قال رئيس مكتب الهيئة اليابانية للتعاون الدولى "چايكا" بمصر كاتو كين، إن المتحف المصرى الكبير المنتظر افتتاحه قريبا، سيكون أحد أهم رموز تاريخ التعاون المصرى اليابانى الطويل والصداقة بين البلدين.
وأوضح، أن "چايكا" تساهم بتمويل مجموعة واسعة من المشروعات في مصر، ويأتي أبرزها في قطاعات السياحة والتعليم والصحة، وأيضا مشروعات الطاقة والموارد المائية والنقل التي تساعد على التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية.
ونوه كاتو كين - خلال حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، بأن چايكا تساند الجهود التنموية المصرية منذ منتصف الخمسينيات، بمحفظة تعاون مع مصر تقدر بما يقرب من 9 مليارات دولار، من بينها مليارا دولار في شكل منح وتعاون فني وأن جايكا هي الهيئة الحكومية اليابانية المسئولة عن المساعدات التنموية الرسمية، مثل التعاون الفني والتمويل والتعاون الاستثماري والمنح بشكل متكامل، إضافة إلى تمويل القطاع الخاص من أجل دعم البنية التحتية الحيوية، وتبادل المعرفة في قطاعات متعددة، وهي تعمل في أكثر من 150 دولة ومنطقة، ولديها 96 مكتبا في الدول المختلفة، بما فيها مصر، قائلا "نحن فخورون للغاية بمحفظة التعاون الكبيرة مع الحكومة المصرية والتي يتم توجيهها وفقا لاحتياجات الحكومة وأولوياتها، فلا شك أن مصر هي حجر الزاوية في الأمن والاستقرار الإقليميين".
وقال رئيس مكتب "چايكا" إن الحكومة المصرية تتمتع دائما برؤية تقدمية كبيرة، ولديها التزام قوي بتنفيذها، ومن جهتها تحترم جايكا ما لدى الحكومة المصرية من روح المبادرة وتبحث كيفية التعاون معها بفاعلية كشريك وثيق، مع التطلع إلى زيادة التعاون المقدم من شعب اليابان إلى شعب مصر.
وأضاف أن الوكالة اليابانية قدمت دفعتين من التمويل عامي 2008 و 2016 والبالغة قيمتها 84.2 مليار ين ياباني (ما يعادل حوالي 800 مليون دولار) لبناء المتحف المصري الكبير والعرض المتحفي والبنية التحتية للمعلومات والاتصالات والخدمات الاستشارية، مشيرا إلى أن إنشاء "المتحف المصري الكبير" إلى جوار الأهرامات استهدف الحفاظ على التراث الثقافي المصري وترميمه وعرضه، فضلا عن تعزيز الأبحاث على هذه القطع الآثرية وخدمة الأنشطة التعليمية.
ومن المتوقع أن يعرض المتحف العديد من القطع الأثرية، بما في ذلك جميع كنوز الملك الشهير توت عنخ آمون وقناعه الذهبي، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تطوير صناعة السياحة وخلق فرص العمل، حيث يمثل قطاع السياحة 11.9% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل به نسبة 9.5 % من قوة العمل، بحسب ما أورد التقرير العالمي لمجلس السفر والسياحة عام 2018.
ومن أجل الحفاظ على آثار المتحف وحمايتها تم إنشاء مركز الترميم بالمتحف المصري الكبير Grand Egyptian Museum Conservation Center (GEM-CC)، والذي تم افتتاحه في يونيو 2010 ويلعب دورا مهما في حفظ وترميم القطع الأثرية المكتشفة من جميع أنحاء مصر للعرض، وقد ساهم التعاون الفني مع جايكا في تبادل المعرفة وتطوير قدرات المرممين وحفظ ونقل القطع الأثرية، ومن المستهدف أن يصبح المركز الإقليمي الأكبر لترميم الآثار بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأشار مدير مكتب "الوكالة اليابانية للتعاون الدولي" إلى أن مشروعات التعاون الفني التي تعمل عليها الوكالة شملت أعمال التنقيب عن مركب الملك خوفو الثانية وتجميعها وترميمها، من خلال التعاون مع "معهد مركب الشمس" في طوكيو.. لافتا إلى أن المركب تم استخراجها والعمل على تجميعها وترميمها من قبل فريق أثري بقيادة البروفيسور ساكوجي يوشيمورا، ومن المستهدف عرضها كأحد أكثر القطع تميزا في المتحف المصري الكبير.
ولفت إلى دعم أعمال التنقيب والحفظ والقياس والمسح الضوئي لمركب خوفو الثانية التي اكتشفها فريق أثري عام 1987، ومن المستهدف عرضها كأحد أكثر القطع تميزا في المتحف المصري الكبير.
وحول أبرز ملامح مشاركة "چايكا" بمؤتمر المناخ COP27 بشرم الشيخ الشهر الماضي، ذكر أن "جايكا" ساهمت في وضع "دليل شرم الشيخ للتمويل العادل" الذي أعلنته وزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط بالمؤتمر، والذي يمهد الطريق نحو إعداد المشروعات بطريقة أكثر جاذبية لتحفيز كل من القطاع الخاص وشركاء التنمية للاستجابة على نحو أفضل لمتطلبات التمويل المناخي، والدفع قدما نحو الانتقال من التعهدات إلى التنفيذ.
كما أوضح أن چايكا نظمت حدثين بالمؤتمر، الأول حول تنمية الطاقة من الهيدروجين الأخضر في جناح اليابان بالمنطقة الزرقاء، إذ تعد هذه الطاقة واحدة من الميادين الواعدة بالنسبة لمصر، والآخر حول "التعاون بين مصر واليابان بشأن كفاءة الطاقة".
وذكر أيضا أن "چايكا" دعمت خطوة إعلان وزارة البترول والثروة المعدنية تأسيس مركز التميز لكفاءة الطاقة في مصر بمؤتمر COP27، حيث يتوقع أن يعمل المركز على بناء القدرات في هذا المجال بمصر، وجميع أنحاء القارة الإفريقية، وأنها شاركت أيضا من خلال التعاون الفني في إعداد التقرير الأول حول كفاءة الطاقة في مصر، الذي أعلنه الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة والذي أظهر المعلومات والبيانات اللازمة لتقييم مواقف الطاقة الحالية، الوفر في العرض والطلب، وتقديم اقتراحات فعالة بشأن السياسات.
وحول أبرز المشروعات المتعلقة بالتخفيف والتكيف مع التغير المناخي التي تدعمها هيئة التعاون الدولي اليابانية في مصر؛ قال كاتو كين "إن چايكا تقدم دعمها للعمل المناخي في مناطق وقطاعات مختلفة، بالاستفادة من الخبرة والتكنولوجيا اليابانية"، مشيرا إلى أن إجراءات التخفيف من التغير المناخي تضم عدة مشروعات في قطاع الكهرباء؛ والذي تبلغ قيمة محفظة التعاون مع مصر فيه 2,31 مليار دولار، حيث استكمل تنفيذ 16 مشروعا، بينما يتواصل العمل في أربعة مشروعات أخرى.
وأشار إلى أن من بين أبرز هذه المشروعات محطة الطاقة الشمسية بقدرة 20 ميجا وات في مدينة الغردقة والذي سيتضمن للمرة الأولى في مصر تكنولوجيا تخزين البطاريات، وأيضا مشروعات تقليل الفاقد في شبكة التوزيع وتحسين كفاءة بعض محطات الطاقة الموجودة بالفعل، كما قدمت "جايكا" التعاون الفني بشأن كفاءة الطاقة والحفاظ عليها خلال العامين الماضيين.
يأتي ذلك بالإضافة إلى المساهمة بتوليد طاقة الرياح بقدرة 340 ميجا وات من محطتي الزعفرانة وخليج الزيت القائمتين بالفعل، إذ اكتمل إنشاء مزرعة رياح الزعفرانة عام 2009 بهدف زيادة إمدادات الطاقة وتقليل استخدام الوقود الأحفوري، وأسهمت "الچايكا" بتمويل المحطة وتوليد قدرة 120 ميجاوات من الطاقة ليتم تجنب 180 إلى 190 ألف طن من الغازات المؤدية للاحتباس الحراري سنويا، كما قامت الجايكا بدعم توليد 220 ميجاوات لإنشاء محطة توليد طاقة الرياح بخليج الزيت عام 2019 على ساحل البحر الأحمر لتلبية الطلب على الكهرباء، مع التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال الحد من انبعاثات الغازات المؤدية إلى الاحتباس الحراري، ليسهم المشروع في تجنب 490،837 طنا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا.
