ليو تولستوي.. أديب روسي، ينتمي إلى أسرة عريقة، ذاع صيته في روسيا والعالم، وله العديد من الأعمال الأدبية التي تعد من بين الأعظم على مر التاريخ.
ساهم ليو تولستوي، الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا العام 20 نوفمبر لعام 1910، بشكل كبير في النهضة الكبيرة التي شهدها الأدب الروسي خلال القرن التاسع عشر، نظرا لإبداعاته الأدبية.
الحرب والسلام
يطلق عليها "إلياذة العصور الحديثة" فهذه الرواية الملحمية كتبها ليو تولستوي في ستينيات القرن التاسع عشر، وتعد واحدة من عيون الأدب العالمي الحديث، وهي من التركيب بمكان يجعلها أكثر من مجرد سردية؛ فهي إلى جانب الخيط السردي الذي يربط بين شخوصها العديدة والشديدة الثراء، تحمل مباحث اجتماعية وسياسية جمع فيها "تولستوي" بين المقالية واللغة الأدبية، ليخرج لنا بسفر قيم وممتع، يعطي صورة عن تحولات المجتمع الروسي إبان الغزو الفرنسي؛ وهو الحدث الذي أوقع أبطاله الحقيقيين في دوامات من "الحرب والسلم"، فنعيش معهم صراعاتهم وحواراتهم، ونبحث عن الإنسان الذي ضيعته الحروب والتفرقة الطبقية.
حكم النبي محمد
وضع "تولستوي" هذا الكتاب دفاعا عن الحق في مواجهة التزوير والتلفيق اللذين لحقا بالدين الإسلامي والنبي محمد— صلى الله عليه وسلم — على يد جمعيات المبشرين في "قازان"، والذين صوروا الدين الإسلامي على غير حقيقته، وألصقوا به ما ليس فيه. فقدم تولستوي الحجة وأقام البرهان على المدعين عندما اختار مجموعة من أحاديث النبي، وقام بإيرادها بعد مقدمة جليلة الشأن واضحة المقصد قال فيها إن تعاليم صاحب الشريعة الإسلامية هي حكم عالية ومواعظ سامية تقود الإنسان إلى سواء السبيل، ولا تقل في شيء عن تعاليم الديانة المسيحية، وإن محمدا هو مؤسس الديانة الإسلامية ورسولها، تلك الديانة التي يدين بها في جميع جهات الكرة الأرضية مئتا مليون نفس (آن تأليف الكتاب). وقد وعد تولستوي في آخر كتابه بأنه سيؤلف كتابا كبيرا بعنوان "محمد" يبحث فيه المزيد من الموضوعات.
كتاب اعتراف
بعد أنْ قارب الخمسين من عمره، وقدْ بلغ ما بلغه من الشهرة بعد ما ألفه في الأدب الروسي حتى اعتبر من مجدديه، بدأ ليو تولستوي يعيد التفكير في الأسئلة التي طرحها عقله منذ زمن طويل: عن الله وعن ماهيته والإيمان والحياة، وكادتْ هذه الأسئلة تجهز عليه حتى فكر في الانتحار، لكنه انكب للبحث عن إجابة لها، ليبدأ رحلته للبحث وراء الحقيقة؛ حقيقة وجوده في هذا العالم؛ فقرأ في الفلسفة وفي الأديان، وتجرد من كل ما يعلق في ذهْنه من الدين المسيحي الذي تعلمه في صغره، وثار على طبقة النبلاء والأغنياء التي هو منها، واعترف بكل ما أتاه من آثام وما ناله من متاع الدنيا وما اقترفتْه يداه؛ ليعيد النظر في عقيدته وفي الإنجيل. وبرؤية أدبية فلسفية، سجل تولستوي كل هذا في اعترافاته.
رواية آنا كارينينا
آنَا كارينينا أثر أدبي عالمي وإنساني خالد، ترجم إلى معظم لغات العالم، وأعيد طبعه مئات المرات. وقد تباينت آراء النقاد في هذه الرواية، فوضعت فيها دراسات كثيرة راوحت بين الإعجاب التام والرفض النسبي، إن لم نقل الرفض التام. فمن أعجب بها قد أعجب لأنه رأى فيها عصارة فن تولستوي وخاتمة أعماله الكبرى، ومن انتقدها فحمل عليها قد حمل لأنه رأى فيها خللاً فنياً، ورأى أحداثاً ثانوية كبيرة تواكب الحدث الرئيسي وتكاد تطغى عليها.
يفتتح تولستوي رواية آنا كارينينا في الجملة المشهورة: "كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلة تعيسة طريقتها الخاصة في التعاسة." تطفو على سطح الحدث في الرواية نماذج بشرية متنوعة، معظمها مريض مرض الطبقية، مرض النبل، مرض الإرث الثقيل، والنماذج البشرية، هذه هي غالباً نماذج مهتزة غير سوية، تتفاعل في داخلها صراعات كثيرة، أبرزها ما بين القلب والعقل أو بين الحب والواجب، وما بين القشور واللباب، وما بين تخلف الإكليروس وحركة التنوير في أوساط المثقفين الروس.
رواية الجريمة والعقاب
الجريمة والعقاب هي رواية اجتماعية نفسية واجتماعية فلسفية ضمن أدب الجريمة من تأليف الروائي الروسي فيودور دوستويفيسكي. نُشرت الرواية لأول مرة في المجلة الأدبية الرسول الروسي عام 1866 على شكل سلسلة أدبية بحلقات متسلسلة على 12 شهرا بعد سنة، نُشرِت طبعة منفصلة ومحسنة الهيكل عن إصدارات المجلة الأدبية ضمت اختصارات وتغييرات أسلوبية أدرجها المؤلف ضمن إصدار الكتاب. تعد الرواية ثاني أطول روايات دوستويفيسكي بعد عودته من منفاه في سيبيريا وأفضل رواياته خلال فترة نضجه الأدبي، كما تصنف واحدة من أعظم الأعمال الأدبية في التاريخ.
فكرة الرواية الرئيسية هو المقال الذي كتبة بطل الرواية عن الفرق بين الأشخاص "العاديين" وغير "العاديين".
تبدأ القصة بشخصية روديون راسكولينكوف الشاب المولد والطالب الجامعي السابق، القابع في العوز، والذي تسول له نفسه تحت تأثير وضعيته وصراعه الداخلي المتقلب قتل المرابية العجوز إيفانوفنا وسرقة أموالها بهدف التحرر من قيود الفقر الذي يكبله وأسرته، لكنه وبمجرد ارتكابه للجريمة، يدخل في صراع ومعاناة نفسية تفكك مبرراته الأولية تباعا وتدخله في متاهات عقلية وجسدية يحاول من خلالها المؤلف ربط الظروف الإجتماعية التي قد تدفع الشخص لارتكاب الجرائم بالحسابات المعقدة التي تتماهى داخل فلسفة العقل البشري. كانت خصوصية تطور الشخصية الرئيسية بشكل جذري على مدار روايات دوستويفسكي انفتاحا على الحداثة الأدبية وقطيعة عميقة مع التقاليد الأدبية السابقة التي تفضل وحدة وتماسك الشخصيات.