى وهذا يجعل الطفل لا يحتاج أن يجلس أمام التليفزيون، فأصبحت المنافسة صعبة خاصة لإقناع الطفل أن يجلس أمام التليفزيون لمشاهدة برامج أطفال.
إلى أي مدى ترى اهتمام التليفزيون المصرى بإنتاج برامج للأطفال؟
هذا موجود بالفعل علي قنواتنا وتهتم القيادات دائما بان نقدم محتوي متطور مواكب بصورة جميلة وفق المعايير المهنية المحترمة والتي نلتزم بها في التلفزيون المصري فتقدم برنامج أطفال علي القنوات المختلفة برامج أطفال متنوعة تناسب كل المراحل العمرية، حيث ستجد برامج أطفال مثال لذلك برنامج "بكرة لينا" علي شاشة الثانية يقدم محتوى هادف متنوع ومحترم للأطفال على التليفزيون المصرى تليفزيون الدولة نحترم الكود المهنى ولتقديم برامج ومنتج للأطفال جذاب وينافس الآخرين يحتاج لدعم كبير، وهناك كثيرون يجتهدون لتقديم محتوى محترم للطفل.
هل ترى أن برامج الأطفال التي عرضت في الماضى صالحة لتقديمها للأطفال من هذا الجيل؟
نحتاج لتطوير في الشكل و المحتوى، فشكل العرائس مثلا وتقنيات تحريكها وكل ما يختص بها اختلف، وكذلك شكل الإخراج والأستوديو التخيلي والألوان والجرافيك جميعهم اختلفوا عن الماضى، ولكن تظل فلسفة تقديم برامج الأطفال تدور حول الحق والخير والجمال، فلابد من الاهتمام بالكلمة المقدمة للطفل، فالوضع الان اختلف بالنسبة لإنتاج برامج في هذا المجال فنحن عصر سريع و برامج الأطفال الحالية لابد ان تواكب التطور والحداثة وثورة الاتصال ، فلابد من أفكار ومفاهيم جديدة تناسب الأطفال، بجانب ضرورة الاهتمام بالدعم النفسي، فلابد أن تكتب أشياء تخاطب العقول الجديدة وتناسب العصر الحالي، فما كان يناسب الأطفال في الماضى لا يناسبهم الآن، نحتاج منتج جيد يجذب الطفل فالإنتاج للطفل صعب وليس سهلا أرضائه.
هل ترى ضرورة إنشاء قناة للأطفال؟
أرى أنه لابد من إنشاء قناة أطفال حديثة تواكب العصر وتدعم الطفل وتقدم له الفنون والعلوم والثقافة والأمل في المستقبل في أن يكون لديه غدا أمامه مشرق وانتماء ووعى وحس وطنى وحب للبلد واحترام الكبير واحترام عاداتنا وتقاليدنا، وهو ما تؤكد عليه القيادة السياسية على ضرورة تنمية والاهتمام بالطفل وذو الهمم والمتفوقين وإبراز نجاحاتهم وتنمية روح الانتماء والوطنية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة