شهد معرض الشارقة للكتاب ندوة ثقافية حملت عنوان "أدب الخيال العلمي وواقعنا الجديد" وأدارتها صالحة عبيد، وفيها قال إسلام أبو شكير إن أدب الخيال العلمي في عالمنا العربي لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام، سواء على مستوى الإنتاج أو حتى على صعيد التناول النقدي والإقبال الجماهيري، وغالبا ما ينظر إليه على أنه أدب مراهقين، هذا الأمر يشكل عائقاً أمام الكاتب للانطلاق في هذا العالم، ولكن مع ذلك في الآونة الأخيرة ربما تكون الصورة قد تغيّرت نسبياً، والعديد من المؤسسات بدأت تعطي أدب الخيال العلمي في عالمنا العربي اهتماماً أوسع، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تعديل الصورة والوصول إلى حالة من القبول الجماهيري والتشجيع على الكتابة.
وأضاف أن العلاقة ما بين النص الأدبي والنقد تشتمل على حالة من التوتر، والصراع ما بين الأدب والنقد، بحيث أن النقد بطبيعته يتطلع إلى تقديم ضوابط للعملية الإبداعية ومعايير وقواعد، وبناءً عليها يمارس دوره في الحكم والتحرير، لأن الأدب بطبيعته يميل إلى أن يتفلت من هذه القواعد ويتمرد عليها، ويؤسس لمعايير جديدة.
وختم حديثه قائلا: "إن أدب الخيال العلمي في نهاية المطاف قد يصبح واقعاً معاشاً ولطالما كتبنا قديماً حول قضية التواصل اللحظي، والتي باتت اليوم حقيقة بينما كنا نعده خيالاً، لذا فإن المسافة بين أدب الخيال العلمي والواقع المعاش قصيرة جداً".
وفى ندوة أخرى بعنوان بين الروايات المشوقة والأفلام" جمعت بين أربعة من أبرز الكتاب والمؤلفين الذين تحولت أعمالهم الأدبية إلى أعمال تلفزيونية وسينمائية، من الولايات المتحدة الأمريكية والكويت، التي أدارتها الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري، لتعريف الجمهور على أهم الفنيات والأساليب التي تجعل من رواية منشورة تتحول إلى فيلم تشويق ناجح.
وشارك في الندوة كلاً من الروائي وكاتب السيناريو والقصص المصورة الأمريكي جريج أندرو هورويتز، الذي كتب للسينما فيلمي "كتاب هنري" من بطولة الأمريكية نعومي واتس، وفيلم "سويت جيرل" Sweet Girl، بجانب الكاتبة رقم واحد في قائمة النيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً ليزا جارندر، والكاتبة هيذر جراهام بوزيسيري، التي ألفت أكثر من 150 رواية غلب عليها الطابع الرومانسي، بالإضافة إلى الكاتب والناشر الكويتي عبد الوهاب الرفاعي، الذي يعتبر من أوائل الكتاب الكويتيين الذين كتبوا في عالم ما وراء الطبيعة والخيال العلمي والرعب والأدب البوليسي، وتحولت اثنان من رواياته إلى أعمال سينمائية.
وفي التعريف بالسبب الذي يدفع المنتجين لتحويل الروايات الشيقة إلى أفلام، قال جريج هورويتز: التشويق هو واحد من العناصر المهمة التي دائماً ما نحاول أن نتبع فيها مبدئاً يجعل من القصة تبدأ في منتصف مشهد دائر مسبقاً، ننتقل منه لاحقاً لسرد بقية القصة وكيف بدأت في أحداثها، وكيف ستستمر، سواءً في القصص المصورة أو الأفلام، مؤكداً على أهمية جعل المتلقي مشدوداً لأحداث القصة طوال الوقت، لأن خيطاً رفيعاً هو ما يفصل بين إثارة تشويقه وبين جعله في حالة حيرة.
من جانبها قالت ليزا جارندر: أعتقد أن التشويق يأتي من التوتر الذي تعيشه شخصيات القصة، سواءً في الرواية أو الفيلم، وكل هذه الشخصيات لديها أهداف ودوافع مختلفة تجعل من الصراع فيما بينها أمراً محتوماً، مضيفةً أن الصراع هو جوهر أي قصة، ما يجعل من الحتمي للشخصيات أن تعيش صراعاً تحاول الخروج منه، يعكس بالضرورة عالمها الداخلي من مشاعر.
وفي شرحه للطريقة التي يجب على الكتاب اتباعها لخلق التشويق في الأعمال الأدبية والسينمائي، قال الكاتب عبد الوهاب الرفاعي: "لابد أن يُكتب العمل بطريقة تكون فيها الأزمات ملائمة لشخصية البطل، بحيث تصبح القصة عن الكيفية التي تعامل البطل بها مع الأزمة"، موضحاً أنه يميل للكتاب قصص يكون أبطالها شخصيات عادية، قائلاً: "لا أحب الشخصيات الخارقة، فأنا أحب كتابة شخصيات تشبه البشر الذين يعيشون بيننا".
من جانبها، قالت الكاتبة هيذر جراهام: "يجب الاهتمام بالشخصية لكي تمس مشاعر القارئ، فالناس تتعاطى مع الأحداث المأساوية بصورة مختلفة، فلن تكون درجة تأثرنا بزلزال يقع في اليابان مماثلة للصدمة التي سنعيشها إذا عرفنا أن جريمة قتل حدث في منزل مجاور لنا"، مؤكدةً أنه في حال ما تم تحويل رواية إلى عمل سينمائي فإنه دائماً ما سيطرأ تغيير على القصة، لأنه دائماً ما ستظل هناك رؤيتان في العمل المحوّل، رؤية الكاتب الأصلية، ورؤية المخرج.
واتفق الكتاب الأربعة على إمكانية تحويل أية قصة إلى أي شكل فني، لأن الأعمال الفنية قائمة على العمل الجماعي الذي تمتزج فيه إبداعات فريق متكامل من الفنانين، على عكس الأدب، الذي يشغل فيه الروائي مهام الكاتب، والمخرج، ومصمم الديكور، والأزياء كلها بمفرده. مؤكدين على أن الكثير من الأفلام التي تم تحويلها لم تكن مرتقية لمستوى الجودة التي كتبت بها رواياتها الأصلية، بسبب العلاقة الحميمة بين الروائي والكاتب، فتجربة القراءة تختلف من شخص لآخر، تجعل للرواية الواحدة أكثر من تأويل بسبب استخدام القراء لخيالهم، بالمقارنة مع الأعمال المرئية التي يستقبلها كل الجمهور بالقدر نفسه.