هل تصدق أن شخصًا واحدًا يمكن أن يؤثر في مئات الأشخاص حتى لدرجة أنه يقول لهم "اقتلوا أنفسكم" فيفعلون ذلك بكل طواعية؟ بالفعل حدث ذلك إذ تحكم الهوس الدينى في جيم جونز فوقعت المصائب.
يعد "جيم جونز" واحدا من الشخصيات الشهيرة والغريبة فى القرن الـ 20، فقد قاد أتباعه إلى انتحار جماعى راح ضحيته 930 شخصًا منهم 200 طفل.
وهو شخص أمريكى كان مهتما بالأمور الدينية، ينتمى لمذهب البروتستانت، أسس كنيسة سماها "كنيسة الشعوب" فى عام 1956 وكان له أتباع نحو 30 ألفا.
وطبقوا فى أيامهم الأولى كثيرا من مثلهم العليا، ونفذوا عددا مثيرا للإعجاب من مشاريع الرعاية الاجتماعية.
وبالنسبة إلى أتباعه كان جونز هو المسيح المنتظر الذى أرسله الرب لبناء المدينة الفاضلة.
تأسس "مجتمع جونز تاون"، حسبما يذكر كتاب "غسيل الدماغ.. علم التحكم بالتفكير" لـ كاثلين تيلر، فى العام 1977 على يد القس جيم جونز فى أدغال "جوايانا المنعزلة" والتى تقع فى أمريكا الجنوبية.
وكثير من الغرباء الذين زاروا "جونز تاون" عقب تأسيسها فى صيف عام 1977 وصلوا إلى قناعة بأنهم قد شاهدوا جنة على الأرض، حتى إن بعض الذين انشقوا وتركوا جونز تاون أشادوا بالمعايير الأخلاقية للسلوك التى عاينوها.
الحياة فى مجتمع جونز تاون
كانت الحياة شاقة حين كان الواعظ المسيحى يكافح لبناء بلدته الزراعية، لكن جونز اختار موقعه جيدا، فنظرا إلى أن هذه البلدة كانت منعزلة ويصعب الوصول إليها، فقد كان من السهل السيطرة عليها.
ودفع الشعور بالعداء الخارجى، الجسدى والاجتماعى، المقيمين فيها إلى التماسك.
الشائعات حول مجتمع جونز تاون
كان هناك آخرون لم ينظروا نظرة إيجابية إلى المشروع الجديد.
كانت إحدى السمات الرئيسية لقصة جونز تاون هى كم أصبح النقاش واسعا شعبيا، من ناحية هناك جنة، ومن ناحية أخرى نوع مرعب من الجحيم.
وتجمع المنشقون وأقارب أتباع جونز لتشكيل مجموعة سميت الأقارب القلقين.
يناقش شيفا نايبول فى كتابه "الأبيض والأسود" بصورة مقنعة أن التكلف فى سلوك هذه المجموعة وهوسهم فى تشويه سمعة جونز كان لها دور فاعل فى تصاعد الشعور بالاضطهاد داخل جونز تاون.
وانتشرت الشائعات حول البلدة انتشار النار فى الهشيم
قالوا إن "جونز" بارع فى الخداع والتلاعب
وإنه يملك قوى شيطانية للسيطرة على العقل.
وأنه عذَّب أتباعه
بل وإنه امتلك قنبلة ذرية ويخطط للاستيلاء على العالم.
النهاية الكارثية
فى شهر نوفمبر من عام 1978 وبعد شهور من تنامى وسواس الاضطهاد وتصاعد المعاناة الجسدية وصل جونز تاون إلى طريق مسدود.
ومرض جيم جونز مرضا خطيرا
وصار الحديث فى البلدة عن الموت وعن الفظائع التى ارتكبها المجتمع الأمريكى ضد السود وعن الاستغلال والعنصرية والفاشية.
الانتحار
كل ذلك وسط دعاوى قضائية لها وتحذيرات من المنشقين بأن جونز مسلح تسليحا قويا وأنه يخطط لانتحار جماعى.
وهو ما حدث بالفعل فى 18 نوفمبر من 1978، عندما وقع الانتحار الجماعى بـ سم السيانيد.