"ابنتي عمرها 6 سنوات، وأشعر بالخوف الشديد عليها فهي دائمًا ما تحكي لي عن أحلام مفزعة تراها كل يوم ودائمًا تشعر بالذنب وتعتذر على أخطاء بسيطة جدًا ترتكبها خلال اليوم، فأرد بهدوء وأقول لها "خلاص يا حبيبتي ما تعمليش كده تاني" لكنها تظل تشعر بالذنب. الأمور تطورت عندما بدأت تذهب الروضة، فكانت تخاف منها جدًا وبمجرد أن نذهب إلى هناك تصرخ وتطلب أن أبقى معها. وكذلك لو أحد إخوتها اصطحبها لهناك تظل تصرخ وحين نتركها ونعود للبيت لتعتاد ذلك يتصلوا بنا ويخبرونا أنها خربشت نفسها وتصرخ بشكل متواصل وتريدني. مجرد ما أذهب إليها تهدأ وتجلس مع أصدقائها كأن شيئًا لم يكن. أصبحت أذهب معها كل يوم وأجلس معها حتى ينتهي يومها ونعود للبيت معًا.
إلى جانب ذلك هي عصبية جدًا وسريعة الغضب والانفعال على أي شيء، وإذا أرادت أي شيء تصرخ بصوت عالي ومستمر بدون توقف، فتضرب في الأبواب وترمي أي شيء أمامها وتضرب نفسها وتصرخ قائلة "أنتوا عايزين تموتوني.. أنا وحشة" في البداية كنت أفقد اعصابي وأحاول إجبارها على الهدوء، ولكن هذا لم يفلح والآن أصبحت أتركها لتهدأ وبعد أن تهدأ قليلاً أحد إخوتها الكبار يتكلم معها وتأتي لي فأعاتبها على العصبية وأسامحها ولكن أضطر أن أخبرها "ليكي عقاب مثلاً مفيش تليفون بكرة" وأحرمها من النصف ساعة التي تمسك فيها التليفون تحرم منها، وهي تقبل لكي أسامحها وفي اليوم الذي تتعرض فيه لنوبات الغضب هذه تحلم بكوابيس وأثناء نومها تجز على أسنانها. لا أعرف ما هي مشكلتها ولا كيف أتصرف معها بشكل صحيح."
****
القارئة العزيزة، نتفهم تمامًا شعورك بالانزعاج والخوف، فالأب والأم دائمًا ما يفعلان كل ما في وسعهما ليريا طفلهما سعيدًا وآمنًا، وكل ما تعانيه طفلتك يجعلك تشعرين بالخوف والقلق والإخفاق بحقها، خاصة أن عجزك عن تحديد سبب معاناتها وسلوكها يجعلك عاجزة عن إيجاد الحل وإنهاء المشكلة. ولقد عرضنا المشكلة على الدكتور لؤي محمد وجدي، اخصائي المخ والاعصاب والطب النفسي الذي قال إن المشكلة دقيقة جدًا خاصة مع غياب الكثير من المعلومات والتفاصيل، فلا نعرف هل تعيش الطفلة في أسرة مستقرة أم أسرة مفككة؟ هل الأب موجود أم أنه متوفي؟ فهذه العلامات في سن مبكرة مثيرة للقلق وأي تصرف أو سلوك مهما بدا بسيطًا أو ليس له معنى يقوم به الطفل فإنه يعكس البيئة والمحيط الذي يعيش فيه، سواء محيط الأسرة الصغيرة أو العائلة الكبيرة أو المدرسة والحضانة أو حتى الشارع والأشياء التي يراها ويسمعها حتى لو خلسة من دون أن نعرف، فالأطفال مثل الإسفنج أو الريكوردر يلتقطوا ويسجلوا كل شيء يسمعوه أو يرونه.
لذا من المهم في هذه الحالة أن تراجع الأم بدقة البيئة المحيطة بالطفلة وكيفي يتعامل معها المحيطون بها بما فيهم الأم نفسها، كيف يتكلمون معها وما هي الأشياء التي تراها في التليفزيون أو الموبايل أو حتى الكلام الذي يدور في العيلة أمامها أو حتى الأشياء التي تحدث في المجتمع وتصلها بشكل أو بآخر.
أن يعاني الطفل من اضطراب نفسي في هذا السن من دون سبب في البيئة المحيطة أمر صعب، لذلك يجب البحث في البيئة المحيطة.
الجزء الثاني الخاص بتصرفها في الحصانة فهذا يشير إلى قلق أو رهاب الانفصال، قد تكون الطفلة عانت من الفقد أو الانفصال والبعد عن شخصيات قريبة جدًا منها، كالأب أو أحد الأجداد مثلاً، فهذا خلق عندها خوف مرضي من الفقد وتشعر أنها حين تغيب أمها عنها ساعات وجودها في المدرسة فقد يعني أن تفقدها للأبد لهذا تطمئن بوجود أمها إلى جانبها، وهذا الخوف المرضي أيضًا قد يسبب التوتر والقلق والشعور بالذنب والكوابيس.
هناك احتمال آخر أن تكون الطفلة مشكلتها أنها مدللة بشكل مبالغ فيه، وأنها تستخدم نوبات الغضب والصراخ لتحقيق أهدافها وكل مرة تجد أن هذه الطريقة تنجح فإنها تلجأ إليها مرة بعد أخرى لذلك يجب وضع حد لهذا الأمر كوسيلة ضغط، ويجب أن تتوقف عن الاستجابة لهذا الضغط وتغير هذه السياسة في التعامل.
وبالنسبة لأعراض الجز على الأسنان والشعور الدائم بالذنب والعصبية والتوتر فهذا قد يشير إلى أعراض رهاب أو بدايات اعراض اكتئاب، ويمكن أن يشير أيضًا إلى أن الطفلة تتعرض لنوع من الابتزاز النفسي أو الجسدي. وهو ما يعيدنا إلى النقطة السابقة، أن أول طريق الحل أن تراجع الأم وتراقب محيطها جيدًا وكل تعاملات المحيطين بالطفلة.
يجب أيضًا أن تراجع الأم كل ما تتابعه الطفلة على الموبايل أو التلفزيون. وفي حالة عدم وجود أي سبب في محيطها لهذه المشكلة من المهم أن تذهب إلى أقرب عيادة نفسية لإجراء تقييم نفسي للطفلة لتتأكد هل تعاني الاكتئاب والرهاب أم أن نوبات الغضب هذه لأنها طفلة عنيدة تستميت في الحصول على الشيء الذي تريده وتستخدم نوبات الغضب كوسيلة للضغط.
صفحة وشوشة عدد الجمعة
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس آب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة