حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن الطفرة العالمية التي يشهدها قطاع البناء والتشييد دفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في القطاع إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، مما يعني أنه بات الآن "خارج المسار الصحيح" للوفاء بتعهدات إزالة الكربون بحلول عام 2050.
جاء ذلك تزامنا قمة المناخ في مصر أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لعام 2021 كانت أعلى بنسبة 5 في المائة عن عام 2020 وأكثر بنسبة 2 في المائة من ذروة ما قبل الجائحة في عام 2019.
وأوضحت الوكالة الأممية أن "الصلب والخرسانة والأسمنت تعد من المواد الرئيسية المساهمة بالفعل في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري"، مضيفة أن مواد البناء تمثل بالفعل حوالي تسعة في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الطاقة في القارة.
وقالت إنجر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "لقد أصبحت سنوات من التحذيرات بشأن تأثيرات تغير المناخ حقيقة واقعة. إذا لم نخفض الانبعاثات بسرعة تماشيا مع اتفاق باريس، فسنكون في ورطة أعمق".
وفقا لتقرير صادر عن الوكالة الأممية، فإن أكثر من 34 في المائة من الطلب العالمي على الطاقة في عام 2021 جاء من قطاع البناء والتشييد، إلى جانب حوالي 37 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون "المتعلقة بالطاقة والعمليات".
وأشار التقرير إلى أنه حدث ذلك على الرغم من زيادة الاستثمار بنسبة 16 في المائة لتشييد المباني الجديدة ذات الكفاءة في استخدام الطاقة- إلى 237 مليار دولار.
وقال البرنامج الأممي إن عام 2021 شهد زيادة في الطلب على التدفئة والتبريد والإضاءة والمعدات في المباني بنحو أربعة في المائة من عام 2020 وثلاثة في المائة من عام 2019، مما يشير إلى أن الفجوة بين الأداء المناخي للقطاع والحاجة إلى إزالة الكربون بحلول عام 2050 آخذة في الاتساع.
وأشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن أفريقيا على وشك أن تشهد مضاعفة استخدام الموارد الخام بحلول عام 2060، مع بقاء "ما يقدر بـ 70 في المائة" من المباني المقرر بناؤها في عام 2040 على طاولة الرسم الهندسي.
وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن هذا يتماشى مع التقديرات التي تشير إلى أن عدد سكان أفريقيا من المقرر أن يصل إلى 2.4 مليار بحلول عام 2050، يعيش 80 في المائة منهم في المدن، الأمر الذي يدفع القارة نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة لتزويد مبانيها بالطاقة بشكل مستدام.
وفيما يتعلق بأوروبا، أشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن قطاع المباني يمثل 40 في المائة من إجمالي احتياجات الطاقة في أوروبا، وأن 80 في المائة منها يأتي من الوقود الأحفوري.
وقالت أندرسن ذلك يجعل القطاع بحاجة إلى العمل الفوري والاستثمار والسياسات بهدف تعزيز أمن الطاقة على المدى القصير والطويل.
وفي سبيل الحد من الانبعاثات الإجمالية، أوضحت وكالة الأمم المتحدة أن قطاع البناء يمكن أن يساعد من خلال: تحسين أداء الطاقة في المباني و تقليل البصمة الكربونية لمواد البناء ومضاعفة التزامات السياسة جنبا إلى جنب مع الإجراءات، لا سيما في ضوء ارتفاع تكاليف الوقود الأحفوري المرتبط بغزو روسيا لأوكرانيا والحوافز الواضحة للاستثمار في كفاءة الطاقة.
أشارت الاتجاهات العالمية الرئيسية التي حددها برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن الزيادة في مساحة الأرضية المبنية بين عامي 2015 و2021 كانت تعادل إجمالي مساحة الأرض المغطاة في المباني في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا.