أدت حكومة بنيامين نتنياهو اليمين القانونية كأكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا وتشددا خلال العقود الأخيرة، وستركز الحكومة الجديدة على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وسن قوانين وتشريعات تمكن الاحتلال من مصادر المزيد من الأراضي والمنازل الفلسطينية في الضفة والقدس.
ويضم تحالف نتنياهو حزبي الصهيونية الدينية والقوة اليهودية اللذين يعارضان قيام دولة فلسطينية. وسبق أن حرض زعيما الحزبين، وكلاهما من المستوطنين بالضفة الغربية، ضد النظام القضائي الإسرائيلي والأقلية العربية، وتعهد نتنياهو مرارا بتعزيز التسامح والسعي لتحقيق السلام. وقال في كلمة أمام الكنيست، إن "إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي" على رأس أولوياته، إلى جانب إحباط برنامج إيران النووي ودعم القدرات العسكرية لإسرائيل.
وصدق الكنيست على حكومة بنيامين نتنياهو بموافقة 63 صوتا من أصل 120، قبل أدائها اليمين الدستورية، وأضفى تشكيل حكومة نتنياهو مزيدا من القتامة مع تصاعد أعمال العنف في الضفة الغربية، والتوسع للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية التي يأمل الفلسطينيون أن تكون جزءا من دولتهم في المستقبل.
بدوره، أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية مؤمن مقداد أن الشأن الداخلي سيكون أحد أبرز الملفات التي ستركز عليها حكومة نتنياهو المتطرفة، مشيرا لوجود مخاوف داخلية من مساس هذه الحكومة بالحريات العامة، ما أدى لتظاهر آلاف الإسرائيليين تعبيرا عن رفضهم لهذه الحكومة، مرجحا أن يلجأ نتنياهو لسياسة "سيمسك العصا من النصف كي لا يكون هناك خلافا مع المتشددين في حكومته والعمل على إرسال رسائل طمأنة للإسرائيليين."
ولفت مقداد في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إلى أن ملف الضفة الغربية من أهم الملفات التي سيعمل عليها بنيامين نتنياهو نتيجة حالة التوتر بمحاولة إظهار القوة والقدرة على السيطرة، وذلك بعد انتقاده لسياسات الحكومة السابقة التي لجأت لسياسة فتح قنوات اتصال مع السلطة الفلسطينية.
وتوقع الخبير في الشؤون الإسرائيلية عودة قطيعة حكومة الاحتلال للسلطة الفلسطينية وسيقتصر التواصل على ملف التنسيق الأمني، مؤكدا وجود نوايا لسن قانون تنفيذ أحكام الإعدام ضد الفلسطينيين المنفذين للعمليات الفدائية، إخلاء خان الأحمر، تهويد الشيخ جراح، وتغيير الوضع القانوني في القدس والاقصى وهو ما سيشكل توتر كبير، مضيفا "الجانب الأمريكي يرفض أي تحركات للحكومة الإسرائيلية الجديدة لإفشال حل الدولتين."
وتوقع الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن القيادة الفلسطينية ستعاني بشكل كبير في مواجهة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تتبع سياسات متشددة وحاقدة على الوجود العربي بشكل عام، موضحا أن الكتاب الإسرائيليين توقعوا تصعيدا سياسيا من قبل القيادة الفلسطينية في ظل القطيعة التي يتبعها نتنياهو مع الفلسطينيين، موضحا أن حالة الفوضى التي يمكن أن تحدث في الضفة الغربية ستكون "تعبيرا عن عدم الرضا لحكومة الاحتلال ولن يكون ذلك في صالح السلطة لأن الاحتلال يسيطر على الضفة ويمتلك أوراق ضغط ...وضع نتنياهو في الحكومة الجديدة أضعف مما كان عليه في السابق مع وجود شخصيات مؤثرة وفاعلة في حكومته."
في السياق نفسه، أكد الكاتب السياسي الفلسطيني حسام الدجني لـ"اليوم السابع" أن تطبيق بنيامين نتنياهو للاتفاق بينه وبين "سموتريش" و "بن غفير" فيما يتعلق بالضفة الغربية وأهمها تطبيق خطة الضم وشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية وتغيير الأمر الواقع في القدس، تطبيق قانون الإعدام، فإن خيارات القيادة الفلسطينية ستكون قبول الواقع الجديد وهذا يعني تآكل مشروعية السلطة والمنظمة لدى الرأي العام الفلسطيني، الالتحام مع الجماهير عبر تطبيق كامل لتوصيات المجلس المركزي وتغيير وظيفة ودور السلطة والذهاب نحو مواجهة مفتوحة على كل الجبهات السياسية والميدانية والقانونية والدبلوماسية والإعلامية، حل السلطة وتقديم مفتاحها لنتانياهو من أجل تحمل مسئولية ملايين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية.
إلى ذلك، أكد أيمن الرفاتي الخبير المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أن هناك عدد من الملفات البارزة أمام حكومة نتنياهو هي قضية الاستيطان وتعزيزه في الضفة الغربية المحتلة كأحد التعهدات التي قدمتها حكومة اليمين المتطرفة خلال الحملات الانتخابية، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية ستعمل على سن قوانين لتجاوز دور المحكمة العليا الإسرائيلية وهو ما سيمكن نتنياهو وحكومته من تجاوز المشكلة القضائية وغلق ملف محاكمته، بالإضافة لتجاوز دور المحكمة العليا في منع سن قوانين تم الاتفاق على سنها بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
ولفت "الرفاتي" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إلى أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الجديدة ستركز على إضعاف السلطة الفلسطينية وإنهاء أي أمل للفلسطينيين بإقامة دولة لهم خلال الفترة المقبلة عبر سياسات تشمل ضم الضفة الغربية، سيطرة الاحتلال على مساحات جديدة وتنشيط الاستيطان، وضم العديد من المستوطنات غير الشرعية في الضفة إلى إسرائيل، وهو ما يقوض فرص تفعيل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لأن هذا التحرك سيقضي على أي آمال لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل.
وأوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية إلى أن السياسات التي تعهدت به الصهيونية الدينية وتولى "بن غفير" وزارة الأمن القومي ووجود شخصيات يمنية متطرفة في هذه الحكومة قد تدفع لتجاوز الخطوط الحمراء لدى الفلسطينيين وخاصة ما يتعلق بالقدس أو الأقصى، أو التضييق على الأسرى، مما يمكن أن يؤدي لتفجر الوضع وصدام بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال، مرجحا إمكانية اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة خلال الفترة المقبلة كردة فعل على التجاوزات الإسرائيلية المتوقعة.
فيما، قال حزب الليكود المحافظ بزعامة نتنياهو، إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة "ستدعم وتعزز الاستيطان" في مناطق "للشعب اليهودي حق خالص لا يقبل المساس" فيها.
وتعتبر معظم القوى الدولية بناء المستوطنات على أراض تم الاستيلاء عليها خلال الحرب غير قانوني، وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية إن هذه الخطوط العريضة التي أعلنها حزب الليكود تمثل "تصعيدا خطيرا وسيكون لها تداعيات على المنطقة".
ويقول نتنياهو، الذي يبدأ الآن ولايته السادسة، إنه سيعمل من أجل جميع الإسرائيليين. ويبدو أنه يحجم في الوقت الراهن عن السعي لضم أراض في الضفة الغربية، وهي سياسة كان يتبعها في السابق من شأنها أن ترضي قاعدة المستوطنين بينما تضع إسرائيل في مسار تصادمي مع واشنطن والدول العربية.
واختار نتنياهو إيتمار بن غفير، وهو مستوطن في الضفة الغربية أدين في عام 2007 بالتحريض ضد العرب ودعم جماعة يهودية متشددة على قوائم الإرهاب الإسرائيلية والأميركية، لمنصب الوزير المسؤول عن الشرطة. ويقول بن غفير، وهو محام، إن مواقفه أصبحت أكثر اعتدالا.