كذلك وقعت "جايكا" اتفاقية لتمويل مشروع كوم أمبو للطاقة الشمسية في مصر في نوفمبر الماضي، وذلك بالاشتراك مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) . ويهدف هذا المشروع إلى زيادة إمدادات الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة عن طريق بناء وتشغيل محطة للطاقة الشمسية بقدرة 500 ميجاوات في كوم أمبو بمحافظة أسوان، وبالتالي المساهمة في التخفيف من تغير المناخ عن طريق الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو أول مشروع يتم توقيعه بعد عقد مؤتمر المناخ في مصر.
وأشار كاتو كين إلى المرحلة الأولى من مشروع الخط الرابع لمترو الأنفاق الذي يربط بين غرب وشرق القاهرة الكبرى والذي يأتي كأحد مشروعات التخفيف من التغيرات المناخية في مجال النقل؛ متضمنا محطة مواجهة للمتحف المصري الكبير.
وأوضح أن تطوير مطار برج العرب الدولي بالإسكندرية يعد نموذجا آخر لمشروعات التخفيف من التغيرات المناخية، حيث شهد إنشاء أول مبنى للركاب صديق للبيئة مزود بمحطة لتوليد الطاقة الشمسية لاستخدامها في تكييف الهواء والإضاءة. ودعمت هيئة التعاون الدولي اليابانية "چايكا" المشروع بقرض ميسر 5.7 مليار ين ياباني في المرحلة الأولى التي انطلقت بنهاية عام 2010 جراء نمو الطلب على الانتقال بواسطة رحلات الطيران منخفضة التكلفة، كذلك دعمت "جايكا" المرحلة الثانية من المشروع بتكلفة 18.2 مليار ين ياباني، والذي ينتظر تشغيله بحلول عام 2024 ليخدم 3.5 مليون مسافر سنويا.
ومن بين مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية، استعرض كاتو كين تمويل "چايكا" لتشييد قناطر الري في ديروط؛ Dirout Group of Regulators (DGRs والتي تهدف إلى تمكين الإدارة بكفاءة للموارد المائية المحدودة، بما يسهم أيضا في تحقيق الأمن الغذائي.
ويرجع إنشاء قناطر ديروط إلى عام 1872 لتمثل أقدم قناطر الري في البلاد، لكنها لم تعد تؤدي وظيفتها على الوجه الأكمل بسبب قدم عمرها. وتقدم قناطر ديروط 9,6 مليار متر مكعب من مياه الري سنويا، أو ما يعادل 17% من إجمالي موارد مياه نهر النيل، لصالح مساحة تبلغ 600 ألف هكتار. وتقسم قناطر ديروط ترعة الإبراهيمية إلى سبع قنوات رئيسية، لتتولى توزيع مياه الري على المزارعين عبر هذه القنوات.
وحول المشروعات الرئيسية التي تشهد تعاونا بين "جايكا" والحكومة المصرية بخلاف مشروعات التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية؛ قال كاتو كين "إن التعليم يعد مجالا مهما للتعاون، حيث أبدت القيادة السياسية في مصر اهتماما كبيرا بتنمية الموارد البشرية القادرة وتمكين الشباب لقيادة مستقبل مصر، وفي هذا الإطار تدعم "چايكا" إدخال ونشر المفهوم الياباني للتنمية الشاملة من خلال أنشطة خاصة في المدارس الإبتدائية، تعرف باسم "توكاتسو"، وحتى الآن تم إنشاء حوالي 51 مدرسة يابانية مصرية. كما تدعم چايكا تحسين جودة التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال نشر مفاهيم مهمة مثل (التعلم من خلال اللعب)".
وفي قطاع الصحة، أشار رئيس مكتب "چايكا" في مصر إلى أن "مستشفى جامعة القاهرة التخصصي للأطفال- أبو الريش" الذي تم إنشاؤه وتوسيعه منذ الثمانينيات يعد من أهم رموز التعاون بين البلدين، حيث تم تنفيذ سلسلة من مشاريع التعاون الفني لموظفي المستشفى، ويستمر التعاون حتى الآن من أجل إنشاء مبنى آخر للعيادات الخارجية لخدمة الطلبات المتزايدة للمرضى بواسطة منحة.
ولفت أيضا إلى أنه منذ عام 2019، بدأت "چايكا" ووزارة الصحة والسكان مع "الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية" مشروع تحسين جودة المستشفيات وسلامة المرضى في 50 مستشفى في جميع أنحاء مصر.