كانت الساعة الثامنة والنصف من صباح 2 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1969، حين وصل إلى ميناء الإسكندرية ملك ليبيا، إدريس السنوسى، حسبما تذكر الأهرام فى عددها 3 نوفمبر 1969.
كان بصحبة السنوسى، الملكة فاطمة و12 مرافقا، من بينهم الطبيب الخاص دكتور ديريك وهو ألمانى الجنسية، وسكرتير خاص وأربع وصيفات إيطاليات وسائق سودانى، وصل الملك إلى ميناء الإسكندرية على ظهر الباخرة القبرصية ستينا، ومن محطة الإسكندرية البحرية، استقل السيارة إلى القاهرة، حيث اتجه مباشرة إلى قصر سلطان بالدقى الذى اختير لإقامته.
تذكر الأهرام، أن أحمد كامل محافظ الإسكندرية استقبل الملك على ظهر الباخرة، وتضيف أن السنوسى أحضر معه ومرافقوه 214 حقيبة و3 صناديق تضم ثلاجتين وغسالة كهربائية، كما أحضر 4 سيارات منها اثنتان مرسيدس وسيارة ثالثة فيات ورابعة الفاروميو إيطالية تخص عمر السنوسى «21 سنة» ابن شقيق الملك الذى تخلف فى لندن للدراسة.
جاءت هذه الخطوة بعد مضى شهرين على قيام الثورة الليبية، يوم 1 سبتمبر 1969 بقيادة العقيد معمر القذافى، وكان السنوسى خارج البلاد، وبعث السنوسى برسالة إلى عبدالناصر نشرتها الأهرام يوم 24 أكتوبر 1969، يطلب فيها أن يقيم فى مصر، وأبلغه عبدالناصر بموافقة مصر وترحيبها به فهى «تعتبر نفسها وطنا لكل عربى».
تكشف الأهرام، أن السنوسى بعث من «كامينا فورلا» وهى الضاحية التى كان يقيم فيها غرب العاصمة اليونانية أثينا، خطابا مكتوبا تم تسليمه فى سفارة الجمهورية العربية المتحدة بأثينا إلى السفير حسن كامل، الذى طار به إلى القاهرة قبل أيام، ثم غادرها صباح أمس 23 أكتوبر 1969، حاملا إلى الملك ردا على خطابه، تم تسليمه إليه بالفعل فى «كامينا فورولا».
تذكر الأهرام جانبا من نص رسالة السنوسى، قائلا بعد مقدمة التحية والسلام: «إننى أرغب فى الاستقرار فى بلادكم مصر، حيث أمضيت خمسة وعشرين سنة، وأنا اعتبرها وطنى الثانى، فإذا كان قرارى هذا لا يؤثر على علاقاتكم مع رجال الثورة فى ليبيا ولا يسبب لفخامتكم أى إزعاج، فإنه ليسعدنى أن أستقر بمصر، وإننى أتعهد لفخامتكم عدم ممارستكم أى نشاط سياسى يتعلق بسياسة ليبيا أوغيرها من البلاد، فقد قاطعت السياسة بتاتا، وأكون شاكرا لفخامتكم إذا تفضلتم بالرد قريبا، لأنه سيدخل علينا شهر الصيام المبارك، وبودى أن أستقر قبل حلوله».
تكشف الأهرام، أن الملك أثار بعد ذلك فى خطابه عدة مسائل بعضها يتصل بابنته المتبناة «سليمة» وسكرتيرة زوجته الآنسة سحر، وكان قد طلب من قبل وساطة الرئيس جمال عبدالناصر كى يسمح لها بمغادرة ليبيا واللحاق بالملك وأسرته، كذلك أثار الملك بعض المسائل المتصلة بأموره الخاصة فى ليبيا، وتذكر الأهرام أنه كان مع خطاب الملك رسالة أخرى من الملكة فاطمة تتعلق بانتها المتبناة «سليمة» وسكرتيرتها الآنسة سحر.
تقول الأهرام: إنها علمت أن السفير حسن كامل الذى حمل رد الرئيس على الملك، حمل أيضا رسالة رد منه على الملكة فاطمة، وتكشف الأهرام أن الرئيس عبدالناصر قال فى رده على الملك: «إننى أريد أن تثقوا على الفور أن مصر بلدكم وأن قدومكم إليها يسعدنا جميعا، ولقد كلفت سفير الجمهورية العربية المتحدة، الذى يحمل إليكم هذا الخطاب، بأن يتلقى منكم تفصيلا كل ما تشاءون من ترتيبات السفر والإقامة، بحيث يكون كل شىء معدا لاستقبالكم هنا بمشيئة الله قبل شهر الصوم المبارك ».
تؤكد الأهرام، أن رغبة الملك السنوسى فى الإقامة فى مصر وطلباته الأخرى كانت موضع بحث بين القاهرة وطرابلس خلال الأيام الأخيرة، وأن الرئيس جمال عبدالناصر قال فى رده على خطاب الملكة فاطمة، بشأن ابنتها المتبناة «سليمة» وسكرتيرتها الآنسة سحر، قد تمت تسويتها مع الإخوة فى ليبيا، الذين كانوا على وعدهم بالسماح لهما بالسفر، وأنهما سوف تكونان فى انتظار الملك والملكة فى مصر.
أثيرت قضية ابنة السنوسى المتبناة، وسكرتيرة الملكة لأول مرة يوم 6 سبتمبر 1969، حيث كشفت «الأهرام» فى تقرير كتبه رئيس تحريرها، الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل من بنغازى، أن الملك السنوسى بعث ببرقية إلى الرئيس جمال عبدالناصر حولها بدوره إلى مجلس الثورة الليبى.
يؤكد هيكل، أنه اطلع على نسخة منها فى بنغازى، ونصت حرفيا: «حضرة صاحب الفخامة صديقنا العزيز الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة.. سلاما واحتراما، وبعد.. أرجو من فخامتكم التوسط لدى رئيس الثورة بليبيا ليطلق ابنتنا «سليمة»، وسكرتيرة زوجتنا المدعوة الآنسة «سحر» اللتين فى الحجز بطرابلس وإرسالهما إلينا جوا فى اليونان، ونؤكد لفخامتكم أن كل ما أشيع عنا بأننا عازمون على العودة إلى ليبيا لا نصيب له من الصحة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة