تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائى وتدهور التربة وندرة المياه فى مناطق مختلفة من كوكب الأرض، هى أحداث درامية تتحدى المجتمع الدولي، فيعتبر عام 2022 جرس إنذار قوى لكوكب الأرض، بعد انتشار الجفاف والحرائق وتدهور التربة الزراعية، بالإضافة إلى انتشار الجوع بشكل كبير فى مناطق مختلفة.
يعيش الكوكب فى أوقات القلق، حيث كانت البداية بتفشى فيروس كورونا، وهو وباء بدأ التغلب عليه بفضل حملات التطعيم الضخمة، ثم تفاجأ العالم بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهى التى تهدد اليوم بتعريض إمدادات المواد الخام الأساسية للخطر، وهى الأسمدة للقطاع الزراعي، حسبما قالت صحيفة "انفوباى" الأرجنتينية.
وكان التأثير المدمر على الأمن الغذائى والحصول على الضروريات الأساسية لشرائح كبيرة من السكان فى البلدان النامية، فى الخلفية، نشهد أزمة مناخية لا تهدأ، مع تداعياتها على جودة التربة وتوافر المياه للرى وإنتاج الغذاء.
تدهور الأمن الغذائي
بانوراما الجوع مقلقة، كما يتضح من الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة، بعد أن ظلت مستقرة نسبيًا بين عامى 2015 و 2019، كانت هناك زيادة فى انتشار نقص التغذية فى العامين الماضيين، والتى ارتفعت فى عام 2020 من 8٪ إلى 9.3٪ 2021، و9.8% فى 2022.
وفقا لأحدث تقرير عن حالة الأمن الغذائي والتغذية فى العالم، والذى نشرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع قد يصل إلى 828 مليون شخص، وهو ما يمثل نموًا فى عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع. حوالى 150 مليونًا منذ تفشى وباء كورونا، وهم بدورهم جزء من مجموعة أكبر من حوالى 2.3 مليار شخص، يواجهون حالات من انعدام الأمن الغذائى المعتدل أو الشديد، وهو ما يمثل 11.7٪ من سكان العالم.
وفقًا لتوقعات منظمة الأغذية والزراعة، بحلول عام 2050، سيتعين على الزراعة إنتاج ما يقرب من 50٪ من المواد الغذائية أكثر مما أنتجته فى عام 2012 لتلبية الطلب العالمى وتحقيق هدف "القضاء التام على الجوع".
ووفقا للتقرير توقعات النمو السكانى تفرض تغيير الاتجاه، ومع ذلك، وفقًا لتوقعات منظمة الأغذية والزراعة، بحلول عام 2050، سيتعين على الزراعة إنتاج ما يقرب من 50٪ من الأغذية والألياف والوقود الحيوى أكثر مما أنتجته فى عام 2012 لتلبية الطلب العالمى وتحقيق هدف "القضاء على الجوع". هذا هو ثانى أهداف التنمية المستدامة، ولتحقيق ذلك، يجب على الإنسانية أن تضع حداً لتدهور موارد الأراضى والمياه، الناجم عن إزالة الغابات، والرعى الجائر، وتلوث التربة والمياه، مما يضر بشكل خطير باستدامة إنتاج الغذاء.
تجريف التربة
ومن الواضح أن تدهور جودة التربة هو أحد التحديات التى تتطلب التزامات وإجراءات أكثر حزما، نظرا لتداعياته على الأمن الغذائي، وخاصة فى بلدان العالم الثالث، من البيانات التى جمعتها منظمة الأغذية والزراعة، يبدو أن ثلث أراضى الكوكب فى مستوى متوسط إلى مرتفع من التدهور، بسبب التعرية وندرة المياه ونضوب المغذيات وتحمض. تُظهر تقديرات الأمم المتحدة خسائر اقتصادية تصل إلى 1.3 مليار دولار يوميًا، بما فى ذلك فى هذا الحساب التأثير على موارد المياه، وتدهور التربة وفقدان التنوع البيولوجي.
وقال وكالة الأمم المتحدة من تقريرها حالة موارد الأراضى والمياه فى العالم، "معظم الضغوط على الأرض والتربة وموارد المياه ناتجة عن الزراعة نفسها" وهناك، بالإضافة إلى ذلك، هناك دعوة للفت الانتباه إلى "تداعيات تراكم الضغوط على الأرض والمياه.
فى المجتمعات الريفية، لا سيما حيث تكون قاعدة الموارد محدودة والاعتماد مرتفعًا، وإلى حد ما، فى سكان المناطق الحضرية الفقيرة حيث تندر مصادر الغذاء البديلة، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، سيعيش ثلاثة أرباع البشر فى مناطق قاحلة وسيعيش ربعهم فى مناطق تعانى من ندرة مزمنة فى مياه الشرب.
تأثير إزالة الغابات
ووفقا لتقرير الصحيفة الارجنتينية فإن هناك فصل خاص فى تدهور التربة هو فصل إزالة الغابات، الذى حددته منظمة الأغذية والزراعة على أنه "تحويل الغابات إلى نوع آخر من استخدام الأراضى، بغض النظر عما إذا كان ذلك ناتجًا عن البشر أم لا". وما هى أهمية الغابات فى التوازن البيئي؟ وهى أنظمة بيئية تغطى 4060 مليون هكتار، وتمثل 31٪ من سطح الأرض، وهى موطن لـ 80٪ من أنواع البرمائيات، و 75٪ من الطيور، و 68٪ من الثدييات على الكوكب، من حيث التخفيف من آثار تغير المناخ، تحتوى مناطق الغابات على 662 مليار طن من الكربون، وهو ما يشكل أكثر من نصف مخزون الكربون فى العالم.
فى العقدين الماضيين، أدت إزالة الغابات إلى حرمان كوكب الأرض من 420 مليون هكتار، وبين عامى 2010 و 2020، حدثت أكبر الخسائر الصافية فى أمريكا الجنوبية وأفريقيا.