بعد سعى حثيث من قبل رئيسة الوزراء الاسكتلندية، نيكولا ستورجون لتحدى رفض الحكومات المتعاقبة فى بريطانيا بالمطالبة بإجراء استفتاء جديد على الاستقلال، وجهت أعلى محكمة فى المملكة المتحدة ضربة لهذه الجهود بعدما قضت بعدم أحقية الحكومة الاسكتلندية بإجراء استفتاء جديد على الاستقلال دون موافقة الحكومة فى لندن.
وتعهدت ستورجون بإجراء الانتخابات العامة التالية على أنها "استفتاء فعلي" على استقلال اسكتلندا، بعد أن قضت المحكمة العليا فى المملكة المتحدة بالإجماع بأن حكومتها لا يمكنها التشريع لإجراء تصويت آخر دون موافقة وستمنستر -الحكومة البريطانية.
وتعهدت ستورجون بمواصلة السعى لاستقلال اسكتلندا عن بريطانيا قائلة "يعيق حكم اليوم السبيل لسماع صوت اسكتلندا فيما يتعلق بالاستقلال، لكننا سنبحث وسنجد سبيلا ديمقراطيا آخر لتحقيق الاستقلال".
وأضافت "أن تحقيق الاستقلال لم يعد مرغوبا فقط وإنما ضروريا إذا أرادت اسكتلندا الهروب من كارثة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، معربة عن استعدادها للعمل على التوصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء البريطانى للسماح بإجراء استفتاء جديد.
ورفض داونينج ستريت – مجلس الوزراء البريطانى- على الفور اقتراح الحزب الوطنى الاسكتلندى، فى حين كبير حزب المحافظين الحاكم أن استراتيجية رئيسة الوزراء الآن هى ببساطة تجنب مسألة استفتاء آخر على الاستقلال تمامًا.
وقال أحد المطلعين على حزب المحافظين: "ريشى [سوناك، رئيس الوزراء] لن يفعل شيئًا وهذا هو أفضل نهج الآن ".
وقضت المحكمة العليا أنه فى غياب اتفاق بين الحكومتين، كما حدث قبل التصويت على الاستقلال عام 2014، لم يكن للبرلمان الاسكتلندى سلطة التشريع لإجراء استفتاء.
وقالت ستورجون للصحفيين إنها احترمت الحكم لكنها اتهمت وستمنستر بإبداء "ازدراء" لإرادة اسكتلندا الديمقراطية، وهى وجهة نظر رددها مؤيدو الاستقلال الذين تجمعوا فى مسيرات خارج برلمان هوليرود وفى جميع أنحاء البلاد مساء الأربعاء.
ورفض أربعة رؤساء وزراء متتاليين طلبات ستورجون لمنحها أمر القسم 30، وهو القسم من قانون اسكتلندا لعام 1998 - التشريع المنشئ للبرلمان الاسكتلندى - الذى يسمح لهوليرود بتمرير قوانين فى المناطق المخصصة عادةً لوستمنستر – الحكومة البريطانية.
وتمت إحالة السؤال إلى المحكمة من قبل محامية اللورد الاسكتلندى، دوروثى باين.
وجادلت بين أن مشروع قانون الاستفتاء كان ضمن صلاحيات هوليرود لأن التصويت سيكون مجرد استشارى ولن يكون له أى عواقب فورية. يمكن تحقيق الاستقلال من خلال مفاوضات مطولة، كما حدث مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس المحكمة العليا، روبرت ريد، أن الحكم لا لبس فيه، وإن آثار التشريع "لم تقتصر على النتائج القانونية ولكن يمكن أن تشمل عواقبها العملية". أن نتيجة الاستفتاء "تمتلك سلطة.. للتعبير الديمقراطى عن وجهة نظر الناخبين الاسكتلنديين" وسوف "تقوى أو تضعف الشرعية الديمقراطية للاتحاد".
وحكم القضاة بأن البرلمان الاسكتلندى لا يستطيع التشريع بإجراء استفتاء استقلال جديد دون موافقة الحكومة فى وستمنستر -الحكومة فى بريطانيا- واتفقوا على أن المسائل الدستورية محفوظة للبرلمان فى لندن.
وأوضحت المحكمة فى حيثيات حكمها أن قانون اسكتلندا لعام 1998 يمنح البرلمان الأسكتلندى سلطات محدودة، ليس من بينها سلطة التشريع لإجراء استفتاء.
ويأتى ذلك بعد أن قالت رئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستورجون إنها تريد إجراء استفتاء فى 19 أكتوبر من العام المقبل.
وفى استفتاء عام 2014، الذى وافقت عليه الحكومة البريطانية، رفض الاسكتلنديون الاستقلال عن بريطانيا بنسبة 55% إلى 45%.
وقال اللورد روبرت ريد أن المحكمة لا تتخذ قرارًا سياسيًا بشأن مزايا الاستقلال وإنه من المصلحة العامة أن تصدر هذا القرار.
ويأتى ذلك بعد جلسة استماع استمرت يومين الشهر الماضى أمام خمسة قضاة بقيادة روبرت ريد، رئيس المحكمة العليا. وجاءت جلسة الاستماع بعد أن أحالت كبير مسئولى القانون فى اسكتلندا، المحامية دوروثى باين، مسألة ما إذا كان اسكتلندا تتطلب موافقة وستمنستر (الحكومة البريطانية) بناءً على طلب رئيسة الوزراء نيكولا ستورجون.
قبل صدور الحكم، قال متحدث باسم الحكومة الاسكتلندية: "هناك أغلبية كبيرة فى البرلمان الاسكتلندى تؤيد إجراء استفتاء على الاستقلال وبالتالى تفويض ديمقراطى واضح.
وأضاف "ومع ذلك، كما أوضحت رئيسة الوزراء، لا يزال هناك جدل حول ما إذا كان البرلمان الاسكتلندى لديه سلطات التشريع لإجراء استفتاء. كان القصد من إحالة هذه المسألة إلى المحكمة العليا تحقيق الوضوح القانونى بشأن هذه النقطة. نحن على علم بأن المحكمة ستصدر حكما وسيستجيب الوزراء بعد ذلك بوقت قصير".