تصدر ملف منظومة التجارة الداخلية اهتمام القيادة السياسية على مدار السنوات الماضية، وجاءت توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى لوزارة التموين والتجارة الداخلية، الذى ظل يعانى من العشوائية على مدار العديد من السنوات، حتى نجحت الوزارة بقيادة الدكتور على المصيلحى، وزير التموين، خلال الـ4 سنوات الماضية، فى تطوير منظومة التجارة الداخلية بإنشاء العديد من المناطق اللوجستية والمراكز التجارية الكبرى من أجل تقليل حلقات تداول السلع وتوفيرها فى المحافظات المختلفة للمواطنين، الأمر الذى أدى إلى انخفاض تكاليف النقل، وبالتالى انخفاض السعر النهائى للمنتج كما نجحت الوزارة فى إطلاق أول بورصة مصرية للسلع.
وزير التموين
تهدف البورصة السلعية إلى تقليل حلقات تداول السلع بين المزارعين والمنتجين وصولا إلى يد المستهلك، ويستطيع البائع «مزارع أو تاجر أو منتج» إيداع السلع داخل المخازن المعتمدة من قبل وزارة التموين بعد تصنيفها، وإعطاء درجة لجودتها ليتم تداولها مباشرة على المنصة الإلكترونية للبورصة، التى تعرض الكميات المتاحة من كل سلعة على شاشات البورصة لتتحكم آليات وقوى العرض والطلب بين البائع والمشترى فى تحديد سعر تلك السلع لصالح المستهلك، مما سينعكس بشكل إيجابى على أسعار السلع والمنتجات.
البداية بطرح القمح
أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية أنه تم طرح سلعة القمح بالبورصة السلعية فى أول جلسات انطلاقها، حيث قامت الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة للوزارة بطرح كمية 12 ألف طن قمح روسى مستورد للبيع لمطاحن القطاع الخاص بسعر 9750 جنيها للطن الواحد عن طريق منصة البورصة المصرية للسلع، وقد تم تنفيذ 18 عملية شراء بالفعل، وبلغ عدد طلبات الشراء التى تم تسجيلها على منصة البورصة المصرية للسلع 28 طلبًا بإجمالى كمية قدرها 19779.98 طن، بنسبة زيادة قدرها 64.83 % من إجمالى الكمية المعروضة من قبل هيئة السلع التموينية كبائع بمتوسط سعر 9613.39 جنيها، كما عقدت البورصة المصرية للسلع ثانى جلساتها يوم الأربعاء 30 نوفمبر 2022.
انطلقت رسميا أول جلسة للبورصة المصرية للسلع يوم الأحد الماضى بطرح كميات كبيرة من القمح لبيعها إلى المطاحن عبر هذه البورصة، التى تهدف إلى إتاحة السلع بسعر عادل، وتوفير الحماية لصغار المزارعين، وإنهاء الاحتكار، وتحقق استقرار للأسعار، وبدأت الهيئة العامة للسلع، التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية بالتنسيق مع البورصة المصرية للسلع، بطرح كميات للبيع من مخزون الأقماح لديها إلى المطاحن عبر منصة البورصة المصرية للسلع، وسيكون طرح القمح بمعدل مرتين أسبوعيا، الأحد والأربعاء، كمرحلة أولى.
ضبط واستقرار الأسعار
انطلاق البورصة المصرية للسلع لأول مرة فى مصر، يأتى ذلك اتساقًا مع سياسة الدولة فى تنظيم أسواق السلع، وفقًا لتوجيهات القيادة السياسية، بضبط واستقرار أسعار السلع فى السوق المصرى، ونظرًا لتداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على إمدادات القمح عالميًا، تم تفعيل وزارة التموين لأدواتها وآلياتها السوقية فى هذا الشأن، كما ساهمت فى تدبير احتياجات مطاحن القطاع الخاص من القمح المستورد حتى لا يؤثر ذلك على الأسعار فى السوق المحلى، وسوف تكون الهيئة العامة للسلع التموينية طرفًا بائعًا للكميات المتاحة حتى لا يؤثر ذلك على الاحتياطى الاستراتيجى، وستكون الشركة القابضة للصوامع الجهة الملتزمة بالتسليم، حتى تتمتع شركات المطاحن من الاستفادة من هذه «المتاجرة» على منصة البورصة المصرية للسلع والاشتراك كمشترى للأقماح فى تلك المزايدات، ما يستوجب على شركات المطاحن الراغبة فى التقدم على هذه المزايدات التسجيل فى عضوية البورصة المصرية للسلع أولا.
البورصة المصرية للسلع
حماية صغار المنتجين والمزارعين
ستعمل البورصة السلعية على توفير قدر من الحماية لصغار المزارعين والمنتجين عن طريق جمع إنتاجهم وتصنيفه، وإتاحتها على كل المتعاملين على منصة البورصة، فى شكل سوق منظم على النحو الذى يساهم فى زيادة القدرة التنافسية لصغار المزارعين والمنتجين، حيث تعد البورصة السلعية جزءًا من البنية التحتية لمنظومة التجارة الداخلية، كما أنها سوف تشجع صغار التجار بدخولهم ضمن منظومة التجارة المنظمة، مما سينعكس على أسعار السلع لصالح المستهلك والمنتج، خاصة مع تقليل حلقات تداول السلع بين الوسطاء، وأن ذلك يأتى وفقا لتوجيهات القيادة السياسية بشأن ضبط الأسواق، وتوفير السلع ومنها السلع الغذائية وغيرها من السلع الأخرى، كما تواصلت وزارة التموين مع بورصة بيلاروسيا، للاستفادة من الخبرات العالمية.
