أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أنه دأبت الدولة منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016 بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، والذي يضمن تحرير سعر الصرف وهيكلة منظومة الدعم؛ على احتواء التداعيات الاقتصادية المتمثلة في زيادة أسعار السلع والخدمات من خلال توسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وإيلاء الاهتمام للفئات الأولى بالرعاية، وهو ما نص عليه الدستور المصري في العديد من المواد التي تهدف إلى تحقيق مصلحة المواطن محدود الدخل. ومهدت له البيئة التشريعية القوية التي أقرت العديد من التشريعات والتي يسرت تطبيق وتحقيق مبدأ الحماية الاجتماعية.
وأوضحت الدراسة لمّا كانت هناك حاجة إلى القيام بالمزيد من إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وتوافقت الرؤى حول إعادة تسعير الجنيه المصري بسعره العادل كضرورة حتمية للحفاظ على المسار الصحيح للاقتصاد المصري والحفاظ على ثرواته ومكانته؛ فهناك أيضًا ضرورة ملحة للتوسع في مظلة الحماية الاجتماعية؛ لاحتواء التأثيرات على المواطن محدود الدخل، وتخفيف العبء عن كاهله، وضمان استيعابه للتطورات الاقتصادية المتتالية، إضافة إلى تجديد التزام الدولة بإرساء مبدأ الحماية الاجتماعية والذي أصرت عليه منذ عام 2014.
الإصلاح الاقتصادي والحماية الاجتماعية وجهان لعملة واحدة
ارتبطت منظومة الحماية الاجتماعية ببرنامج الإصلاح الاقتصادي؛ حرصًا من الدولة على توسيع مظلة الحماية الاجتماعية وتخفيف وطأة الإصلاحات الاقتصادية على الفئات الأكثر احتياجًا؛ فأُطلق أول برنامج دعم نقدي في 2015، ومن ثم توالى ارتباط برامج الحماية الاجتماعية مع كل خطوة تخطوها الدولة فيما يخص برنامج الإصلاح الاقتصادي.
والجدير بالذكر أن برنامج الإصلاح الاقتصادي أسهم بشكل كبير في مواجهة الأزمات العالمية المختلفة والتي عانت منها معظم الدول ومنها جائحة كورونا؛ إذ أسهم في اتخاذ الدولة بعض التدابير العاجلة التي خففت من حدة الأزمة كتوسيع أعداد المستفيدين من برامج الدعم النقدي بإضافة ما يقرب من 160 ألف أسرة خلال الجائحة لبرنامج تكافل وكرامة، وصرف منح مستمرة للعمالة غير المنتظمة خلال عام الجائحة 2020، إضافة إلى زيادة أعداد المستفيدين من القروض الميسرة لعمل المشروعات متناهية الصغر، وتوفير السلع الغذائية المدعمة من خلال منافذ تحيا مصر.
ومع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتي رفعت أسعار السلع عالميًا إلى مستويات غير مسبوقة ألقت بظلالها على معدلات التضخم عالميًا، أسهم برنامج الإصلاح الاقتصادي في تخفيف حدة الأزمة، واتخاذ الدولة لبعض القرارات العاجلة، ومنها حزمة سبتمبر الاستثنائية. وأسهم كذلك في عمل مراكز لوجستية تقوم بتخزين احتياجات مصر من السلع الاستراتيجية لمدة ستة أشهر أو أكثر. ومن الناحية المالية، فقد مكّن الدولة المصرية من رفع احتياطي النقد وشراء الاحتياجات الغذائية، وبالتالي توفرت السلع الغذائية بالأسواق على عكس كثير من الدول الأخرى، فيما ارتفع احتياطي النقد من 15 مليار دولار قبل بدء البرنامج إلى 33 مليار دولار في أغسطس الماضي وخلال الحرب المشتعلة بين الطرفين الروسي والأوكراني.
مظلة تشريعية تمهد لتحقيق حماية اجتماعية
كما سبق الذكر، فالدولة المصرية قد توجهت نحو تعزيز ديناميكية برامج الحماية الاجتماعية، وضمان الوصول إلى الفئات المستهدفة من خلال مظلة تشريعية سنها مجلس النواب المصري لتسهيل تطبيق برامج الحماية الاجتماعية بالتوازي مع سن التشريعات الاقتصادية التي تحسن مستوى الاقتصاد والاستثمار بشكل عام، وكان أبرز تلك التشريعات ما يلى:
● قانون زيادة المعاشات وتعديل بعض قوانين التأمين الاجتماعي: تنص قوانين المعاشات إجمالًا على زيادة سنوية قدرها 15%، وذلك في إطار تخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل المواطنين.
● قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016: أصبح القانون مكتسبًا جديدًا في قوانين الحماية الاجتماعية التي توفر بيئة عمل مناسبة وآدمية، فاستهدف القانون إصلاح الجهاز الإداري للدولة، والقضاء على تفاوت الأجور بين الموظفين، وزيادة العلاوات.
● تعديل بعض أحكام قانون تنظيم شؤون أعضاء المهن الطبية: جاء التعديل نتيجة الحاجة الملحة للحفاظ على الكوادر الطبية بزيادة بدل المهن الطبية وإنشاء صندوق تعويضات ومخاطر للكوادر الطبية.
● إنشاء صندوق التكافل الزراعي: يهدف القانون إلى تغطية الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية والمحافظة على مستوى الدخل الزراعي للمستفيدين في كافة المناطق والمجتمعات الزراعية.
● القانون 82 لسنة 2016: وهو القانون الخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين لمواجهة تلك الظاهرة التي تؤثر سلبًا على الشباب والاقتصاد وتضر الأمن القومي المصري.
● قوانين الحماية الاجتماعية للمرأة: صدرت بعض القوانين التي تضمن الحماية الاجتماعية للمرأة المصرية كان أهمها: تعديل قانون رقم 58 لسنة 1937 المعروف بقانون النفقة والمتعة، وتعديل القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث وضمان حصول المرأة على حقها في ميراثها الشرعي، وقانون الاستثمار رقم 72 لعام 2017 والذي ينص على تمكين المرأة اقتصاديًا، علاوة على القانون الخاص بتنمية المشروعات رقم 152 وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي يعمل على تحسين أوضاعهم دون تمييز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة