حسم مجلس الشيوخ، الموافقة النهائية على مشروع قانون التصالح فى مخالفات البناء، وهو ما اعتبره عدد كبير من أعضاء المجلس، بمثابة انفراجة كبيرة لصالح المواطنين المطالبين بتقنين أوضاعهم، ويضع حوافز وتسهيلات تزيد فرص الموافقة على طلبهم ويوسع دائرة المستفيدين.
يهدف مشروع القانون إلى تقنين أوضاع مخالفات البناء والتصالح فيها، ومخالفات المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز، وكذا البناء على الأراضى المملوكة للدولة، مراعياً البعد الاقتصادى للدولة، مساهماً فى حل أزمة الإسكان فى مصر من خلال استغلال الأموال التى تأتى كتعويض عن المخالفة للصرف منها على مشروعات الإسكان الاجتماعى، مع مراعاة عدم إهدار الثروة العقارية، ومن بين ما جاء فى القانون، الإجازة بأن تُمنح نسبة تخفيض لا تجاوز 25%، بناء على قرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، حال السداد الفوري، وكذا السداد على أقساط، خلال مدة لا تجاوز خمس سنوات، ويترتب على صدور الطلب انقضاء الدعاوى المتعلقة بموضوع المخالفة فى أى حال كانت عليها، وحفظ التحقيقات فى شأن هذه المخالفات إذا لم يكن قد تم التصرف فيها، وقف تنفيذ العقوبة المقضى بها، فى حال صدور حكم بات فى موضوع المخالفة؛ وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل تقنين الأوضاع والتصالح أثناء تنفيذها.
كما أعفى القرى من إجراءات المعاينة وفق محددات واضحة، وشمل ضم المجلس للتصالح فى المدافن الخاصة المقامة بدون تراخيص فى الحالات المتضمنة وتشمل :مخالفات التعدى على خطوط التنظيم المعتمدة، والتعدى على حقوق الارتفاق المقررة قانوناً، ومخالفات المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز، وداخل حدود المناطق ذات القيمة المتميزة، وتجاوز قيود الارتفاع المقررة من سلطة الطيران المدني، أو تجاوز متطلبات شئون الدفاع عن الدولة، وكذا البناء على الأراضى المملوكة للدولة، وحالات تغيير الاستخدام للمناطق التى صدرت لها مخططات تفصيلية معتمدة، وتغيير استخدام الأماكن المخصصة لإيواء السيارات، وذلك كله وفقاً لضوابط حددها مشروع القانون، منها موافقة الجهات المختصة، بجانب السماح بالتصالح فى حالة البناء خارج الحيز العمرانى المعتمد، ويكون التصالح على أساس قيمة سعر المتر لكل منطقة، وإقرار مميزات لمن تقدم بطلب وفق قانون 2019 ولم يتم البت فيه أو لم تَنْقَضِ مواعيد الفحص.
وقال اللواء خالد سعيد، رئيس لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ، أن قانون التصالح فى مخالفات البناء تشريع استثنائى يتعامل مع العقارات التى تمت بالمخالفة وفقا لأخر تصوير جوى تم 30 سبتمبر 2022، وأن الأصل هو قانون البناء الموحد.
وأشار إلى أن قانون التصالح فى مخالفات البناء يعالج أزمة كبرى لمجتمع المصري، كما أنه يضبط العلاقة بين الدولة والمواطنين، مشيرا إلى لجنة الإسكان قامت بإجراء تعديلات كثيرة من مواد القانون، مشددا أن القانون يتعامل مع جميع المخالفات التى يستحيل إزالتها، مؤكدا أنه قانون البناء الموحد هو الأصل الذى سوف يعالج مشكلات البناء.
وبشأن اللائحة التنفيذية لقانون التصالح فى مخالفات البناء، قال " طالبنا من الحكومة أن نكون موجودين أثناء وضع اللائحة التنفيذية حتى تضع لائحة تنفيذية تكون قابلة للتنفيذ وتتوافق مع مواد القانون"، مؤكدا أن جوهر قانون التصالح فى مخالفات البناء تتوافق مع القانون والدستور.
ويؤكد أحمد صبور، أمين سر لجنة الإدارة المحلية والإسكان والنقل بمجلس الشيوخ، أن مشروع قانون التصالح على مخالفات البناء، سيساهم بشكل كبير فى حل مشكلة المبانى المخالفة التى عانت منها مصر على مدار السنوات الماضية والتى تسببت فى ظهور العشوائيات، خاصة وأن التعديلات تهدف إلى التيسير على المواطن فى التعامل مع الجهات المعنية بتطبيق التشريع على أرض الواقع، حيث أظهر التطبيق العملى للقانون الحالى ظهور بعض الإشكاليات التى تتعلق بالحالات المحظور التصالح عليها، مما تسبب فى رفض الكثير من طلبات التصالح، على الرغم من كون تلك المخالفات قائمة بالفعل، ويصعب فى كثير من الأحيان إزالتها، مشيرا إلى أن هذه التعديلات ستساهم فى تحفيز المواطنين على تقديم طلبات التصالح.
وقال "صبور"، أن تسهيل إجراءات التصالح لا يعنى أبدا التخلى عن توافر شروط السلامة الإنشائية، مشيرا إلى أنها شرط رئيسى لقبول التصالح.
وأوضح "صبور"، أن المشروع حدد فترة تلقى طلبات التصالح، بما لا يتجاوز 6 شهور من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون، مع جواز تجديدها، وذلك لإتاحة متسع من الوقت أمام الراغبين فى التقدم بطلبات التصالح، مؤكدا أن المشروع أقر تيسير الاجراءات على المواطنين خاصة فى القرى، حيث استثنى من إجراء المعاينة طلب تقنين الأوضاع والتصالح بالقرى وتوابعها متى كانت مساحة المبنى محل المخالفة لا يزيد عن مائتى متر مربع، ولا يتجاوز إرتفاعه عن أرضى وثلاثة أدوار، على أن يتم الاعتداد بما قدمه الطالب من مستندات تحددها اللائحة التنفيذية، وللجهة الإدارية المختصة خلال 3 سنوات من تاريخ صدور قرار قبول التصالح إجراء المعاينة
ويقول النائب عادل اللمعي، عضو لجنة الإسكان والإدارة المحلية والنقل بمجلس الشيوخ، أن مشروع قانون التصالح فى مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، يأتى فى إطار جهود الدولة لإنهاء هذا الملف ووضع المزيد من التيسيرات على المواطن لتوسيع دائرة المستفيدين من القانون بضم فئات جديدة، من خلال إتاحة آليات قانونية أكثر سهولة تساعده على التقدم بالطلب، ومن ثم وقف المزيد من النمو العشوائي، وتحقيق قدر من الاستقرار والأمن المجتمعى لأصحاب العقارات المخالفة بتقنين تلك المخالفات، طالما أن الإبقاء عليها لا يتصادم مع المصلحة العامة للدولة أو يعرض حياة المواطنين للخطر.
ولفت إلى أن القانون ينتصر للمواطن ويمنحه المزيد من الفرص والحوافز لرفع قيمة وسعر الوحدة القاطن فيها بتقنينها، والسماح بتقسيط المبلغ على 5 سنوات بدلا من ٣ سنوات، إضافة إلى منح تخفيض 25% حال السداد الفورى، مع إمكانية مد المدة الخاصة بتقديم طلب التصالح، مشددا أنها آلية التحفيز نحو التقدم بطلبات لتقنين الأوضاع المخالفة، بما يؤدى للحفاظ على الثروة العقارية وتجنيب المواطن أى تهديد بالإزالة أو قطع المرافق، مع التأكيد على عدم الإخلال بالسلامة الانشائية، كما أن الحصيلة المتوقعة من مشروع القانون تمثل موردا مهما للصرف على مشروعات الإسكان الاجتماعى ودعم محدودى الدخل؛ ويعمل على الاستجابة لتخفيف الأعباء عن المواطنين بالقرى، بالنص على "استثناء طلب تقنين الأوضاع من إجراء المعاينة بالقرى وتوابعها، متى كانت مساحة المبنى محل المخالفة لا تزيد على ٢٠٠ متر مربع، ولا يتجاوز ارتفاعه عن ارضى وثلاثة أدوار"، إضافة إلى إدارج اللجنة نصا يجيز التصالح على إقامة المقابر بالقرى وهو ما يخدم صالح المواطن الريفي.
واعتبر هانى العسال، عضو لجنة الإسكان والإدارة المحلية والنقل بمجلس الشيوخ، أن مشروع قانون التصالح فى مخالفات البناء، يواجه التحديات التى تصعب إنهاء هذا الملف، بما يسهم فى مزيد من تقنين الأوضاع وتسهيل الاجراءات التى تمكن وتحفز المواطن من تقديم الطلب وإتمامه، مؤكدا أنه يعد استجابة لمطالب المواطنين والذى يمثل أهمية كبيرة لملايين من الأسر، من خلال التيسير عليهم ومعالجة المشكلات والعوائق التى واجهت تطبيق القانون الحالى، وأيضا عدم تكرار هذه المخالفات.
