شاهد السفير محمود رياض مصرع «أوزوالد» قاتل الرئيس الأمريكى جون كنيدى على شاشة التليفزيون الأمريكى، فزادت شكوكه حول الجهة التى يمكن أن ترتكب جريمة قتل كنيدى.
كان «رياض» فى نيويورك مندوبا دائما لمصر فى الأمم المتحدة، قبل أن يصبح وزيرا للخارجية ثم أمين عام جامعة الدول العربية، ويتذكر فى كتابه «أمريكا والعرب» وهو الجزء الثانى من مذكراته: «علمت بمقتل كنيدى، أثناء حضورى غداء عمل أقمته لعدد من ممثلى الدول العربية ودول عدم الانحياز، فتخوفت من التغيير الذى سيحدث بغيابه، واتصلت فى نفس اليوم بشخصيات أمريكية كنت على علاقة وثيقة بها للتعرف على دوافع هذه الجريمة، خاصة أن كنيدى نال احترام الشعب الأمريكى واكتسب تقديرا دوليا، فأسر لى البعض أن مقتله على يد «أوزوالد» اليهودى يثير شكا فى احتمال وجود دور للعناصر الصهيونية».
يضيف رياض: «عندما شاهدت على شاشة التليفزيون الأمريكى، مصرع أوزوالد يوم 24 نوفمبر، مثل هذا اليوم 1963، على يد يهودى آخر، بدا لى فى ذلك الحين وكأن المسرح معد مسبقا لقتله حتى تشيع معالم جريمته، فقد قتل وهو يسير بمصاحبة ضباط الشرطة للتحقيق معه، وكانت الحراسة تبدو شكلية»، فهل جاءت شكوك «رياض» من فراغ فى هذه الجريمة التى ما زالت لغزا منذ وقوعها؟، ولماذا كانت صادمة لمصر وجمال عبدالناصر؟ وما علاقة كل ذلك بمقتل «أوزوالد»، بعد يومين فقط من اغتيال كنيدى؟
وقعت جريمة مقتل كنيدى بإطلاق «هارفى أوزوالد» ثلاث رصاصات عليه من بندقية بريطانية عيار 103 بوصات وهى بندقية صيد وهو يستقل سيارة مكشوفة لتحية الجماهير فى دالاس بولاية تكساس، وكان «أوزوالد» موجودا فى مخزن للكتب الدراسية فى الدور الخامس بالعمارة التى أطلق منها النار، حسبما تذكر جريدة الأهرام فى عددها يوم 23 نوفمبر 1963.. ويذكر محمد حسنين هيكل فى كتابه «عبدالناصر والعالم»: «جاء أول نبأ عن إطلاق النار على كنيدى فى برقية عاجلة الساعة التاسعة والنصف بتوقيت القاهرة، واتصلت بالرئيس عبدالناصر تليفونيا وأبلغته بالنبأ، فصعق وظل يعاود الاتصال بالتليفون يستفسر عن المزيد ونهض من فراشه، وارتدى ملابسه ونزل إلى مكتبه، ولما وصل وجد أنه ليس فى وسعه أن يفعل شيئا، وقال يخاطب نفسه: لماذا ارتديت ملابسى، ولم نزلت إلى المكتب؟ ليس هناك ما يستطيع أن يفعله أى منا؟
يضيف هيكل: «كان تأثر الشعب المصرى صادقا، وعرض التليفزيون المصرى فيلما كاملا لجنازة كنيدى أربع مرات متتالية إشباعا للهفة الناس.. وخيم الحزن شاملا على الرئيس الشاب الذى كان يبشر بالشىء الكثير».. ويأتى هيكل فى كتابه بنصوص الكثير من الرسائل المتبادلة بين عبدالناصر وكنيدى منذ تنصيبه رئيسا لأمريكا وحتى اغتياله.
يتتبع دكتور إمام غريب فى كتابه «جون كنيدى - الأصابع الإسرائيلية فى لغز الاغتيال»، وقائع اغتيال كنيدى، ثم اغتيال قاتله، ويستنتج من الحالتين أن «الأصابع الإسرائيلية» متورطة فى الجريمة كلها، مؤكدا أن «اغتيال رئيس بحجم رئيس الولايات المتحدة لا يمكن أن يكون حادثا فرديا.. ومن يدقق فى حياة قاتله «أوزوالد» يجد شبهات كثيرة حول كونه أحد عملاء المخابرات المركزية الأمريكية.. أرسلته إلى الاتحاد السوفيتى، وظهر هناك كشخص خان بلده، ثم ترك الاتحاد السوفيتى إلى كوبا ثم سجل نفسه فى إحدى جامعات سويسرا، ثم سافر إلى إنجلترا ثم أصبح مواطنا سوفيتيا، وبعد سنتين رتب «كلاسون» أحد أصدقاء هنرى كيسنجر «وزير الخارجية 1973-1977» إرجاعه إلى أمريكا وتعيينه موظفا فى وزارة الدفاع عام 1962، وفى 1963 بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالى إثارة الشائعات حوله بأنه عميل للاستخبارات السوفيتية، ورتب وثائق مزورة فى هذا، وقبل يومين من اغتيال كنيدى كتب مقالات تدافع عن كوبا، وربما صنعت المخابرات المركزية كل هذا التاريخ، وسمحت به لأوزوالد كى يسهل إلصاق التهمة به».
يرى غريب، أن مقتل «أوزوالد» يؤكد أن اغتيال الرئيس الأمريكى كان مدبرا، ولم يكن حادثا فريدا، مضيفا: «كان من المفترض أن يتم تشديد الحراسة على قاتل كنيدى أو أن يتم ترحيله فى سرية إلا أن ذلك لم يحدث بحيث كان من السهل على القاتل «جاك روبى»، أن يقترب من أوزوالد ويصوب المسدس إليه ويقتله».
وينقل غريب، عن الأهرام عدد 2 ديسمبر 1963: «ذكرت وكالات الأنباء أنه يبدو أن هناك عصابة تخشى أن يتكلم قاتل كنيدى، لذلك أسرعت بقتله قبل أن ينهار ويعترف عن السر»، كما ينقل عن «الأهرام» عدد 29 نوفمبر 1963: «قاتل أوزوالد يهودى واسمه الحقيقى جالك ليون بورنشتاين، وأبوه وأمه يهوديان من بولندا، واختصر اسمه إلى جاك روبى، وحاول محامون عدة مرات المطالبة بعدم الإشارة إلى موكله باسم «روبنشتاين» لأن ذلك يشير عمدا إلى يهوديته».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة