ملفات دولية تؤثر على التكتل الأوروبى تنتظر السويد التي ترأس الدورة الجديدة للمجلس الأوروبى مع بداية العام المقبل ، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ التكتل خاصة مع وجود "الديمقراطيين السويديين" حزب اليمين المتطرف في الحكومة الائتلافية الجديدة والتي تتسم بسياسات صارمة في مجال الهجرة واللجوء.
الأوروبيون ينتظرون قرارات السويد بشأن دعم أوكرانيا، وإصلاح ملف اللجوء، والتجارة وحرية الإعلام والغابات والتغير المناخى، والبريكست، بالإضافة إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي التي أنهكتها الأزمات الاقتصادية والحروب.
وحسب مجلة Politico، قد تحاول الحكومة السويدية الجديدة التأثير على القوانين في الاتحاد الأوروبي، حيث قال جيمي أكيسون، زعيم "ديمقراطيو السويد"، خلال جلسة برلمانية في وقت سابق من هذا الشهر، إنه "يأمل في الابتعاد عن الفكرة شبه المجنونة، المتمثلة في تدخل الاتحاد الأوروبي في السياسات الداخلية للدول الأعضاء".
وفي نهاية نوفمبر، كتبت زعيمة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، إيراتكسي غارسيا بيريز، بعد رحلة إلى ستوكهولم، تغريدة على موقع تويتر أعربت من خلالها عن قلقها بشأن التأثير السلبي لأقصى اليمين السويدي على الحكومة السويدية، وكذلك على رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي.
الحرب الأوكرانية قضية جيوسياسية في الاتحاد الأوروبى
وتهيمن الحرب الأوكرانية كقضية جيوسياسية على رئاسة السويد، والتي تمثل خلفية أساسية لعملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي في كل شيء من السياسة الخارجية والأمنية إلى الطاقة والزراعة.
وصرح وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم لصحيفة فاينانشيال تايمز، أن "العدوان الروسي على أوكرانيا سيكون على رأس جدول أعمال رئاستنا، ونحن على استعداد للمساهمة بأكبر قدر ممكن من الدعم السياسي والمالي والعسكري والإنساني لأوكرانيا طالما كان ذلك ضروريًا".
وعلى الرغم من أن خدمة العمل الخارجي الأوروبي، من الناحية الفنية، ورئيسها جوزيب بوريل، يتولى زمام القيادة في قضايا السياسة الخارجية - حيث يترأس كل مجالس الشؤون الخارجية المهمة - فإن الرئاسة السويدية ستلعب دورًا رئيسيًا، وعلى وجه الخصوص، سيتم تكليف السويد بصياغة اتفاق بشأن أي حزم عقوبات مستقبلية ضد روسيا وأي تحركات أخرى بشأن إجراءات الطاقة، مثل مراقبة الأسعار أو المشتريات المشتركة للطاقة.
و مع تفاقم الآلام الاقتصادية الناجمة عن الحرب، سيكون التوصل إلى اتفاقات أكثر صعوبة، حيث تضغط بولندا ودول البلطيق من أجل رد أقوى على العدوان الروسي في أوكرانيا، مثل تشديد العقوبات والمزيد من المساعدات العسكرية، لكن الدول الواقعة في غرب وجنوب التكتل سترغب في ضمان ألا تؤثر أي إجراءات جديدة على مصالحها بشدة.
ملفات الهجرة واللجوء تثير قلق أوروبا من رئاسة السويد
ويبقى ملف قضية إصلاح قواعد اللجوء كعب أخيل في الاتحاد الأوروبي، حيث كافح الاتحاد بشأن كيفية إصلاح قواعد اللجوء منذ أزمة الهجرة في 2015-2016، مع إحراز تقدم ضئيل أو معدوم، و أدى عدم القدرة على إيجاد توافق في الآراء إلى ابتزاز مجموعة من الحكام مثل ألكسندر لوكاشينكو من بيلاروسيا.
و في سبتمبر 2020 ، قدمت المفوضية اقتراحًا جديدًا لإصلاح اللجوء في الاتحاد الأوروبي ، يسمى ميثاق الهجرة، على الرغم من عدم إحراز تقدم كبير حتى الآن، كانت هناك آمال في أن تتمكن الرئاسة السويدية من اتخاذ خطوات واسعة نحو إغلاق الملف بحلول نهاية هذا الفصل التشريعي في عام 2024، ولكن هذه الآمال تلاشت مع حكومة يمين الوسط الجديدة التي تعتمد على الدعم من حزب الديمقراطيين السويديين المناهض للهجرة.
استخدام البيانات الصحية لابد وأن يشمل ضمانات خصوصية و حماية البيانات
كما تتولى السويد في دورتها الجديدة ملف استخدام البيانات الصحية بشكل جيد، حيث يتعين على السويديين التأكد من أن التشريع يتضمن ضمانات كافية حول الخصوصية وحماية البيانات، مع عدم إضافة عقبات بيروقراطية إضافية للأنظمة الصحية المتوترة بالفعل.
وكانت المفوضية الأوروبية قدمت اقتراحها في مايو ، وعملت الرئاسة التشيكية جاهدة لإنهاء الملف، بينما ركز التشيكيون على صياغة حول الاستخدام الأساسي للبيانات الصحية، وسيكون لدى السويديين مهمة أكثر إثارة للجدل وهى تحديد كيفية استخدام هذه البيانات في البحث وصنع السياسات.
تنويع سلاسل التوريد واتفاقيات تجارية جديدة ضرورة لمواجهة قانون التضخم الأمريكي
كما تدفع السويد في رئاستها والاتحاد الأوروبي ككل لتنويع سلاسل التوريد وتعزيز الروابط الاقتصادية للكتلة في جميع أنحاء العالم من أجل إبقاء الشركات والمستهلكين على حال جيدة حيث تواجه أوروبا تباطؤًا اقتصاديًا مؤلمًا، واحتمال اندلاع حرب تجارية عبر المحيط الأطلسي.
وستضغط السويد من أجل الحفاظ على تدفق التجارة غير المقيدة من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، لكن ستوكهولم حريصة أيضًا على إنهاء تراكم الصفقات التجارية للاتحاد الأوروبي التي لا تزال تنتظر توقيع البرلمان الأوروبي ودول الاتحاد الأوروبي لدخولها حيز التنفيذ، بما في ذلك الاتفاقيات مع نيوزيلندا وتشيلي والمكسيك، كما سترغب في دفع المحادثات التجارية مع أستراليا وإندونيسيا والهند.
وتأمل السويد في إحراز تقدم في توقيع اتفاقية الكتلة مع دول ميركوسور البرازيل والأرجنتين وأوروجواي وباراجواي أيضًا، حيث تحسنت احتمالات النجاح مع عودة لويس إيناسيو "لولا" دا سيلفا إلى السلطة في البرازيل.
و تواجه الأجندة الليبرالية للسويديين رياحًا معاكسة قوية حيث تشرع الولايات المتحدة في برنامج ضخم للإعانات الحكومية العام المقبل بقيمة مئات المليارات، و سيرغب دعاة الحماية في أوروبا في حماية صناعات الاتحاد الأوروبي من خلال التدابير الدفاعية الخاصة بالكتلة.
ملف مكافحة الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت
وتناقش الرئاسة السويدية أيضًا ملف مكافحة الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت، فمع انتشار ملايين مقاطع الفيديو والصور الخاصة بالاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت، فإن لائحة الاتحاد الأوروبي المقترحة لمكافحتها قد تجبر شركات التكنولوجيا مثل WhatsApp وInstagram وGoogle على اكتشاف هذا المحتوى غير القانوني وإزالته والإبلاغ عنه، وسيتعين عليهم أيضًا فحص رسائل الأشخاص للعثور على محادثات بين الجناة المحتملين والقصر، وقد يؤدي عدم الامتثال إلى غرامات ضخمة تصل إلى 6 % من الإيرادات العالمية للشركات.
وسيواجه الاتحاد الأوروبى مخاوف جدية من هذا التشريع بشأن الحقوق الأساسية بين النشطاء، وشركات التكنولوجيا وهيئات حماية البيانات الأوروبية ، وحذروا من أن القانون يمكن أن يقوض التشفير ويؤدي إلى مراقبة جماعية.
استراتيجية حماية الغابات
وفى الوقت الذى عرفت فيه السويد بانتقادها استراتيجية الغابات لعام 2030 ، بحجة أنها تعطي سابقة لحماية البيئة على التنمية الاقتصادية لقطاع الغابات، وانتقاد البرلمان السويدي قانون استعادة الطبيعة الذي تم تقديمه هذا الصيف باعتباره تجاوزًا لبروكسل، سيُطلب من السويد في رئاسته الجديدة، الانتهاء من مراجعة توجيه الطاقة المتجددة لأن الرئاسة التشيكية لم تنجح في إتمامها ، مع وجود نقطة توتر كبيرة مع البرلمان هي ما إذا كان حرق بعض الأشجار من أجل الطاقة يجب اعتباره متجددًا ، و ولا سيما ما إذا كان الدعم الحكومي لهذا ينبغي أن يتم التخلص التدريجي.
ومن المتوقع أن تبدأ ستوكهولم فقط المحادثات الأولية داخل المجلس حول آلية شهادة إزالة الكربون، والتي قدمتها المفوضية في نهاية نوفمبر، وقالت السويد بالفعل إنها ستنظم ورشة عمل مع وزراء الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين حول هذا الموضوع خلال فترة ولايتهم، وقال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون الشهر الماضي إن حكومته ستدفع الأهداف المناخية المرتفعة فقط إذا لم "تخنق الابتكار".
وأضاف أنه سيدعو أيضًا خلال رئاسة المجلس "إلى أن يأخذ الاتحاد الأوروبي في الاعتبار الكامل الدور الذي تلعبه الغابات في مكافحة تغير المناخ كمصدر للطاقة وقاعدة للمنتجات المستدامة وكمحرك اقتصادي"، علاوة على مساهمتها في الحفاظ على التنوع البيولوجي وكتخزين ثاني أكسيد الكربون، وسيجد حلفاء في دول كثيفة الغابات مثل النمسا وسلوفينيا وسلوفاكيا وفنلندا ودول البلطيق.
بروتوكول أيرلندا الشمالية
كما تناقش السويد بروتكول أيرلندا الشمالية، حيث استمرت أيرلندا الشمالية دائمًا أصعب ساحة خروج من الاتحاد الأوروبي، حتى بعد خروج المملكة المتحدة ، و تجادل لندن بأن البروتوكول - الذي يفرض بعض الضوابط على التجارة بين البر الرئيسي لبريطانيا وأيرلندا الشمالية لحماية السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي - بيروقراطي للغاية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك إنه يريد حل الخلاف على الصفقة بحلول أبريل ، لكن دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي يشككون في أن هذا سيحدث.
فيما قال وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم لصحيفة فاينانشيال تايمز إنه يود رؤية تحسن في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة خلال الرئاسة السويدية و "تحريك الملف" بشأن البروتوكول.
توفير الطاقة ضروروة لمواجهة أزمات الشتاء
كما أن ملف توفير الطاقة يطفو على السطح، خاصة مع استمرار ارتفاع مستويات تخزين الغاز، حيث يشعر المسؤولون بتفاؤل حذر بأن الاتحاد الأوروبي سوف يتخلص من الشتاء دون أزمة إمدادات كبيرة تنطوي على انقطاع التيار الكهربائي. لكن السباق مستمر الآن لحماية الكتلة من أزمة طاقة أخرى في الشتاء المقبل.
الأمر الذى أعطى الإلحاح المتجدد للتعامل مع العديد من ملفات الطاقة الأساسية لحماية الاتحاد الأوروبي في عام 2023 ، بما في ذلك إعادة تصميم جذري محتمل لسوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي، من أجل تعزيز كفاءة الطاقة ، والتي يمكن أن تحدث فرقًا العام المقبل إذا انخفضت تدفقات الغاز الروسي أكثر.