وأضاف عضو مجلس الشيوخ، أن التغييرات التى طرأت على القانون تشمل حالات لم يكن مسموحا لها التصالح بالقانون القديم، ليعالج فى ذلك القصور الذى كان بالتشريع الحالى وأسفر عن تقدم مواطنين بعدد 2.8 مليون طلب تصالح ولكن ظهرت إشكاليات أثناء التطبيق، لا سيما وأن التشريع الجديد يأتى بعد عقد مجموعة من الاجتماعات بين الحكومة والبرلمان.
وأشار "العسال"، إلى أن من بين مكتسبات التصالح هو ارتفاع القيمة السوقية للوحدة وتسهيل بيعها بالسعر المناسب للمنطفة بعد تقنين أوضاعها وحل أزمتها القانونية، وفتح الباب أمام حصول الجهات التنفيذية على معلومات وحصر متكامل بشأن المبانى والإنشاءات فى مصر، موضحا أن مشروع القانون الجديد يسهم فى إرساء السلم المجتمعى ويضمن الإسراع فى البت بالطلبات، مع تأكيد السلامة الإنشائية وحظر البناء على الأراضى الخاضعة لقانونى حماية الآثار وحماية نهر النيل، مؤكدا على أهمية أن تتضمن لائحته التنفيذية بشكل أكثر تفصيلا توضيح آليات التعامل مع المبانى المخالفة وألا تكون القرارات المرتبطة بذلك منفردة لأحد.
فيما يشير جمال أبو الفتوح، عضو مجلس الشيوخ، إلى أن مشروع قانون التصالح فى مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، يعكس الاستماع لمطالبات الشارع ومشاكل المواطنين، بجانب مراعاة البعد الاقتصادى للدولة والإنسانى للمواطن بالعمل على إحداث الموائمة بين مقتضيات التنمية الشاملة وتعظيم موارد الدولة وبين تحقيق الاستقرار والأمان المجتمعى للمواطنين وأسرهم، بتوسيع فرص توفيق الأوضاع وتقنين الوحدات القاطنين فيها، لاسيما وأن التشريع يهم قاعدة عريضة من المواطنين بمختلف أنحاء الجمهورية.
ولفت إلى أن مشروع القانون عمل على تبسيط الاجراءات لأصحاب الجدية، ومنح حوافز بمدد جديدة للتقسيط والتخفيض حال السداد الفوري، إضافة إلى ضم حالات جديدة لمنحها آلية التصالح على أن تُحال طلبات التصالح وتقنين الأوضاع والتظلمات التى قدمت وفق أحكام القانون رقم (17) لسنة 2019، ولم يتم البت فيها أو لم تَنْقَضِ مواعيد فحصها، مع مراعاة عدم سداد رسم فحص جديد أو مقابل جدية التصالح، فى حال سداده من قبل، ويكون سعر المتر بذات الأسعار التى تم إقرارها بالقانون السابق، مع الاحتكام للسلامة الإنشائية كشرط أساسى حفاظا على أرواح المواطنين، موضحا أنه يأتى ضمن توجيهات القيادة السياسية لإيجاد حل لهذا الملف الشائك، بما يمثله من أهمية كبيرة لملايين المواطنين.
وأشار إلى أن التشريع الحالى تشابك فى تطبيقه مع عدد من التحديات على أرض الواقع التى حالت دون الوصول للهدف المرجو منه ومن ثم كان هناك ضرورة لإدخال تعديلات وإلغاء القانون الحالي، معتبرا أن القانون له مكتسبات عديدة على مستوى المواطن والدولة سواء من خلال رفع القيمة السوقية للعقار القاطن ومنحه أحقية الحصول على مرافق وضمان استقراره بتوفير أهم الاحتياجات الإنسانية وهى السكن، وأيضا من خلال تعظيم موارد الدولة بما يخدم التوسع فى مشروعات الإسكان الاجتماعى وتطوير البنية التحتية.
وشدد عضو مجلس الشيوخ، أن التشريع يستهدف فى الأساس التيسير وتخفيف الأعباء، ومعالجة أى قصور جاء بالتشريع الحالي، وعلى الأخص المواطن الريفى بإعفائه من اجراءات المعاينة وفق ضوابط موضوعة، واستحداث اللجنة المختصة بالمجلس ضم المقابر إلى الحالات التى يمكن التصالح فيها، مؤكدا على أهمية معالجة أى قصور فى المحليات قد يوثر فى تطبيقة على أرض الواقع وسرعة البت فى الطلبات وهو ما يستلزم تأهيل العاملين وتدريبهم وتعريف المواطنين بمختلف الدوائر بمكاسب هذا التشريع، وما جاء به من حوافز وتيسيرات.