المستهلك مستفيد
أكد الدكتور إبراهيم عشماوى، مساعد أول وزير التموين ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية ورئيس البورصة المصرية للسلع، أن البورصة السلعية ستعمل على تقليل حلقات تداول السلع والمنتجات، ومن المتوقع أن تساهم فى تخفيض الأسعار للمنتج النهائى من 20 إلى 25 % بما يصب لصالح المستهلك، لافتًا إلى أنه تم البدء بتداول سلعة القمح كمرحلة أولى، حيث دخلت الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين كطرف بائع بطرح القمح، ثم تدخل المطاحن كمشترى، مؤكدًا أن السلع التى يتم تداولها عبر منصة البورصة السلعية، لا بد أن تكون منتجات حاضرة، وقابلة للتخزين، كما أنه جار حاليًا دراسة السلع الأخرى التى سيتم تداولها فى الفترة المقبلة، ومن أهم مميزات البورصات السلعية، العرض والطلب والشفافية، وسيكون هناك إفصاح عن كل شىء، والبورصة من أهم الآليات لضبط الأسواق وتنظيمها لضبط الأسعار وتقليل الاحتكار، وفى أول يوم تداول للبورصة السلعية، طرحت الحكومة ممثلة فى الهيئة العامة للسلع التموينية كمية من القمح الروسى على المنصة الإلكترونية، وذلك على مجموعة من المشترين من القطاع الخاص تضم شركات المطاحن الخاصة، وخلال جلسة واحدة تقدم نحو 31 مطحنا من إجمالى 40 مطحنا تم تكويدها بطلبات شراء للقمح، وتعد ميزة التداول فى البورصة السلعية هى أن الحكومة لديها فائض واحتياطى تطرح جزءا منه للقطاع الخاص، لكى يستفيد المستهلك النهائى من طرح السلعة بهذه الكمية وبهذا السعر وهذا التوقيت فتنخفض الأسعار.
البورصة
السلع الغذائية وغير الغذائية الخطوة التالية
أضاف «عشماوى»، أن البورصة السلعية تستهدف أيضا طرح العديد من السلع الغذائية وغير الغذائية، وذلك بعد تداول سلعة القمح التى تعد من السلع الاستراتيجية، حيث التداول على القمح الروسى لدى هيئة السلع التموينية، وخلال الفترة المقبلة سيكون التداول على العديد من السلع الأخرى مثل الأرز والقطن، وكذلك الذهب والحديد وغيرها من المنتجات الأخرى، فأكثر من 200 شركة قامت بالتسجيل على منصة البورصة السلعية حتى الآن وتم تكويدها، والهدف من ذلك هو ضبط منظومة الأسواق فى العرض والطلب، وإتاحة تداول السلع بعيدًا عن كثرة الوسطاء، حيث إن من شروط الدخول فى البورصة، تسجيل المنشآت أو الشركات ممن لديها سجل تجارى وبطاقة ضريبية وسمعة طيبة حتى تستطيع الدخول فى البورصة كبائع أو مشترى للمنتجات والسلع الأخرى، التى سيتم طرحها خلال الفترة المقبلة، كما أن البورصات السلعية ليست بورصات زراعية فقط، بل هى بورصة تشمل كثيرا من المنتجات والسلع، وليست حكرًا على صناعات غذائية أو منتجات خاصة بالزراعة، وإنما يمكن طرح منتجات أخرى كالحديد والذهب والقطن وجميعها من السلع التى تمت دراستها خلال الفترة الماضية.
سوق حاضر
الهدف من البورصة السلعية هو إيجاد سوق حاضر وعلاقة مباشرة تربط بين بائع ومشترى دون وسطاء بمنتهى الشفافية، والإفصاح من خلال إتاحة الكميات والأسعار بصفة أسبوعية على المنصة الإلكترونية. ولفت «عشماوى»، إلى أن المتعاملين بالبورصة، سواء بائع أو مشترى، ليسوا أفرادا وإنما شركات، سواء شركات فردية أو تضامن أو مساهمة، ولا بد من وجود بطاقة ضريبية وسجل تجارى وسجل صناعى لو منتج تام الصنع، كما أن البائعين من خلال البورصة السلعية يقومون بعرض منتجاتهم بالأسعار التى يريدونها، وبالتالى تحدث منافسة ويقوم المشترى بالشراء وفقا لمزايدة الأسعار، وبأفضل جودة مطابقة للمواصفات، مضيفا أن البورصة تتيح للمشترى نوافذ وقنوات لتداول السلعة، فبدلا من تعامل المزارع مع تاجر واحد يمكنه التعامل مباشرة مع الكثير من التجار، كما أن البورصة السلعية ستضم أكثر من سلعة حاضرة فى مخازن البائع، بحيث يتم من خلال أوامر تحويل السلعة من مخازن البائع إلى المشترى والتسوية المالية تتم خلال 48 ساعة، يكون البائع قد حصل على قيمة البضاعة من المشترى، وسيتم التداول بالبورصة مرتين أسبوعيا يومى الأحد والأربعاء.
p